رئيفة عبدالعزيز


ذكرت كلمة النّصيب في القرآن الكريم في آيات عديدة وجاءت لتقدير النّصيب من الميراث والحقوق أو من الحياة.. وإلخ، ولكن مفهوم النصيب الذي اشتهر في مجتمعاتنا هو للإنسان التعيس واليائس من حياته والذي لا حول لهُ ولا قوّة والذي يعيش دور الضّحية عادةً والمسكين الذي لم يحالفهُ الحظ، هو ذلك المستسلم لنصيبه لدرجة أنّهُ لا يفكّر في طرق لتحسين حياته أو تغييرها للأفضل أو محاولة إيجاد حلول لنصيبه.

فمثلاً هناك امرأة تزوجت من ذكر وليس رجلاً حقيقيّاً!! يعنّفها هي وأطفالها ليلاً ونهاراً!! وعديم المسؤوليّة!! فتشتكي من أفعاله التي باتت لا تُطاق ولا تُحتمل!! ومع ذلك تجدها تختم شكواها بغصّة ممزوجة بشعور الضحيّة المستسلمة للواقع المُر، فتقول «ماذا أفعل؟ هذا حظي ونصيبي!!».

وهناك رجل يتجرّع مرارة الذّل والمهانة اليوميّة من مديرهُ المسؤول، وفي كلّ يوم يتذمّر من معاملته الجافّة والمجرّدة من الاحترام والرّحمة!! ومع ذلك تجدهُ يلقي كلمتهُ بانكسار بـ«هذا قدري ونصيبي».

وهناك شاب في مقتبل العمر مسلوب الإرادة، اختار أن يعيش تحت رحمة والدهُ وسيطرته وفرض أوامرهُ عليه من دون أي تعاطف أبويّ، وإذلالهِ على ما يقدّمهُ لهُ من معونة ماديّة، وتذكيرهُ كل يوم بكدّه وتعبهُ من أجله، فيشكو حياته التعيسة لصديقهُ كلّ يوم، وأخيراً يقول كما قال أولئك «حظي ونصيبي»!! ففي مسألة النّصيب هناك أمور جيّدة وأخرى سيّئة.. وهناك نوع لا نستطيع تغييرهُ كالبلد الذي ولدت فيه وأصبح جزءاً من هويّتك، أو العائلة التي نُسبتَ لها، أو سلالتك وعرقك أو نصيبك من الحياة.. وإلخ.

وهناك نوع آخر من النّصيب سيئ حقاً ولكننا نستطيع تغييرهُ أو تحسينه للأفضل أو تحويلهُ من النّصيب إلى الحظ!! فالنّصيب هو قدرنا أمّا الحظ فهو اختيارنا ونحنُ من يصنعه.

فتلك المرأة تستطيع إحداث تغيير في حياتها الزوجيّة أو تحسينها للأفضل، وذلك الموظّف يستطيع تغيير عمله وصناعة حظّه، أمّا ذلك الولد الذي يشكو والدهُ فلا يستطيع تغيير نصيبهُ من النّسب ولكنهُ يستطيع تغيير نظرته ورؤية نصيبه على أنّهُ كنز ليتعلّم ويتطوّر من خلاله وبالتالي يُصبح ذا حظٍ عظيم.