المملكة المتحدة التي «لا تغيب الشمس» عن أطرافها المترامية شرقاً وغرباً، من المحيط إلى المحيط، هل شَارف ضياء شمسها أن يأفَل تزامناً مع انطفاء نجم ملِكتها إِليزَابِيث الثّانية بعد سطوعه ما يقارب قرناً من الزمن؟
على هذه المشارف، يكابد سادس أقوى اقتصاد في العالم كما يصنّف، تحديات التدهور وتداعياتها من ارتفاع الأسعار، وأزمة التضخم، بسبب عدم الاستقرار السياسي، إضافة إلى تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما أحدثته من خلل في موازين التبادلات التجارية، وكذلك تبعات جائحة كورونا، زد على ذلك تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
في هذه الأوضاع الراهنة لمفترق طريق بين الصمود والانهيار، يأتي استلام امرأة لمشعل رئاسة الوزراء، للمرة الثالثة في تاريخ المملكة العظمى، في ذات حقبة الحكم للمملكة نفسها، ليُلوِّح بضياء في أفق قَتامَة ضباب الكساد الاقتصادي والركود، ومواجهة أزمة الوقود.
فجاء تَقلُّد ليز تراس الوزارة الأولى، ليحمل المخيال الجمعي للبريطانيين، بوعي أو بدون وعي، الذّاكرة إلى أول تعيين وزيرة، متخطّياً التّعيين الأسبق، بتَمثُّلِ، ذاك الماضي بالحاضر، فيه عملية إسقاط ومحاولة إحياء لفكر وقيادة «تاتشرية»، بأحوج ما تكون لها الظروف الراهنة، من أزمات اقتصادية وسياسية وانقسامات داخل الحزب الحاكم، لضبط زمام الأمور بقبضتها الحديدية وروحها الوطنية.
فهل يلقى هذا التَّمثل والإحياء لفكر علامة سياسية في تاريخ بريطانيا، وتاريخ القيادة النّسوية، تفعيله وفق المتغيرات التّابعة للواقع الحالي من خلال تراس كمتغير ثابت باعتبار انحداره من حزب المحافظين قد يكون تابعاً باعتبار اختلاف شخصه؟
أم أن هذا الأمر في حد ذاته يشكل أكبر تحدٍ تواجهه تراس من حيث إقناع الشارع البريطاني إلى جانب تحديات الانقسامات البليغة داخل حزبها إضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تكبّد كاهلها أثقالاً علاوة على محدودية حجم خبرتها السياسية؟