شهد المسرح المرن بمسرح البحرين الوطني اليوم الثلاثاء الموافق 20 سبتمبر 2022م انطلاقة أعمال الملتقى الوطني الرابع للتراث الثقافي غير المادي بحضور سعادة الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة مدير إدارة التراث الوطني بهيئة البحرين للثقافة والآثار وعدد من المسؤولين بهيئة الثقافة إلى جانب تواجد عدد من الشخصيات الثقافية والإعلاميين والمهتمين بشؤون التراث والآثار في مملكة البحرين.
وبهذه المناسبة أكد سعادة الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة مدير إدارة التراث الوطني قائلاً:" تتجلى عناصر التراث غير المادي في مملكة البحرين في مظاهر اجتماعية عديدة، كما وتعد الفنون الاحتفالية المرتبطة بطقوس اجتماعيّة من ضمن الممارسات التي احتفظت بطابعها القديم والتي لازال أهل المملكة يؤدونها بهيئتها الأصلية التي ورثنها عن أجدادنا"، مؤكداً على أهمية الاحتفاء بمكونات التراث غير المادي، التي هي مرآة عاكسة لتاريخ وثقافة شعب البحرين، وضرورة مواصلة جهود الحفاظ عليها.
وشكر سعادته جميع المشاركين في الملتقى من متحدثين وحاضرين والعاملين على تنظيمه، وتوجّه بخالص الشكر والامتنان لوزارة شؤون الإعلام بكافة إداراتها وكوادرها لتغطية هذا الحدث الاستثنائي.
وتناول الملتقى في يومه الأول العنصرين الأول والثاني من ضمن العناصر الأربعة المخصصة للنسخة الرابعة من ملتقى التراث الثقافي غير المادي وهما: "فن المراداة" و"فنون واحتفالات الزواج"، كما واشتمل برنامج اليوم الأول على جلستين حواريتين بإدارة الإعلامي الدكتور يوسف محمد.
تطرق الحديث خلال الجلسة الحوارية الأولى إلى "فن المراداة" وهو أحد الفنون الغنائية الراقصة التي كانت تؤدى بواسطة النساء فقط وفي مناسبات اجتماعية معينة حيث شارك في الحوار كل من الأستاذ جاسم بن حربان والشيخة حنان بنت حسن آل خليفة، وتناول بن حربان خلال حديثه أصل المراداة ونشأته مع دخول القبائل العربية وكيف يعكس حكايات الناس الاجتماعية، متمنياً رعاية الهيئات الرسمية لهذه الفنون، فيما أوضحت الشيخة حنان آل خليفة خصوصية المراداة في مملكة البحرين، متوقفة عند توثيقها لهذه الفنون، كما دعت أن يدخل هذا الفن على المناهج الدراسية كي يتعرّف عليه الطلاب. وشاركت في الجلسة الأولى فرقة بنات البديّع النسائية حيث قدّمت مداخلات حيّة لفنّ المراداة.
وفي الجلسة الحوارية الثانية تم الحديث عن "فنون واحتفالات الزواج" وهي مجموعة من الطقوس الاحتفالية التي كانت تمارس في مناسبات الزواج والأغاني الشعبية الشهيرة المرافقة لتلك الاحتفالات، وشارك في الحديث كل من الأستاذ جاسم بن حربان واللواء الدكتور مبارك نجم. وتحدّث بن حربان في مداخلته عن مشوار الزواج وأنواع الفنون التي ترافقه وتراتبيتها، فمنها الخاص بالنساء ومنها ما يقدمه الرجال، كما شرح معنى أسماء هذه الفنون متوقفاً عند أهمية كلمات الأشعار والجمل التي تستخدمها هذه الفنون والتي تعكس الحياة الاجتماعية والثقافية والتاريخية، فيما تطرق الدكتور مبارك نجم إلى تأثير هذه الفنون على الذائقة الموسيقيّة متوقفاً عند الموسيقى الخاصة والإيقاعات المرافقة لها والتي تشكّل ميزة هذا اللون من الفنون، وتحدّث عن توثيقه لها، متمنياً إنشاء معهد خاص لدراساتها وتدريب الناشئة عليها مع دعم هذه الدراسات، و عمل تسجيلات مستمرة ودورية من قبل وزارة الإعلام للفنون الشعبية. وشاركت فرقة بن حربان بمداخلات أعطت الجمهور فكرة حيّة عن فنون واحتفالات الزواج.
يذكر أن الملتقى الوطني للتراث الثقافي غير المادي يُعقد باللغة العربية على مدى يومين متتالين الثلاثاء والأربعاء 20-21 سبتمبر 2022م من الساعة 6:00 حتى 9:00 مساءً بمسرح البحرين الوطني، وكانت هيئة البحرين للثقافة والآثار قد أطلقت النسخة الأولى من الملتقى في العام 2019م بهدف إبراز دور التراث الثقافيّ غير المادي في المجتمع البحريني، إثراء البحث العلميّ بما يتعلق بالتراث الثقافيّ وفقًا للتعريفات والالتزامات المذكورة في اتفاقية اليونسكو لعام 2003 والترويج عن المشاريع التي تقوم بها هيئة البحرين للثقافة والآثار وما تقوم به من جهود للحفاظ على استمرارية التراث غير الماديّ.
ويُعرّف التراث الثقافي غير المادي للأمم والجماعات البشرية بأنه مجموعة الطقوس والممارسات التي تتبنّاها الأمم والجماعات في التعبير عن نفسها، والتي تتّخذ مع تقادمها طابعاً مميزاً لدى الشعوب المنتمية إلى ثقافة معينة. كما ويتشكّل لدى هذه الشعوب عبر التاريخ هوية ثقافية عميقة التجذّر يمكن للمختصين بالشأن الثقافي تتبّعها من خلال ملاحظة طرائق معيشتهم وممارساتهم الاحتفالية التقليدية ووسائل التعبير الشفهي المستخدمة لديهم إلى جانب اعتبارات ثقافية أخرى.
كما واعتمد المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو عام 2003 أول وثيقة دولية تضع إطاراً قانونياً وإدارياً ومالياً لصون هذا التراث واحترامه إلى جانب التوعية بأهميته في تحقيق التقارب والتبادل بين المجتمعات البشرية، هذا وتهدف اتفاقية عام 2003 إلى صون التراث الثقافي غير المادي تماشياً مع الاتفاقيات الدولية الأخرى الداعمة للتنمية المستدامة والاحترام المتبادل ما بين المجتمعات البشرية. وعلى الصعيد الوطني، تدعو الاتفاقية إلى صون التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضي الدولة الطرف في الاتفاقية.