سألني الصديق الكاتب والمسرحي يوسف الحمدان في لقاء إذاعي: «كيف تفسر غزارة الإنتاج السّطحي المنسوب خطأ إلى الإبداع الأدبي خلال السنوات الماضية، خاصة في الرواية والشعر؟».
قلت للصديق: «ليس بوسعي أن أصدر حكماً على هذا الإنتاج الذي وصفته بالسطحي. ففيه إضاءات مُلهمة. ولا يخلو بعضه من إبداع لافتٍ. وتاريخ الكتابة كان دائماً يجمع بين اللآلئ والحسك. ولكني أتفق معك بأن واقع الثقافة العربية في الوقت الحاضر، يشهد حالة من التأزم المتفاقم، تترجمه بعض التّشوهات التي تعاني منها هذه الثقافة في العديد من الجوانب. وإذا ما استمرت هذه التشوهات في الاتساع، وعلى هذا النحو وبذات الوتيرة، فإن الثقافة ستتدهور بشكل أكبر في المستقبل.
ولعل اتساع نطاق ما أسميته بثقافة «الاستسهال» التي تفضي في الغالب إلى اختلاط الحابل بالنابل، وضياع الإبداع وسط أكوام الرداءة، هي وجه واحد من وجوه هذه الأزمة المتفاقمة.
وسألني يوسف في ذات السياق: وماذا عن الدور الثقافي المطلوب من الجامعات ولماذا يبدو هذا الدور متراجعاً وربما مسايراً في بعض الأحيان لموجة الاستسهال؟
قلت: سوف يبقى الدور الثقافي للجامعات أساسياً ومهماً، للمساهمة في تطوير الثقافة عامة والإبداع خاصة. من خلال خلق التوازن في العمل الأكاديمي بين المعرفة العلمية-التكنولوجية، من ناحية، والإبداع الفكري والأدبي والفني، من ناحية ثانية. حتى تكون الجامعات منارة للفكر وللإبداع، مثلما هي منارة للمعرفة العلمية والتكنولوجية. بحيث لا تدرس المواد العلمية والتكنولوجية، بمعزل عن الفكر وفلسفة العلوم والقيم والمساءلة النقدية والانفتاح على الثقافة الإنسانية في تجلياتها المختلفة. بحيث يكون دور الجامعات مهماً في تعظيم الفكر والإبداع، ونقد السطحية والثرثرة والتي تكاثرت كميّاً مع قلة في الإبداع. حتى أصبحت بعض النصوص التي يحتفى بها، غارقة في السطحية واللامعنى، ومع ذلك تقدم على أنها إبداع، بل ونموذج للأدب الجديد. بما يهدد بإفساد اللغة والأدب معاً. بل الأخطر من ذلك أن بعض الجامعات لا تجد مانعاً من تحويل بعض تلك النصوص إلى مقررات دراسية، وتوجه لها اهتماماً نقدياً متزايداً، باعتبارها نوعاً من الإبداع الجديد، من دون الحاجة إلى توافر معايير وضوابط سابقة عن هذه النصوص، أو من خارجها. وهذا يعني دعوة مباشرة لكل من هب ودب إلى أن يكتب وأن ينشر.
ولكن هذا لا يعني مطلقاً أنني ضد النصّ المفتوح الذي تنتجه العقول المنفتحة، فتكون هذه النصوص خارجة من عمق المعاناة والتجربة والنظر الفكري والثقافي، بعيداً عن الجمود والتحجر والسطحية. فليس الحل دائماً في «كراسي المعلّم» كما يقول الفيلسوف هنري برغسون. فنحن في حاجة مستمرة لإعادة الاعتبار لكل شمعة قادرة على إضاءة الأماكن المظلمة والفضاءات الدامسة. وللحديث صلة.
قلت للصديق: «ليس بوسعي أن أصدر حكماً على هذا الإنتاج الذي وصفته بالسطحي. ففيه إضاءات مُلهمة. ولا يخلو بعضه من إبداع لافتٍ. وتاريخ الكتابة كان دائماً يجمع بين اللآلئ والحسك. ولكني أتفق معك بأن واقع الثقافة العربية في الوقت الحاضر، يشهد حالة من التأزم المتفاقم، تترجمه بعض التّشوهات التي تعاني منها هذه الثقافة في العديد من الجوانب. وإذا ما استمرت هذه التشوهات في الاتساع، وعلى هذا النحو وبذات الوتيرة، فإن الثقافة ستتدهور بشكل أكبر في المستقبل.
ولعل اتساع نطاق ما أسميته بثقافة «الاستسهال» التي تفضي في الغالب إلى اختلاط الحابل بالنابل، وضياع الإبداع وسط أكوام الرداءة، هي وجه واحد من وجوه هذه الأزمة المتفاقمة.
وسألني يوسف في ذات السياق: وماذا عن الدور الثقافي المطلوب من الجامعات ولماذا يبدو هذا الدور متراجعاً وربما مسايراً في بعض الأحيان لموجة الاستسهال؟
قلت: سوف يبقى الدور الثقافي للجامعات أساسياً ومهماً، للمساهمة في تطوير الثقافة عامة والإبداع خاصة. من خلال خلق التوازن في العمل الأكاديمي بين المعرفة العلمية-التكنولوجية، من ناحية، والإبداع الفكري والأدبي والفني، من ناحية ثانية. حتى تكون الجامعات منارة للفكر وللإبداع، مثلما هي منارة للمعرفة العلمية والتكنولوجية. بحيث لا تدرس المواد العلمية والتكنولوجية، بمعزل عن الفكر وفلسفة العلوم والقيم والمساءلة النقدية والانفتاح على الثقافة الإنسانية في تجلياتها المختلفة. بحيث يكون دور الجامعات مهماً في تعظيم الفكر والإبداع، ونقد السطحية والثرثرة والتي تكاثرت كميّاً مع قلة في الإبداع. حتى أصبحت بعض النصوص التي يحتفى بها، غارقة في السطحية واللامعنى، ومع ذلك تقدم على أنها إبداع، بل ونموذج للأدب الجديد. بما يهدد بإفساد اللغة والأدب معاً. بل الأخطر من ذلك أن بعض الجامعات لا تجد مانعاً من تحويل بعض تلك النصوص إلى مقررات دراسية، وتوجه لها اهتماماً نقدياً متزايداً، باعتبارها نوعاً من الإبداع الجديد، من دون الحاجة إلى توافر معايير وضوابط سابقة عن هذه النصوص، أو من خارجها. وهذا يعني دعوة مباشرة لكل من هب ودب إلى أن يكتب وأن ينشر.
ولكن هذا لا يعني مطلقاً أنني ضد النصّ المفتوح الذي تنتجه العقول المنفتحة، فتكون هذه النصوص خارجة من عمق المعاناة والتجربة والنظر الفكري والثقافي، بعيداً عن الجمود والتحجر والسطحية. فليس الحل دائماً في «كراسي المعلّم» كما يقول الفيلسوف هنري برغسون. فنحن في حاجة مستمرة لإعادة الاعتبار لكل شمعة قادرة على إضاءة الأماكن المظلمة والفضاءات الدامسة. وللحديث صلة.