نحن الآن في النصف الثاني من شهر نوفمبر الجاري والشتاء يدخل علينا على استحياء، فالبرودة محدودة، ولم نضطر بعد لفتح خزائن ملابسنا الشتوية لإخراج ملابسنا الثقيلة التي أكل الدهر عليها وشرب من طول بقائها في الخزائن لعدم وجود أجواء شتوية باردة لدينا منذ سنين طويلة. وهذا العام نأمل أن يختلف الشتاء عندنا عن الأعوام السابقة، فننعم بأيام وليال باردة سعيدة، وأن تهطل علينا بعض الأمطار وإن كانت شحيحة.. فالأعوام السابقة لم نكن نحس فيها ببرد الشتاء ولم ننعم فيها بزخات ممطرة.
وكلما جاء الشتاء أتذكر الشتاء «لوّل» قبل حوالي سبعين عاماً عندما كنا صغاراً، فقد كان الناس يستعدون لاستقبال برده ومطره، وكان رب الأسرة يحصن
«البرستي» أو «الكبر» الذي في منزله بـ «الطرابيل» حتى لا تتسرب مياه الأمطار إلى داخله، لذلك كانت سقوف «البرستية» و«الكبارة» منحنية من الجهتين حتى لا تبقى مياه الأمطار عليها، كما أن هذا التحصين يمنع دخول الهواء البارد حتى لا تلسعنا البرودة ونحن نائمون فنستيقظ أو نصاب بالأمراض.
وكانت وسيلة تدفئتهم الوحيدة آنذاك هي الفحم
و«المنقلة» التي كانت تملأ بالفحم حتى يتحول إلى جمر يشع بالحرارة.
كان الأغنياء يلبسون ثياب الصوف و «الدكلة» الثقيلة والبشت الفرو، أما الفقراء فإنهم من شدة البرد ربما لبسوا ثوبين أو ثلاثة بعضها فوق بعض.
كانت الأمطار آنذاك غزيرة وربما تستمر لعدة أيام وكان يصاحبها أحيانا نزول البرد الذي نسميه «البردي» وكنا نتسابق في جمعه من أحواش المنازل فنفرك به عيوننا ووجوهنا اعتقادا منا أنه ماء طاهر، وهو كذلك، لأنه جاء من السماء، وأنه يشفي من أمراض الرمد والعيون والأمراض الجلدية.. ولأن أهلينا كانوا يحلقون رؤوسنا على «الزيرو» فقد كنا في حالة سقوط «البردي» نضع الدفاتر أو الشنط على رؤوسنا حتى نحميها من سقوطه عليها.
أما الماء البارد فلا سبيل لمقاومته إلا بتسخينه على «الجولة» حتى نستطيع أن نستحم أو نتوضأ به.
أما اليوم فقد تغير الحال، وتبدل الشتاء، لم نعد نستعد له لأنه أيام معدودات وتنقضي، فلا برد شديداً ولا أمطار غزيرة، فقد شحت البركة في كل شيء، أما مقاومته فإن الدفايات الكهربائية والسخانات حلت المشكلة، بالإضافة إلى المنازل والبيوت المحكمة التي لا ينفذ من خلالها الهواء البارد، كما أن العوازل في الأسقف والجدران حلت تسرب المياه والأمطار والرطوبة إلى داخل المنازل.. لكننا –للأسف – فقدنا شيئاً عزيزاً اسمه «فصل الشتاء».
وكلما جاء الشتاء أتذكر الشتاء «لوّل» قبل حوالي سبعين عاماً عندما كنا صغاراً، فقد كان الناس يستعدون لاستقبال برده ومطره، وكان رب الأسرة يحصن
«البرستي» أو «الكبر» الذي في منزله بـ «الطرابيل» حتى لا تتسرب مياه الأمطار إلى داخله، لذلك كانت سقوف «البرستية» و«الكبارة» منحنية من الجهتين حتى لا تبقى مياه الأمطار عليها، كما أن هذا التحصين يمنع دخول الهواء البارد حتى لا تلسعنا البرودة ونحن نائمون فنستيقظ أو نصاب بالأمراض.
وكانت وسيلة تدفئتهم الوحيدة آنذاك هي الفحم
و«المنقلة» التي كانت تملأ بالفحم حتى يتحول إلى جمر يشع بالحرارة.
كان الأغنياء يلبسون ثياب الصوف و «الدكلة» الثقيلة والبشت الفرو، أما الفقراء فإنهم من شدة البرد ربما لبسوا ثوبين أو ثلاثة بعضها فوق بعض.
كانت الأمطار آنذاك غزيرة وربما تستمر لعدة أيام وكان يصاحبها أحيانا نزول البرد الذي نسميه «البردي» وكنا نتسابق في جمعه من أحواش المنازل فنفرك به عيوننا ووجوهنا اعتقادا منا أنه ماء طاهر، وهو كذلك، لأنه جاء من السماء، وأنه يشفي من أمراض الرمد والعيون والأمراض الجلدية.. ولأن أهلينا كانوا يحلقون رؤوسنا على «الزيرو» فقد كنا في حالة سقوط «البردي» نضع الدفاتر أو الشنط على رؤوسنا حتى نحميها من سقوطه عليها.
أما الماء البارد فلا سبيل لمقاومته إلا بتسخينه على «الجولة» حتى نستطيع أن نستحم أو نتوضأ به.
أما اليوم فقد تغير الحال، وتبدل الشتاء، لم نعد نستعد له لأنه أيام معدودات وتنقضي، فلا برد شديداً ولا أمطار غزيرة، فقد شحت البركة في كل شيء، أما مقاومته فإن الدفايات الكهربائية والسخانات حلت المشكلة، بالإضافة إلى المنازل والبيوت المحكمة التي لا ينفذ من خلالها الهواء البارد، كما أن العوازل في الأسقف والجدران حلت تسرب المياه والأمطار والرطوبة إلى داخل المنازل.. لكننا –للأسف – فقدنا شيئاً عزيزاً اسمه «فصل الشتاء».