ضمن ملف القضايا الإقليمية، أعد مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة دراسة بعنوان "تحديات سياسة أمن الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي"، وذلك انطلاقاً من أهمية اختيار قضية أمن الطاقة باعتبارها من القضايا الاكثر إثارة للجدل، حيث أكدت الدراسة قيام دول مجلس التعاون الخليجي على مدار العقود الماضية بدور محوري في استقرار سوق الطاقة العالمي، هذا الدور ناتجاً في شق منه لما تمتلكه دول الخليج من احتياطات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي، إلا أن الأمر لا يقتصر عند هذا الحد وذلك نظراً لطبيعة سياسة الطاقة لدول المنطقة الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في سوق الطاقة العالمي عبر تطوير مجموعة من الآليات ساعدت تلك الدول على القيام بدور إيجابي في مواجهة الأزمات العديدة التي شهدها سوق الطاقة العالمي.وبينت الدراسة التي أعدتها الدكتورة خديجة عرفة الأكاديمية والباحثة في العلاقات الدولية بجمهورية مصر العربية بأن دول الخليج واجهت خلال العقود الماضية تحديات عدة، في سبيل سعيها لتحقيق أهدافها الخاصة بتحقيق أمن الطاقة، وما شهدته من تحولات إقليمية وعالمية، بحيث لم يعد بمقدور دول مجلس التعاون اعتماد الآليات ذاتها للمواجهة خاصة أن خطورة التحديات الراهنة أنها تمس كافة أبعاد سياسة أمن الطاقة لدول الخليج، خاصة تلك المتعلقة بحدوث تحولات في خريطة إنتاج الطاقة عالمياً وتأثير ذلك على تنافسية نفط وغاز الخليج العربي، وحالة الفوضى وعدم الاستقرار الذي تعانيها بعض الدول التي تسيطر على المضائق الهامة لنقل النفط، إضافة إلى المشكلات التي تُعانيها بعض كبار الدول المنتجة لمصادر الطاقة التقليدية والتي تؤثر على إنتاجها صعوداً وهبوطاً وهو الذي يفرض حالة من عدم الوضوح بشأن قدرة دول الخليج العربي على تبني سياسات واضحة حتى في الأمد القصير.كل هذه التحديات والآليات قدمتها الدراسة بشكل موثق بالإحصائيات، من خلال عرض طبيعة الاقتراب الذي تتبناه دول المنطقة لمفهوم أمن الطاقة (أمن الإمدادات في مواجهة أمن الطلب) كونه يُشكل المحدّد الأساسي لسياسة أمن الطاقة في المنطقة، ومن ثم عرض تحديات أمن الطاقة لدول مجلس التعاون، وذلك عبر طرح تساؤلات بشأن مدى ملاءمة منظور أمن الطاقة الخليجي القائم لمواجهة تلك التحديات، وما هي حدود تأثير تلك التحديات على اقتراب أمن الطاقة الخليجي، حيث يُشكّل التحدي الأبرز الذي تواجهه دول مجلس التعاون في الوقت الراهن الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار النفط، وتحدي نقل النفط والغاز الطبيعي التي قد تواجهها عملية النقل. وتحدي ثورة الوقود الصخري والإبقاء على تنافسية نفط دول مجلس التعاون في سوق الطاقة العالمي، مبينة الدراسة بأن هناك تحولات ثلاثة تؤثر على تنافسية مصادر الطاقة والتوازن بين العرض والطلب في سوق الطاقة العالمي هي التطور التكنولوجي، وزيادة الكفاءة في استخدام الطاقة، والإحلال.واختتمت الدراسة التي نشرت في العدد الحديث من دورية "دراسات" بنتيجة تأثير تلك التحديات على السياسة الخارجية والمكانة الدولية لدول المنطقة، بأنّ المنطقة ستظل لها مكانتها على الساحة الدولية، وأنّ كافة تلك التحديات تأثيرها سيكون محدوداً، أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية فالأمر يتطلب سياسة خارجية استباقية أنشط وخاصة في أوروبا.يذكر ان دورية "دراسات" دوريّة نصف سنويّة متخصّصة تصدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، تعنى بنشر الدراسات والتحليلات السياسية والدولية والاقتصادية والأمنية والطاقة والفضاء الرقمي، ذات الاهتمام بالقضايا الاستراتيجية بمفهومها الشامل، والتي تركّز على الشأنين الخليجي والعربي "باللغتين العربية والإنجليزية".