يتوجه حجاج بيت الله الحرام، غداً الأربعاء، التاسع من شهر ذي الحجة، إلى مشعر عرفات، للوقوف بصعيدها الطاهر، وأداء الركن الأعظم للحج، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة".وأكملت السلطات السعودية استعداداتها، وسط خدمات نوعية ومتكاملة، لاستقبال أكثر من مليوني حاج في مشعر عرفات، الواقع على بعد 25 كيلو متراً شرقي المسجد الحرام.ويقصد الحجاج منذ طلوع شمس اليوم التاسع ذي الحجة، عرفات، يقفون على صعيدها، ويؤدون فيها صلاتي الظهر والعصر، جمعاً وقصراً، ثم يشرعون في الدعاء والتلبية والابتهال إلى الله، حتى تغرب الشمس، وبعدها يتوجهون إلى مزدلفة للمبيت بها.ويكفي الحاج لأداء الركن الأعظم الوقوف بأي مكان في عرفة، إلا الأماكن التي استثناها النبي صلى الله عليه وسلم، كبطن عرنة، وهو وادٍ يمر بطرف عرفة من جهة الغرب عند مسجد نمرة.كما أن الحاج إذا وقف الحاج بعرفة ليلاً، ولو للحظة، صحّ حجّه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من أدرك عرفات بليل، فقد أدرك الحج".ويفضل بعض الحجاج الصعود إلى عرفة، منذ اليوم الثامن، ففي الوقت الذي يستقر فيه الحجاج بمنى يوم التروية، يقصد الضعفة والعجزة من الحجاج عرفات مباشرة، استباقاً للزحام.وفي هذا الصدد، أعلنت السلطات الصحية السعودية، تسيير قافلة طبية لتصعيد الحجاج المصابين في حادثة رافعة المسجد الحرام البالغ عددهم 31 حاجا، يرافقهم 108 كوادر طبية، إلى عرفات باستخدام الطيران العمودي للهلال الأحمر السعودي وثماني إسعافات وثلاث حافلات، مزودة جميعها بالتجهيزات الطبية والغذائية اللازمة.استعدادات متكاملةوأعدّت السلطات السعودية خطة مرورية متكاملة لتصعيد الحجاج إلى عرفات، تبدأ من الثانية فجراً من يوم عرفة، وتستمر حتى الثالثة ظهراً.وكشف الأمين العام لنقابة السيارات وشركات النقل، المتحدث الرسمي مروان زبيدي لوكالة الأنباء الإسلامية الدولية "إينا"، أنه سيتم تصعيد 17833 حافلة إلى مشعر عرفات.وقال زبيدي إنه سيجري تصعيد حجاج الدول العربية، وجنوب آسيا، بنظام النقل الاعتيادي (الرد والردّين)، في حين ستكون الأسبقية في التصعيد لحجاج المؤسسات، التي تخدم في خطوط النقل التردّدي، وهم حجاج مسلمو أوروبا وتركيا، وحجاج جنوب شرق آسيا، وحجاج إفريقيا غير العربية، إلى جانب حجاج إيران.وأوضح زبيدي أن نظام النقل الترددي يعتمد على خطوط سير محجوزة مسبقاً، لافتاً إلى أن النقل الترددي يخفّض الحافلات بنسبة 35 في المائة، كما أنه يسهم في سرعة نقل الحجاج، وإسكانهم في مناطقهم بمشعر عرفات.وأضاف زبيدي أن تصعيد الحجاج في هذه الخطوط يجري بإشراف مباشر من وزارة الحج، وبتنسيق كامل مع الجهات الأمنية، مبيناً أن نفرة الحجاج إلى مزدلفة ستجري بنفس الخطة ابتداء من مغرب يوم عرفة.بدورها، كثّفت السلطات الصحية انتشارها في المشاعر المقدسة، ونشرت 25 ألف عنصر من أطقمها الطبية، كما شدّدت من رقابتها الوبائية، لمنع توافد الفيروسات إلى أرض المشاعر.وفي مشعر عرفات، جهّزت السلطات مهبطاً للطائرات العمودية في مستشفى عرفات العام، ومستشفى شرق عرفات، تحسّباً لأي طارئ، وخصصت 46 مركزاً صحياً بالمشعر، إلى جانب 6 نقاط طبية، لتسريع الوصول للحجاج.وركزت الجهات الصحية في انتشارها على المناطق التي تشهد كثافة أكبر، مثل مسجد نمرة وجبل الرحمة الذي تمت تغطيته بـ 24 فرقة تحسباً لحالات السقوط، وضربات الشمس التي تنتج عن إصرار بعض الحجاج على الصعود للجبل.ونظراً لحرارة الجو، عمدت السلطات إلى تركيب 2545 عامود رشاشات مياه في طرق المشاة من عرفات إلى نهاية مزدلفة، كل عامود به 5 رشاشات.ونشرت السلطات قوة كبيرة من عناصر الدفاع المدني، موزعة على 37 فرقة إطفاء، كما غطت جميع أرجاء عرفة بـ266 مجموعة إشراف وقائي لتشغيل مآخذ مياه الحريق في حالات الطوارئ، ومتابعة اشتراطات السلامة في مخيمات الحجيج بمشاركة 200 دراج.وأعدت السلطات السعودية خطة متكاملة لإخلاء أعداد كبيرة من الحجاج إلى مواقع الإيواء داخل عرفات في حالات الطوارئ التي قد تتطلب ذلك، وتوفير المستلزمات بمعسكرات الإيواء من خدمات الرعاية الصحية والإعاشة والإغاثة.معالم عرفاتوعلى الرغم من أن عرفة كلها موقف، كما جاء في الأحاديث الشريفة، إلا أن الحجاج يتركّزون عند معالم معينة بالمشعر، منها جبل الرحمة، وهو جبل صغير يتكون من حجارة صلدة كبيرة يقع في شرق عرفات بين الطريق رقم (7) و(8)، وسطح الجبل مستوٍ واسع، ويبلغ محيط جبل الرحمة 640 مترا، وعرضه شرقا 170 مترا، وغربا 100 متر، وطوله شمالا 200 متر، وجنوبا 170مترا، ويبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 372 مترا، وارتفاعه عن الأرض التي تحيط به 65 مترا.ويحتشد الحجاج بأعداد كثيفة عند جبل الرحمة، للدعاء وطلب المغفرة، تأسياً بالرسول الكريم الذي صعده في حجة الوداع، واعتقاداً من بعضهم أن حجه لن يتم إلا بالوقوف على الجبل، وهو ما دفع سلطات الإفتاء إلى أن تبين أنه لا يلزم الحجاج أن يذهبوا إلى جبل الرحمة، ولا يلزمهم أن يروه أو يشاهدوه، كما أنه لا يستحسن أن يستقبلوه حال الدعاء، وإنما يستقبلون الكعبة المشرفة.ويأتي بعد جبل الرحمة، مسجد نمرة، وقد بني في الموضع الذي خطب فيه الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في أول عهد الخلافة العباسية، منتصف القرن الثاني الهجري، ويقع إلى الغرب من المشعر وجزء من غرب المسجد في وادي عرنة.وطالت المسجد توسعات عدة، على مر العصور، كان أكبرها في العهد السعودي، إذ صار طوله من الشرق إلى الغرب 340 متراً، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 240 متراً، ومساحته أكثر من 110 آلاف متر مربع، وتوجد خلف المسجد مساحة مظللة تقدَّر بـ8 آلاف متر مربع، ويستوعب المسجد نحو 350 ألف مصل، وله ست مآذن، ارتفاع كل مئذنة منها 60 متراً، وله ثلاث قباب، وعشرة مداخل رئيسة تحتوي على 64 باباً، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية.ويستمع الحجاج في هذا المسجد إلى خطبة يوم عرفة، ثم يصلون الظهر والعصر جمعاً وقصراً، تأسياً بالرسول الكريم.ومن معالم عرفات مسجد يُسمَّى بمسجد الصخرات، وهو يقع أسفل جبل الرحمة على يمين الصاعد إليه، وهو مرتفع قليلا عن الأرض، يحيط به جدار قصير، وفيه صخرات كبار، وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيَّة عرفة، وهو على ناقته القصواء.
International
الحجاج يتوجهون غدا لعرفات لأداء الركن الأعظم
22 سبتمبر 2015