من الطبيعي أن تهتم جميع وسائل الإعلام العالمية في تحرّكات قداسة البابا فرانسيس، فنحن نتحدث عن أكثر من مليار هم أتباع هذه الكنيسة، 1.3 مليار تقريباً سيتابعون سفره وكلماته وإيماءته، أي نصف تعداد المسيحيين في العالم. في القارتين الأمريكيتين هناك ما يزيد عن نصف مليار كاثوليكي، وفي أوروبا 282 مليون كاثوليكي، فكيف لا تتسلّط الأضواء على هذه الزيارة التي قام بها لمملكة البحرين؟ وبالتالي تكون البحرين في عين الإعلام طوال مدة هذه الفترة.
كمية الانسجام والودّ والتفاهم كانت واضحة جداً بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وبين قداسة البابا. الكلمات الترحيبية التي أُلقيت في قصر الصخير كانت تحمل دلالات كثيرة، يأتي على رأسها إعجاب قداسة البابا بالنموذج البحريني، تعايش سكانها بتسامح وبسلام بالرغم من تنوع واختلاف معتقدات سكانها ومقيميها الوافدين، هذا الإعجاب قاله في أكثر من موقع في كلمته. مع الأسف لم تحظَ بالاهتمام الكافي الذي كان علينا أن نقف عنده ونبرزه ليكون وحده رداً على بعض وسائل الإعلام التي أرادت التغطية على معنى ودلالات اختيار البحرين للزيارة.
فالبابا قال إنه جاء للبحرين لأنها بلد فريد من نوعه، تعايش البشر فيه قديم وأزلي وفرادة هذه السِمة من الغرائب تماماً كفرادة استمرار بقاء شجرة في وسط الصحراء هي «شجرة الحياة»، حين سأل عن أسباب بقائها قيل له إن جذورها تمتد في الأرض إلى عمق كبير فتأخذ حاجتها من المياه الجوفية فلا تنتظر المطر الشحيح في الصحاري، فقال: «هكذا هي البحرين تستمد قدرتها على حفظ التعايش من عمق التاريخ هنا، حيث تُحيط مياه البحر برمال الصحراء، وحيث ناطحات السحاب المدهشة ترتفع إلى جانب الأسواق الشرقية التقليدية، تلتقي حقائق متباعدة: يلتقي القديم والحداثة، ويندمج التاريخ والتقدم. وهنا، أناس من أصول مختلفة تشكّل فسيفساء حياة فريدة. عندما كنت أستعد لهذه الزيارة، تعرّفت على «شعار الحيوية» الذي يميّز البلد. أشير إلى ما يسمى بـ«شجرة الحياة»، التي أستلهمها لأشارككم بعض الأفكار. إنها شجرة الأكاسيا الرائعة التي بقيت على قيد الحياة منذ قرون في منطقة صحراوية، حيث تندر الأمطار، وحيث يبدو أنه من المستحيل أن تقاوم هذه الشجرة المعمّرة وتزدهر في مثل هذه الظروف. وفقاً للكثيرين، يكمن السّر في الجذور التي تمتد عشرات الأمتار في باطن الأرض، وترتوي من مستودعات مياه جوفية».
يؤكد البابا على فرادة المجتمع البحريني وندرته حين أكمل فقال: «هذا هو الماء الحيّ الذي مازالت جذور البحرين تستمد منه الحياة اليوم، وأكبر غنى هذا البلد يتألق في تنوع الأعراق والثقافات فيه، وفي العيش معاً في سلام، وفي ترحاب السكان التقليدي. وفيه تنوع من غير تسوية ساحقة، ولا تذويب للاختلافات. هذا هو كنز كل بلد متطور حقاً. وفي هذه الجزر يعجب المشاهد بهذا المجتمع المركب المتعدد الأعراق ومتعدد الأديان، القادر على أن يتغلب على خطر العزل. هذا أمر مهم جداً في عصرنا، حيث الانطواء الحصري على الذات والمصالح الخاصة يمنع من إدراك الأهمية التي لا غنى عنها «للكل معاً»».
أليست تلك عناوين قوية كان يجب التركيز عليها إعلامياً تُغني عن ألف ردّ وألف كلمة لإعلام كان كل همّه التعتيم على الأضواء الزاهية التي تسلّطت على البحرين؟ ألا تكفي مقارنة البابا لاستمرار وبقاء هذا الجمال والسلام البحريني؟ في وقت تنعكس فيه هذه المبادئ والقيم في بقاع كثيرة في العالم ومنها أوروبا حيث اعتقد البابا كما غيره أنهم تجاوزوا هذه الصراعات، فقارن بين وضع البحرين وبقية العالم، فقال: «عكس ذلك، نشهد بقلق، وعلى نطاق واسع، ازدياد اللامبالاة والتُهم المتبادلة، وتوسّع الخصومات والصراعات التي حسبنا يوماً أننا تغلبنا عليها، والشعبوية والتطرف والإمبريالية التي تهدد سلامة الجميع. على الرغم من التقدم والإنجازات العديدة، المدنية والعلمية، فإن المسافة الثقافية بين مختلف أنحاء العالم آخذة في الازدياد، وبدل فرص اللقاءات المفيدة، نجد - مواقف مشينة من المواجهة». انتهى.
إعلامياً كان يجب التركيز على هذه الفقرات وهذا الكلام الذي تُستخرج منه العناوين التي يجب إبرازها وتوضّح للعالم من هي البحرين وما الذي أَعجب البابا فيها؟
أما الأسطر التي اجتُزِئت من الكلمة فكانت عمومية، تلك التي تتحدث عن الحقوق الإنسانية الواجبة على جميع الدول، ولم تختص الكلمة بالبحرين فحسب، بل إن بعض أسطرها خصَّ بها العمالة الأجنبية، وهي قضية تخصّ قطر بالذات المتهمة بسوء معاملة العمالة الأجنبية إن أردنا التصيّد، كما فعلت الجزيرة وبعض الوسائل الأخرى.
خلاصة القول، أولاً؛ كان بالإمكان تحقيق نجاح أكبر لو أننا ركّزنا بعناويننا على أسطر في غاية الجمال وصف بها البابا البحرين بيّن فيها رأيه في فرادة نموذجها في العالم، كانت وحدها كافية لتحقيق الهدف من دعوة قداسته لبلدنا.
ومعها صورتان تردّان عن ألف كلمة، الأولى التي يعانق بها جلالة الملك البابا، والثانية تلك التي يضحك فيها البابا من قلبه مستلقياً للخلف، تلك صورتان تدحَضان كل التخرّصات الفارغة.
ثانياً؛ إن الله سبحانه وتعالى أكد «إن الباطل كان زهوقاً» ومن أراد تشويه صورة البحرين الناصعة عاد بخُفّي حُنين.
حفظ الله البحرين دوماً بلداً هو للسلام والتعايش والوئام عنوان.
كمية الانسجام والودّ والتفاهم كانت واضحة جداً بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وبين قداسة البابا. الكلمات الترحيبية التي أُلقيت في قصر الصخير كانت تحمل دلالات كثيرة، يأتي على رأسها إعجاب قداسة البابا بالنموذج البحريني، تعايش سكانها بتسامح وبسلام بالرغم من تنوع واختلاف معتقدات سكانها ومقيميها الوافدين، هذا الإعجاب قاله في أكثر من موقع في كلمته. مع الأسف لم تحظَ بالاهتمام الكافي الذي كان علينا أن نقف عنده ونبرزه ليكون وحده رداً على بعض وسائل الإعلام التي أرادت التغطية على معنى ودلالات اختيار البحرين للزيارة.
فالبابا قال إنه جاء للبحرين لأنها بلد فريد من نوعه، تعايش البشر فيه قديم وأزلي وفرادة هذه السِمة من الغرائب تماماً كفرادة استمرار بقاء شجرة في وسط الصحراء هي «شجرة الحياة»، حين سأل عن أسباب بقائها قيل له إن جذورها تمتد في الأرض إلى عمق كبير فتأخذ حاجتها من المياه الجوفية فلا تنتظر المطر الشحيح في الصحاري، فقال: «هكذا هي البحرين تستمد قدرتها على حفظ التعايش من عمق التاريخ هنا، حيث تُحيط مياه البحر برمال الصحراء، وحيث ناطحات السحاب المدهشة ترتفع إلى جانب الأسواق الشرقية التقليدية، تلتقي حقائق متباعدة: يلتقي القديم والحداثة، ويندمج التاريخ والتقدم. وهنا، أناس من أصول مختلفة تشكّل فسيفساء حياة فريدة. عندما كنت أستعد لهذه الزيارة، تعرّفت على «شعار الحيوية» الذي يميّز البلد. أشير إلى ما يسمى بـ«شجرة الحياة»، التي أستلهمها لأشارككم بعض الأفكار. إنها شجرة الأكاسيا الرائعة التي بقيت على قيد الحياة منذ قرون في منطقة صحراوية، حيث تندر الأمطار، وحيث يبدو أنه من المستحيل أن تقاوم هذه الشجرة المعمّرة وتزدهر في مثل هذه الظروف. وفقاً للكثيرين، يكمن السّر في الجذور التي تمتد عشرات الأمتار في باطن الأرض، وترتوي من مستودعات مياه جوفية».
يؤكد البابا على فرادة المجتمع البحريني وندرته حين أكمل فقال: «هذا هو الماء الحيّ الذي مازالت جذور البحرين تستمد منه الحياة اليوم، وأكبر غنى هذا البلد يتألق في تنوع الأعراق والثقافات فيه، وفي العيش معاً في سلام، وفي ترحاب السكان التقليدي. وفيه تنوع من غير تسوية ساحقة، ولا تذويب للاختلافات. هذا هو كنز كل بلد متطور حقاً. وفي هذه الجزر يعجب المشاهد بهذا المجتمع المركب المتعدد الأعراق ومتعدد الأديان، القادر على أن يتغلب على خطر العزل. هذا أمر مهم جداً في عصرنا، حيث الانطواء الحصري على الذات والمصالح الخاصة يمنع من إدراك الأهمية التي لا غنى عنها «للكل معاً»».
أليست تلك عناوين قوية كان يجب التركيز عليها إعلامياً تُغني عن ألف ردّ وألف كلمة لإعلام كان كل همّه التعتيم على الأضواء الزاهية التي تسلّطت على البحرين؟ ألا تكفي مقارنة البابا لاستمرار وبقاء هذا الجمال والسلام البحريني؟ في وقت تنعكس فيه هذه المبادئ والقيم في بقاع كثيرة في العالم ومنها أوروبا حيث اعتقد البابا كما غيره أنهم تجاوزوا هذه الصراعات، فقارن بين وضع البحرين وبقية العالم، فقال: «عكس ذلك، نشهد بقلق، وعلى نطاق واسع، ازدياد اللامبالاة والتُهم المتبادلة، وتوسّع الخصومات والصراعات التي حسبنا يوماً أننا تغلبنا عليها، والشعبوية والتطرف والإمبريالية التي تهدد سلامة الجميع. على الرغم من التقدم والإنجازات العديدة، المدنية والعلمية، فإن المسافة الثقافية بين مختلف أنحاء العالم آخذة في الازدياد، وبدل فرص اللقاءات المفيدة، نجد - مواقف مشينة من المواجهة». انتهى.
إعلامياً كان يجب التركيز على هذه الفقرات وهذا الكلام الذي تُستخرج منه العناوين التي يجب إبرازها وتوضّح للعالم من هي البحرين وما الذي أَعجب البابا فيها؟
أما الأسطر التي اجتُزِئت من الكلمة فكانت عمومية، تلك التي تتحدث عن الحقوق الإنسانية الواجبة على جميع الدول، ولم تختص الكلمة بالبحرين فحسب، بل إن بعض أسطرها خصَّ بها العمالة الأجنبية، وهي قضية تخصّ قطر بالذات المتهمة بسوء معاملة العمالة الأجنبية إن أردنا التصيّد، كما فعلت الجزيرة وبعض الوسائل الأخرى.
خلاصة القول، أولاً؛ كان بالإمكان تحقيق نجاح أكبر لو أننا ركّزنا بعناويننا على أسطر في غاية الجمال وصف بها البابا البحرين بيّن فيها رأيه في فرادة نموذجها في العالم، كانت وحدها كافية لتحقيق الهدف من دعوة قداسته لبلدنا.
ومعها صورتان تردّان عن ألف كلمة، الأولى التي يعانق بها جلالة الملك البابا، والثانية تلك التي يضحك فيها البابا من قلبه مستلقياً للخلف، تلك صورتان تدحَضان كل التخرّصات الفارغة.
ثانياً؛ إن الله سبحانه وتعالى أكد «إن الباطل كان زهوقاً» ومن أراد تشويه صورة البحرين الناصعة عاد بخُفّي حُنين.
حفظ الله البحرين دوماً بلداً هو للسلام والتعايش والوئام عنوان.