كنت قد تطرقت في مقالي السابق إلى عدم استحالة مهمة المنتخب العربي السعودي الشقيق أمام نظيره الأرجنتيني بالرغم من صعوبة المواجهة العالمية وبالرغم من الفوارق الواقعية بين المنتخبين وموقعهما على خارطة كرة القدم العالمية وهذا ما حدث بالفعل على أرض الواقع عندما فجر السعوديون كبرى مفاجآت مونديال قطر بانتصارهم التاريخي على الأرجنتينين بهدفين مقابل هدف واحد بعد سيناريو كروي ممتع كتب تفاصيله الدقيقة المدرب الفرنسي الجاد « هيرفي رينار « ونفذه بكل دقة وجرأة واستبسال أبطال «الأخضر» الأشاوس الذين اعتمدوا على قاعدة « 11 ضد 11» ولم ترهبهم نجومية « ميسي « ورفاقه بل جعلتهم أكثر عزما على مقارعة المنتخب الأرجنتيني المرشح الأبرز لنيل اللقب العالمي وأن يردوا له الصاع صاعين عندما حولوا تأخرهم بهدف الشوط الأول الذي سجله « ميسي « من نقطة الجزاء إلى انتصار مدوي بهدفين رائعين لصالح الشهري وسالم الدوسري في مطلع الشوط الثاني وما تبع ذلك من استبسال للحفاظ على هذا الفوز الثمين وإحباط كل المحاولات الأرجنتينية لتغيير النتيجة التي سيسجلها التاريخ المونديالي بأحرف من ذهب لتكون درسا من دروس كرة القدم التي لم تعد تعترف إلا بالأداء الجاد على أرضية الملعب .
فوز المنتخب السعودي لم يأت من فراغ بل اتضح جليا من خلال مجريات المباراة أن هناك خطة محكمة حاكها الفرنسي» رينار « مدعومة بتحضير بدني ومعنوي كبيرين لمسناهما قبل المباراة من خلال تصريح المدافع علي البليهي ومن خلال الأداء الرجولي الجاد أثناء المباراة التي تمكن الأخضر خلالها من إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى مرمى الحارس الأمين محمد العويس الذي كان أحد فرسان المباراة البارزين ...
هذا الفوز التاريخي الذي يرتقي في مضمونة إلى درجة الانتصار أسعد كل العرب ووسع مساحة التفاؤل للمنتخب السعودي باجتياز الدور الأول ، كما حفز بقية المنتخبات العربية للذهاب إلى أبعد من الأدوار التمهيدية ولعل تعادل المنتخب العربي التونسي مع نظيره الدنماركي خير شاهد على هذا التحفيز ...
الآن على « الأخضر السعودي « أن يطوي صفحة هذا «الانتصار التاريخي « ويستعد لمواجهة المنتخب البولندي يوم السبت المقبل بنفس الروح والهمة لإثبات قدراته وتعزيز تفوقه وتأمين مقعده في الدور الثاني من هذا المونديال العربي التاريخي ...
قبل الختام لا بد من الإشادة بما قامت به الجماهير العربية عامة وجماهير الأخضر على نحو خاص من دعم ومؤازرة منحت اللاعبين الحماس والثقة وهذا هو الدور المثالي الذي تلعبه الجماهير الواعية ، كما لا ننسى الدعاء للمدافع « الفدائي « ياسر الشهراني بالشفاء العاجل والعودة لمواصلة المهمة المونديالية مع رفاقه في هذا المعترك الرياضي العالمي ...