المراقب لتصريحات جميع أطراف مفاوضات الاتفاق النووي، سيدرك أن هناك تأجيلاً للمفاوضات، واستكمال الاتفاق ما بعد نوفمبر 2022، في ضوء مواقف إيران المتصلبة والتي من الواضح أنها تسعى للمماطلة، بحيث تسير على «مسارين» أولها الاستمرار في تخصيب اليورانيوم طالما لا يوجد اتفاق، والثاني هو الخروج باتفاق يضمن مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية.
خرج «البيان الثلاثي الأوروبي» المتمثل في -بريطانيا ألمانيا فرنسا- ليكشف عدم خضوع إيران للشروط، بل ومطالبتها بإيقاف تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المواقع النووية المشبوهة، ومع اقتراب الانتخابات النصفية الأمريكية والانتخابات الإسرائيلية، أعتقد برأيي لن يكون هناك تقدم في المفاوضات.
ومن الواضح أن هناك صفقة تلوح في الأفق ما بعد الانتخابات النصفية للكونجرس، حيث عرض المعسكر الغربي «بمباركة أمريكية» تفاهمات لإقناع إيران بالقبول بالاتفاق النووي بمسودته الأخيرة، على أن يتم الإفراج عن أموال إيرانية محتجزة بموجب العقوبات الدولية الأمريكية، والتي تصل إلى 16 مليار دولار. ولذلك، ليس من مصلحة إدارة بايدن تمرير الاتفاق قبل الانتخابات النصفية، حتى لا تستغل من الجمهوريين ضدهم، والذي قرر ممثلهم الرئيس السابق دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في العام 2018.
هل ستقبل إيران صفقة الإفراج عن الأموال الإيرانية مقابل قبولها التوقيع على الاتفاق النووي؟ وإن لم تقبل، فهل هذا يعني أنها مصرة على ضمانات اقتصادية أكبر، مثل الحفاظ على نفوذها في لبنان والعراق؟ وهل ستقبل إيران الصفقة دون رفع العقوبات عن الحرس الثوري، أم ستستمر في تصلبها وستطالب بإلغاء كافة العقوبات عن الحرس الثوري؟ من الصعب فهم استراتيجية إيران حول الاتفاق النووي، وأعتقد أن عدم وجود اتفاق ملزم سيعطي إيران الوقت اللازم في تخصيب اليورانيوم فوق الحد المسموح.
ضبابية الاستراتيجية الإيرانية بشأن الاتفاق النووي يأتي من منطلق منهجها المعادي، وإصرارها الواضح على دعم الميليشيات الإرهابية، ونستطيع أن نشاهد تصرفاتها العدائية في العراق، ومحاولتها الحفاظ على نفوذها، ولو كان غالبية الشعب العراقي يرفضون وجودها، ونستطيع أن نشاهد الوضع الاقتصادي المنهار الذي وصلت إليه لبنان بسبب نفوذ حزب الله.
تجاهل إيران لكافة النوايا الإقليمية ومبادرات الدول العربية الحسنة، أمر غريب جداً في ظل الوضع الاقتصادي السيء الذي تمر به، ولا يمكن تفسيره بغير أنها مصرة على المماطلة، لامتلاك سلاح نووي تبتز به المنطقة العربية والعالم، ما يجعلنا نتساءل حول فعالية المفاوضات الغربية وجدواها؟ وإن وصلت لمرحلة من اليأس لتمنع إيران من امتلاك سلاح نووي؟