تحت شعار «تحديات وحلول».. وبمشاركة 160 متحدثاً

الشارقة - حسن الستري

افتتح سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة، بحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام، فعاليات الدورة الـ11 للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2022، الذي يقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي، التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، على مدار يومين، بمشاركة أكثر من 160 متحدثاً ومشاركاً، وذلك تحت شعار «تحديات وحلول».

6942dd42_4d80x3200wTransparent


وقال سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، في كلمة ألقاها خلال الافتتاح: «إمارة الشارقة استطاعت عبر تعزيز دور الأسرة، وإنشاء مؤسسات الطفولة والناشئة، وبناء جهاز إعلامي يقدم النافع والمفيد، أن تواجه مجموعة من التحديات الناجمة عن الانفتاح، وانتشار القيم الدخيلة، والتطور التكنولوجي المتسارع الذي أدى إلى تسلل بعض السلوكات والأخلاقيات التي تتنافى مع مبادئِنا إلى المجتمع».

وتناول سموه تجربة إمارة الشارقة المتميزة والناجحة في تقديم الحلول للتحديات، قائلاً سموه: «إن الشارقة اليوم مدينة صديقة للأطفال واليافعين وذوي الإعاقة، وأول مدينة عربية مراعية لكبار السن، كما أنها أصبحت المدينة الأولى على مستوى الوطن العربي التي تطبق نظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، بهدف تعزيز التلاحم الأسري الذي ندرك أنه هو درعنا الحصين لمواجهة هذه التحديات».

وأضاف سموه أن الشارقة تؤمن بأن الاتصال هو الشعرة الفاصلة بين الاستقرار والاضطراب، وبين الخلاف والاتفاق، وبين الشعور بالأمن وهيمنة الارتباك، وبين ما نحن عليه الآن وما نطمح أن نكون عليه غداً».

e26b8259_4d80x3200wTransparent


وأكد سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي أن التحديات ستظل موجودة والأهم هو إيجاد الحلول، قائلاً: «إن التحديات بشتى أشكالها لم تتوقف، ولكل حقبة وزمان تحدياته الخاصة، العالم يتعرض تارةً لزلازل مدمرة، وأوبئة قاتلة، وحروب تحصد الأرواح، في حين تزداد صراعاتنا على الماء، ونتقاتل حتى يهلكنا الجوع، وتسبب ذلك كله في انهيار دول، وسقوط حكومات، لكن على الرغم من كل ذلك، لم ينتهِ العالم ولم تنقرض البشريّة».

وتابع سموه: «شعرنا بأن جميع التحديات السابقة اجتمعت كلها في العامين المنصرمين، حتى ظن البعض أنّ جائحة كورونا سوف تقضي على البشرية، وأن الحرب الروسية الأوكرانية ستقسّم العالم إلى جزأين، وأن طبول الحرب العالميّة الثالثة قرعت، وظن البعض الآخر أن انقطاع إمدادات القمح سيؤدي إلى مجاعة جديدة، وأن الغاز المصحوب بالدفء سينقطع عن قارة بأكملها، لكن ذلك كله لم يحصل».

be0dd6cc_4d80x3200wTransparent


ولفت سمو نائب حاكم الشارقة إلى «أن البشرية تواجه تحدياً آخر كبيراً هو التغيّر المناخي، فبعد أن كانت دولاً تنعم بربيع دائم جفت أنهارها واصفرت مسطحاتها الخضراء، في حين أصابت الفيضانات دولاً أخرى في مقتل، فأبادت قرى وتسببت في المعاناة للملايين، ومرة أخرى، لم تؤدِ تلك التحديات إلى إبادة البشرية».

وقال: «إنه بفضل العقول النيّرّة مازلنا نستلهم من دروس الماضي عبراً تعيننا على مواجهة شتى التحديات، بل إن بعض الحكومات أصبحت لديها القدرة على التنبؤ ببعض الكوارث، واستشراف المستقبل وتهيئة المناسب لتقليل أثر التحديات».

a7a451bf_4d80x3200wTransparent.jpej


وزير التسامح والتعايش في دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ألقى خطاباً ملهماً بعنوان «ثقافات متوازنة.. علاقات متكافئة»، قدم في بدايته الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على رعاية سموه الكريمة والمستمرة كافة الفعاليات الثقافية بشكل عام، والمنتدى الدولي للاتصال الحكومي.

وتناول تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في الانفتاح على الآخر والتطور والاستقرار، قائلاً: «إن الإمارات تبني علاقاتها مع الثقافات الأخرى على 4 محاور أساسية، أولها: أن التعارف والحوار والتسامح والتعاون الكامل والعلاقات المثمرة بين أتباع الحضارات والثقافات، تشكّل الطريق إلى عالم أكثر تقدماً وأكثر سلاماً، وأكثر رخاءً واستقراراً».

ab11a059_4d80x3200wTransparent


وأضاف أن المحور الثاني هو وجود حاجة ملحة إلى تنمية العلاقات بين البشر على نحوٍ يعمّق روح الأمل والتفاؤل فيها، كما أن هناك حاجة ماسة إلى الآراء والأفكار والمبادرات، التي تسهم في إيجادِ سبلٍ ناجحةٍ، وحلولٍ فاعلةٍ، لمشكلات بدت صَعبةً ومعقدةً أزماناً طويلة.

ولفت إلى أن المحور الثالث، هو قناعتنا الكاملة بأن الفجوات الحضاريّة والثقافيّة بين الأمم والشعوب، بإمكانها أن تنتهي إذا توافرت قنوات التنمية والحوار والتعايش والعمل المشترك، التي تحقق التلاقي والتعاون بين جميع الأطراف.

962651a6_4d80x3200wTransparent


وأوضح أن المحور الرابع يقوم على أن مجالات تنمية العلاقات المتوازنة بين أتباع الحضارات والثقافات هي بطبيعتها مجالات للأفكار المتجددة والمبادرات النافعة، التي تركز جميعها على تقدم المجتمع وبناء الإنسان، وبالتالي فإنها مجالات متطورة بشكل دائم، وفق ما يظهره التطبيق العملي على أرض الواقع.

وأشار وزير التسامح والتعايش إلى العديد من الخطوات اللازمة لتطوير العلاقات التعاونية بين الأمم، قائلاً: «السعي نحو تحقيق العلاقات المتوازنة والمتكافئة بين أتباع الحضارات والثقافات، يجب ألا يقتصر على المناقشات النظرية فقط، ويجب أن يكون مجالاً للمشاريع العملية ومبادرات الريادة الاجتماعية والاقتصادية وبرامج التطوع والخدمة العامة، مشيراً إلى أن الأنشطة والفعاليات المرتبطة بالعلاقات بين الأمم والشعوب، يمكن أن يكون لها قيمة اقتصادية مهمة على أرض الواقع، تسمح بتنمية الاستثمارات المشتركة، وتشجع الابتكار المفيد على كل المستويات».

c4cf4692_4d80x3200wTransparent


وعن سياسات وزارة التسامح والتعايش، قال: «نؤكد أننا في الوزارة، وفي الإمارات كلها، نلتزم التزاماً كاملاً بقيم التسامح، والتعايش، والأخوة الإنسانية، ونعمل بكل جدٍ والتزام من أجل تأسيس علاقات قوية ومتوازنة، للعمل المشترك مع الجميع وذلك من أجل نشر المعرفة والوعي بالحضارات والثقافات والأديان المختلفة، ومن أجل منع التطرف والعنصرية والكراهية، ومن أجل تحقيق السلام والوفاق، في كافة ربوع العالم».

وعن أهمية المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، قال: «إن المنتدى يشكل منصةً عالميةً ندعو من خلالها الجميع إلى تأكيد أن التنوع والتعددية هما قوة خلاقة لتحقيق التنمية والاستقرار»، داعياً من خلاله إلى العمل المتواصل من أجل تشكيل وعي الناس وتعميق إدراكهم بالعالم من حولهم، والتأكيد على القيم الإنسانيّة النبيلة، وأهمية تكريسها دائماً في الاتجاهات الإيجابية المنشودة.

واعتبر أن المنتدى هو تأكيد حي لدور الاتصال الحكومي في خدمة المجتمع والإنسان، معرباً عن ثقته بالقائمين على الاتصال الحكومي ضمن مختلف الجهات والمؤسسات، وقدرتهم على تحقيق التقدم في المجتمع.

1bbea194_4d80x3200wTransparent


وأشار الوزير إلى واجب العاملين في الاتصال الحكومي ومسؤوليتهم في الرؤية المشتركة حول مكانة التسامح والتعايش، والتعريف بالآخرين بها وتعزيز مناهج العمل معهم، وذلك عبر تطوير آليات التواصل وتلقي المعلومات، مثمناً معاليه دور المنتدى وسعيه لأن يكون مثالاً ونموذجاً للعلم الدولي المشترك النافع والفعّال.

مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، طارق سعيد علاي، أشار إلى أهمية التواصل في حياة الناس والمجتمعات، وقال: «إن غياب الاتصال هو إلغاء لحضور الشخص، حتى لو كان موجوداً بيننا، فمن لا يتواصل ليس موجوداً في معادلة الحياة، ومن يتواصل بطريقة خاطئة يبتكر ظلاً مشوهاً لوجوده».

وأضاف أن الاتصال الحكوميّ بمثابة منح الحياة لهوية المؤسسة أو الجهة التي تمارسه، فبواسطته تصل ثقافتها ورؤيتها إلى الناس، وتؤكد من خلاله حضورها في حياتهم اليومية، كما أنه أيضاً توصيف لكل ما يجري من أحداث وما هو سائد من مفاهيم، لذا فإن المنتدى يتناول هذا العام أبرز القضايا في العالم، ويستهدف المفاهيم السائدة حولها، بهدف تصويبها أو تأكيدها أو إعادة صياغتها».

أما الرئيس المكسيكي الأسبق، الرئيس الفخري للجنة العالمية للاقتصاد والمناخ، فيليبي كالديرون، فألقى خطاباً ملهماً بعنوان «النمو الأخضر.. آليات اتخاذ القرارات»، تناول فيه أهمية العمل على تغيير الطريقة الحالية التي يعالج فيها العالم التغير المناخي من خلال الاتصال الحكومي والطريقة التي نخاطب بها الجمهور.

d9da5d41_4d80x3200wTransparent


وأشار إلى أهمية الانتقال من تناول الآثار المدمرة للتغير المناخي، التي بات الجميع يعلمها ويدرك أبعادها، إلى الحديث عن الفرص الكامنة وراء إحداث التغيير الإيجابي والانتقال إلى نموذج الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، لافتاً إلى أن الخطاب الحكومي في هذا المجال لا بد من أن يقترن بالأفعال لا الأقوال والوعود فقط حتى يكون أكثر إقناعاً للجمهور.

وقال كالديرون: «على الرغم من التزام قادة العالم والدول بالعديد من الوعود لمواجهة التغير المناخي، فإن الكثير من هذه لم تر النور، وذلك بسبب معضلة أساسية تتعلق بالموازنة بين تحقيق التنمية والتصدي للفقر وخلق الوظائف من جهة، والحد من الانبعاثات والتصدي لتغيرات المناخ من جهة أخرى».

وتابع: «عملنا في اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ مع عدد من المؤسسات والجامعات للتوصل إلى حلول فورية، ووجدنا أنه من الضروري البدء بترويج نماذج الاستدامة ومشاريعها كفرص كامنة لتحقيق النمو المستقبلي في شتى القطاعات».

b799545b_4d80x3200wTransparent


وأكد كالديرون أنه توجد 3 محاور أساسية يجب التركيز عليها لتعزيز الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، تتمثل في المدن، والزراعة، والطاقة، مشدداً على أهمية أن تتواصل الحكومات مع شعوبها لتوضيح الفرص الكامنة فيها وإمكانات النمو الأكثر مرونة مقارنة بقطاع الطاقة التقليدي.

وحول المحور الأول، كشف الرئيس المكسيكي السابق عن أن عدد سكان مدن العالم في ارتفاع مستمر، ما يعني أهمية زيادة الجهود في المحافظة على البيئة، مقدماً نماذج عالمية من الدول والمدن التي حققت نجاحات في خفض الانبعاثات وتحقيق النمو مثل لاوس في نيجيريا، وفيلادلفيا في الولايات المتحدة، وغيرها.

aca1397f_4d80x3200wTransparent


وفيما يتعلق بالزراعة، قال كالديرون: «إن زراعة الغابات والاستغلال الأمثل للأرض يحقق العديد من المنافع الاقتصادية والبيئيّة على السواء»، مشيراً إلى أن «عائدات زراعة الغابات في أمريكا الجنوبية والصين تراوحت بين 23-25%، هذا عدا دور هذه الغابات في دعم وتعزيز السياحة البيئية».

وفيما يتعلق بالمحور الثالث كشف عن أن «استخدام نظم الطاقة المستدامة القائمة على الشمس والرياح وفر 6.5 ملايين وظيفة حتى نهاية عام 2021، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، وهناك فرص كبيرة لتحقيق زيادة بالضعف في القطاع بحلول 2030، لتصل فرص العمل المتاحة فيه إلى 13.4 مليون وظيفة».

ولفت إلى أن مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستشكل 60% من إجمالي مشاريع الطاقة في العالم بحلول 2030، وخصوصاً بعد أن شهدت كلفة الطاقة الشمسية تراجعاً قوياً خلال الأعوام الـ10 الأخيرة، بنسبة وصلت إلى أكثر من 90%.

وتابع: «في المكسيك أطلقنا خلال فترة رئاستي، حملة لاستبدال الأجهزة الكهربائية المنزلية القديمة بأخرى أحدث وأكفأ، كما استبدلنا أكثر من 45 مليون مصباح تقليدي بأخرى من الأنواع المستدامة، ما أدى إلى خفض فاتورة الكهرباء على مستوى البلاد وخلق الآلاف من فرص العمل».

9f9a7f4b_4d80x3200wTransparent


كما تضمن حفل الافتتاح خطابين ملهمين لكل من كيم كامبل، رئيسة وزراء كندا السابقة، ومحمد عبدالله القحطاني، بطل العالم في إلقاء الخطابة وصاحب كتاب «قوة الكلمة».

وأشارت كامبل في خطابها الذي حمل عنوان «أي نوع من الحكومات يحتاج العالم؟» إلى أن العالم يحتاج إلى حكومات قادرة على حل المشاكل وحشد المواطنين تجاه المخرجات والسياسات، مشددة على أهمية أن تكون الحكومات تجيد الوصول والتواصل مع مجتمعاتها، وألا تكون منعزلةً عن العالم.

وأكدت كامبل أهمية التواصل بالأفعال وتأثيره الكبير مقارنةً بالتواصل بالأقوال، مشيرةً إلى أن احترام الثقافات والأعراق والجنسيات يؤسس لمجتمعات أقوى قادرة على تخطي التحديات بكفاءة.

من جهته ركز القحطاني في خطابه الذي جاء بعنوان «القيادة بالتأثير» على قوة الكلمة وتأثيرها الكبير في الفرد وشخصيته، وإمكانية إحداثها تأثيراً سلبياً مدمراً أو إيجابياً معززاً للإبداع وإطلاق الطاقات، موجهاً حديثه لكل شخص في منصب قيادة بأن يحرص على إيصال رسالته بشكل صحيح، وأن يقدّم الدعم لمن يقع تحت مسؤوليته في جميع الأوقات، وقال: «القائد الحقيقي من يؤمن بك حتى عندما لا تؤمن بنفسك».

وتخلل حفل الافتتاح عرض فيلم مرئي عبّر عن شعار المنتدى لهذا العام وأهمية الحلول والتحديات، حيث استعرض أحداثاً وتحديات وكوارث واجهها العالم خلال العام الجاري، تبعه عرض أداء لصانع المحتوى البحريني عمر فاروق، تساءل فيه: «هل هناك أمن في البشرية؟» ليجيب بعدها بأن الحل يكمن في «الإيمان بقوة الرسائل الإنسانية»، ليستكمل الفيلم بجزء آخر سلط الضوء على مبادرات إنسانية وإنجازات رياضية قهر البشر خلالها التحديات بالتكافل والتعاون والتضامن، ورافقه أداء مسرحي غنائي لفرقة «روح الشرق» الشبابية.