لا يمكن تأسيس ديمقراطية عريقة دون الانخراط في شوط طويل من الزمن، والتدرج في تجربة متراكمة من المحاولات نحو التغيير والتجويد. هذا ما يقوله التاريخ، وهذا ما تحكي عنه الديمقراطيات الكبرى في العالم؛ فعمر البرلمان البريطاني يتجاوز الثلاثمئة عام. ويقل بقليل عن عمر الثورة الفرنسية التي سقطت مرتين. الديمقراطية ليست قفزة في الهواء أو اختراعاً ينجح من أول مرة. وهذا ما نشهده في البحرين في انتخابات العام 2022.
نحن في مسيرة تجربة تنضج وتصحح مسارها بنفسها، فبدءاً من الدعاية المؤيدة والمضادة للانتخابات والبرلمان بمبررات لا علاقة لها بالاستحقاق الديمقراطي، إلى انتخابات يسيطر عليها الخطاب الأيديولوجي الفئوي. إلى انتخابات تتألف الغالبية العظمى فيها من المستقلين. إنها تحولات مفصلية تعكس مزاج الشارع البحريني وتوجهاته ووجهة نظره في ممثليه والناطقين بصوته وحقوقه.
لم يستدع الأمر سنوات طوال وتجارب متكررة كي يدرك الشارع البحريني أن الجمعيات الأيديولوجية ليست الحل، بل هي واحدة من أعتى مشكلاته. إن أغلبها جمعيات ذات وشائج ولائية للمركز أو رأس الهرم التنظيمي لها في الخارج، وهي جمعيات لا تؤسس خطابها على مسافة متوازنة مع السلطة، وليست الحجة والإقناع وطرح الأدلة والوثائق والبيانات سبيلها إلى النقاش تحت قبة البرلمان، بل الصراخ والتخوين والتشكيك في وطنية كل من يخالفها، واتباع نهج يعادي الدولة أكثر مما يدعم أركانها ويساند قوتها.
تلك الجمعيات وإن عنونت مطالبها بالمواطن ومصالحه، إلا أن غاياتها كانت واضحة وهي وضع اليد على أكبر قدر من المكاسب الشخصية والذاتية، ولم تتجاوز أولويات قضايا المواطن أكثر من التدخل في حريات الآخرين والجدل في القضايا الشكلية والمزايدة الدينية والأخلاقية على باقي الشرائح المجتمعية. ماذا قدمت تلك الجمعيات، وخصوصاً المنحلة منها؟ باختصار قدمت الخطاب الزاعق، والمسيرات المربكة لحركة التنقل. والطرح الذي مزق النسيج المجتمعي وفرق بين مكوناته.
اليوم نجد أصحاب ذات الأجندة التي سيطرت على البرلمان، سابقاً، مرفوضة، وحضور المستقلين عن الجمعيات السياسية هو المسيطر. كما أن عدد المترشحات من النساء في تزايد ملحوظ في ظل قبول اجتماعي لافت يدل على تحضر المجتمع البحريني ودعمه للمرأة. وجوه متنوعة من اتجاهات مختلفة، الأكاديميون وضعوا بصمتهم معربين عن ضرورة الارتقاء بمستوى الخطاب البرلماني، والمهنيون أصروا على التواجد من أجل دعم مختلف فئات الشعب، ورجال وسيدات الأعمال برهنوا على أن للتجار مصالح واهتمامات تتخلل أروقة البرلمان.
إنه عرس انتخابي متنوع، يعبر عن البحرين الحقيقية، البحرين التي حاول لون واحد اختطافها وإعادة كتابة تاريخها وحاضرها، وقد أثبت البحرينيون أنهم أكبر من أن يستوعبهم قالب أيديولوجي محدود زماناً ومكاناً، وأنهم قادرون على قراءة المحتوى وتجاوز العناصر الشكلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
التجربة الديمقراطية في البحرين تتشكل وتتطور وتنضج عاماً بعد عام. وهذا هو الطريق الصحيح للوصول إلى ديمقراطية عريقة وإلى إصلاح التجربة الديمقراطية ذاتياً ومن الداخل.
نحن في مسيرة تجربة تنضج وتصحح مسارها بنفسها، فبدءاً من الدعاية المؤيدة والمضادة للانتخابات والبرلمان بمبررات لا علاقة لها بالاستحقاق الديمقراطي، إلى انتخابات يسيطر عليها الخطاب الأيديولوجي الفئوي. إلى انتخابات تتألف الغالبية العظمى فيها من المستقلين. إنها تحولات مفصلية تعكس مزاج الشارع البحريني وتوجهاته ووجهة نظره في ممثليه والناطقين بصوته وحقوقه.
لم يستدع الأمر سنوات طوال وتجارب متكررة كي يدرك الشارع البحريني أن الجمعيات الأيديولوجية ليست الحل، بل هي واحدة من أعتى مشكلاته. إن أغلبها جمعيات ذات وشائج ولائية للمركز أو رأس الهرم التنظيمي لها في الخارج، وهي جمعيات لا تؤسس خطابها على مسافة متوازنة مع السلطة، وليست الحجة والإقناع وطرح الأدلة والوثائق والبيانات سبيلها إلى النقاش تحت قبة البرلمان، بل الصراخ والتخوين والتشكيك في وطنية كل من يخالفها، واتباع نهج يعادي الدولة أكثر مما يدعم أركانها ويساند قوتها.
تلك الجمعيات وإن عنونت مطالبها بالمواطن ومصالحه، إلا أن غاياتها كانت واضحة وهي وضع اليد على أكبر قدر من المكاسب الشخصية والذاتية، ولم تتجاوز أولويات قضايا المواطن أكثر من التدخل في حريات الآخرين والجدل في القضايا الشكلية والمزايدة الدينية والأخلاقية على باقي الشرائح المجتمعية. ماذا قدمت تلك الجمعيات، وخصوصاً المنحلة منها؟ باختصار قدمت الخطاب الزاعق، والمسيرات المربكة لحركة التنقل. والطرح الذي مزق النسيج المجتمعي وفرق بين مكوناته.
اليوم نجد أصحاب ذات الأجندة التي سيطرت على البرلمان، سابقاً، مرفوضة، وحضور المستقلين عن الجمعيات السياسية هو المسيطر. كما أن عدد المترشحات من النساء في تزايد ملحوظ في ظل قبول اجتماعي لافت يدل على تحضر المجتمع البحريني ودعمه للمرأة. وجوه متنوعة من اتجاهات مختلفة، الأكاديميون وضعوا بصمتهم معربين عن ضرورة الارتقاء بمستوى الخطاب البرلماني، والمهنيون أصروا على التواجد من أجل دعم مختلف فئات الشعب، ورجال وسيدات الأعمال برهنوا على أن للتجار مصالح واهتمامات تتخلل أروقة البرلمان.
إنه عرس انتخابي متنوع، يعبر عن البحرين الحقيقية، البحرين التي حاول لون واحد اختطافها وإعادة كتابة تاريخها وحاضرها، وقد أثبت البحرينيون أنهم أكبر من أن يستوعبهم قالب أيديولوجي محدود زماناً ومكاناً، وأنهم قادرون على قراءة المحتوى وتجاوز العناصر الشكلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
التجربة الديمقراطية في البحرين تتشكل وتتطور وتنضج عاماً بعد عام. وهذا هو الطريق الصحيح للوصول إلى ديمقراطية عريقة وإلى إصلاح التجربة الديمقراطية ذاتياً ومن الداخل.