غالباً ما تنتج الحروب -إضافة إلى القتل والتدمير- نزعات انتقامية وتطرفاً وذاكرة مشحونة بالكراهية. ولذلك لم يكن مستغرباً أن تُحيي الحربُ الرُّوسية الأوكرانية الجارية حالياً النّزعات الشوفينية المتطرفة في أكثر تمظهراتها عنفاً وهي الفاشية والنازية. ليس في أوكرانيا فحسب، بل حتى في عدد من البلدان الأوروبية الأخرى. مستحضرة مسار تشكل الذّاكرات الجماعية المحفورة في جدران القلاع التاريخية للكراهية المنتجة للحروب، وتتغذى على ثنائيات «نحن» و«هم».
فنحن «الخير والحق» وهم «الشر والضلال». وفي ضوء هذه المعادلة التي تطبق في الفكر والممارسة على العلاقة «غرب - شرق»، أصبحت روسيا وداعموها اليوم هم «الشر كله»، وأوكرانيا ودول الناتو ومن معهم هم الخير كله.
هذا مجرد مثال من الثنائيات المستحدثة. إذ أصبح معجم الخداع اللغوي يستحضر التمثلات والكنايات القروسطية في ذات الوقت الذي يتم فيه الإعلان عن التَّمسك بالقيم الغربية الحداثية العقلانية، مثل الحرية - الديمقراطية - اللائيكية - الأنسوية وغيرها.. واستخدام مصطلحات مضللة عند طرح ومناقشة الموضوعات المتعلقة بالحوار وفقاً للثنائيات مع الآخر الخارجي «غالباً العربي - المسلم» والتي تفضي في الغالب إلى الحطّ من الآخر والتعالي عليه فكرياً، واستغلاله ونهبه عملياً.
ولكن الحرب التي تجري اليوم على الساحة الأوروبية استعادت الثنائيات الداخلية: «غرب أوروبا وشرقها، الكاثوليكية والأرثوذكسية، الأنجلوسكسونية واللاتينية- الروس - الناتو..»....». بل إن الغرب الذي سعى عبر تاريخه دوماً إلى عزل اليهودية واضطهاد معتنقيها، يتحدث اليوم عن الروابط العميقة بين المسيحية واليهودية، لإعادة تشكيل الثنائيات.
وكما كانت أوروبا بين الحربين في مقدمة المشهد السياسي المؤيد للفاشية، بل وصانعة لها، فإنها تشهد حالياً عودة مخيفة لليمين المتطرف: «أكثر من عشرة بلدان أوروبية تُحكمها أحزاب أقصى اليمين المتطرف».
وبعد أن كان العداء المستحضر هو الآخر «العربي - المسلم» فقط، جرى اليوم الجمع بين الروس-فوبيا والإسلام-فوبيا، من خلال المواقف العنصرية والعدائية، كقول الفاشيين في أوروبا «إن الروسي الجيد هو الروسي الميت» ووصف المهاجرين العرب والمسلمين بـ«الجرذان والوباء الذي يجب التخلص منه».. والأخطر من ذلك الترجمة العملية للفاشية في أوكرانيا حالياً، بمليشيات مسلحة تتخذ من أسماء النازيين رموزاً لهم تقدسها، بل وتطلق أسماءهم على الشوارع والسَّاحات.
إن النخبة السياسية اليمينية المتطرفة التي بدأت تكتسح أوروبا مجدّداً، تجنح بشكل واضح نحو الفاشية، وتدعم وتغذي الحرب مهما كان ثمنها قاسياً، بعكس توجهات أغلب شعوب هذه البلدان التي ترفض الحرب وتقاوم النزعات الفاشية وتنشد السلام والاستقرار والتنمية. إن هذه المنازعات المزروعة في الأوهام التاريخية، تغذيها المصالح والأطماع، تنتج الحروب التي لا تتيح الفرصة للأصوات القادرة على فتح آفاق جديدة للفكر الإنساني، وللعمل من أجل السّلام والخروج من جحيم الحرب، ومن بؤس الفاشية الجديدة التي هي أخطر على العالم من أسلحة الدَّمار الشامل.
فنحن «الخير والحق» وهم «الشر والضلال». وفي ضوء هذه المعادلة التي تطبق في الفكر والممارسة على العلاقة «غرب - شرق»، أصبحت روسيا وداعموها اليوم هم «الشر كله»، وأوكرانيا ودول الناتو ومن معهم هم الخير كله.
هذا مجرد مثال من الثنائيات المستحدثة. إذ أصبح معجم الخداع اللغوي يستحضر التمثلات والكنايات القروسطية في ذات الوقت الذي يتم فيه الإعلان عن التَّمسك بالقيم الغربية الحداثية العقلانية، مثل الحرية - الديمقراطية - اللائيكية - الأنسوية وغيرها.. واستخدام مصطلحات مضللة عند طرح ومناقشة الموضوعات المتعلقة بالحوار وفقاً للثنائيات مع الآخر الخارجي «غالباً العربي - المسلم» والتي تفضي في الغالب إلى الحطّ من الآخر والتعالي عليه فكرياً، واستغلاله ونهبه عملياً.
ولكن الحرب التي تجري اليوم على الساحة الأوروبية استعادت الثنائيات الداخلية: «غرب أوروبا وشرقها، الكاثوليكية والأرثوذكسية، الأنجلوسكسونية واللاتينية- الروس - الناتو..»....». بل إن الغرب الذي سعى عبر تاريخه دوماً إلى عزل اليهودية واضطهاد معتنقيها، يتحدث اليوم عن الروابط العميقة بين المسيحية واليهودية، لإعادة تشكيل الثنائيات.
وكما كانت أوروبا بين الحربين في مقدمة المشهد السياسي المؤيد للفاشية، بل وصانعة لها، فإنها تشهد حالياً عودة مخيفة لليمين المتطرف: «أكثر من عشرة بلدان أوروبية تُحكمها أحزاب أقصى اليمين المتطرف».
وبعد أن كان العداء المستحضر هو الآخر «العربي - المسلم» فقط، جرى اليوم الجمع بين الروس-فوبيا والإسلام-فوبيا، من خلال المواقف العنصرية والعدائية، كقول الفاشيين في أوروبا «إن الروسي الجيد هو الروسي الميت» ووصف المهاجرين العرب والمسلمين بـ«الجرذان والوباء الذي يجب التخلص منه».. والأخطر من ذلك الترجمة العملية للفاشية في أوكرانيا حالياً، بمليشيات مسلحة تتخذ من أسماء النازيين رموزاً لهم تقدسها، بل وتطلق أسماءهم على الشوارع والسَّاحات.
إن النخبة السياسية اليمينية المتطرفة التي بدأت تكتسح أوروبا مجدّداً، تجنح بشكل واضح نحو الفاشية، وتدعم وتغذي الحرب مهما كان ثمنها قاسياً، بعكس توجهات أغلب شعوب هذه البلدان التي ترفض الحرب وتقاوم النزعات الفاشية وتنشد السلام والاستقرار والتنمية. إن هذه المنازعات المزروعة في الأوهام التاريخية، تغذيها المصالح والأطماع، تنتج الحروب التي لا تتيح الفرصة للأصوات القادرة على فتح آفاق جديدة للفكر الإنساني، وللعمل من أجل السّلام والخروج من جحيم الحرب، ومن بؤس الفاشية الجديدة التي هي أخطر على العالم من أسلحة الدَّمار الشامل.