إنه السؤال الذي يحير العالم. لماذا تنحدر القيم الأخلاقية في الغرب؟ لماذا تجاوز الغرب دعم حقوق المثليين إلى فرض المثلية، وانتهاك حق الأسر في تربية أبنائها؟ ما مسوغات تشريع المخدرات تدريجياً حتى تصبح من الممارسات الطبيعة مثل شرب الكحول؟ كيف تجرأت بعض الجهات لإعلان دعمها للبيدوفليا «التحرش بالأطفال»؟ حتى الشعوب الغربية نفسها لم تعد تفهم إلى أين تتجه بوصلة القيم في دولهم. فمن غرب أخذ على عاتقه منذ عصر الأنوار الدفاع عن الإنسان وكرامته وكينونته، وتخليصه من القوى الغيبية والأرضية المهيمنة عليه والمتحكمة بأقداره، ومن غرب مدافع عن الحرية الذاتية، ومنحها مسافة أمان كافية مع توجهات المجتمع وقيمه العامة، إلى غرب يسلك طريقاً يعادي الإنسانية ويهدد بفنائها.
يقول المفكرون الذين انشغلوا بدراسة الحداثة وتفكيكها: إن الحداثة تحمل جذور فنائها، لأنها تحمل تناقضاتها معها. والحداثة في أبسط تعريفاتها أنها القطيعة مع الماضي. وما هو الماضي؟ إنه كل زمن يمر وينتهي. فهذه اللحظة ستصبح ماضياً وستقطع الحداثة الصلة بها وبكل مكوناتها. ومن أهم القيم التي أعلت الحداثة شأنها القيم الفردية والذاتية، وحرية الفرد المسؤولة في اختيار طريقه وبناء حياته كيفما يشاء.
هل نقطع صلتنا بالماضي لأنه ماضٍ أم بما لم يعد مناسباً وإيجابياً في الحاضر؟ إنه سؤال لم تجب عليه الحداثة بدقة. وكيف يمارس الفرد حريته الذاتية دون أن تتعارض مع حرية الآخرين؟ تجيب الحداثة إن القانون ينظم كل ذلك، ومن هنا تنشأ التناقضات. فالماضي يحمل قيماً إيجابية جرى إهالة التراب عليها لتصبح عتيقة وغير متسقة مع قيم العصر، والحريات الفردية يجري سن القوانين الخاصة لتعزيزها مما أدى إلى تصادمها مع القيم العامة للمجتمع.
لكن هذا التعاظم في التناقض لم يبدأ من القرن الحادي والعشرين، فمع انطلاق الثورات الفكرية والصناعية الأوروبية وبدء الحركة الكولونيالية تحت غطاء نشر القيم الغربية في العالم المتخلف، جرى ارتكاب جرائم ضد الشعوب المستعمرة وسرقة ثرواتها والتحكم بها إلى يومنا هذا. والحضارة التي أنتجت السيارة والطيارة والهاتف، أنتجت القنابل والصواريخ والدبابات وواجهت أوروبا أكبر تناقضاتها الفكرية في الحربين العالميتين، الأمر الذي خلق اتجاهات فكرية عدمية وسوداوية وتفكيكية وقفت مصدومة وعاجزة أمام استغلال الحضارة الغربية لمنتجاتها الحضارية في قتل مواطنيها بالملايين!
لذلك، ويبدو استناداً إلى الطبيعة البشرية، فإن تناقضات الحداثة والحضارة الغربية بلغت أوجها في هذا العقد من القرن الحادي والعشرين. فالاختراعات العلمية التي خدمت البشرية، صارت تستغل في عمليات التحول الجنسي وفي إنتاج مواد كيميائية تؤثر على طبيعة الجسد البشري. والحرية التي كرست الحداثة نفسها لخدمتها بدأ «يفلت عقالها» حين تدخلت الثروات عند بعض أصحاب الميول الشاذة.
من أجل ذلك فإن إعادة دراسة «التوازن الثقافي للمجتمعات» هو الكفيل بضبط الممارسات الذاتية الخاصة، وإبقائها في مساحتها وحجمها الطبيعي. ومسألة القيم ليست مكونات أثرية بائدة، بل هي محاولات البشرية الأولى لتشكيل هويتها الإنسانية وحماية الوجود الكلي للمجتمع أمام التباينات الفردية. وقد تخطئ كثيراً تلك الاجتهادات القديمة في مجال القيم، ولكنها ليست خطأ بالكامل، وتلك هي أزمة الغرب ومعركته القادمة.
يقول المفكرون الذين انشغلوا بدراسة الحداثة وتفكيكها: إن الحداثة تحمل جذور فنائها، لأنها تحمل تناقضاتها معها. والحداثة في أبسط تعريفاتها أنها القطيعة مع الماضي. وما هو الماضي؟ إنه كل زمن يمر وينتهي. فهذه اللحظة ستصبح ماضياً وستقطع الحداثة الصلة بها وبكل مكوناتها. ومن أهم القيم التي أعلت الحداثة شأنها القيم الفردية والذاتية، وحرية الفرد المسؤولة في اختيار طريقه وبناء حياته كيفما يشاء.
هل نقطع صلتنا بالماضي لأنه ماضٍ أم بما لم يعد مناسباً وإيجابياً في الحاضر؟ إنه سؤال لم تجب عليه الحداثة بدقة. وكيف يمارس الفرد حريته الذاتية دون أن تتعارض مع حرية الآخرين؟ تجيب الحداثة إن القانون ينظم كل ذلك، ومن هنا تنشأ التناقضات. فالماضي يحمل قيماً إيجابية جرى إهالة التراب عليها لتصبح عتيقة وغير متسقة مع قيم العصر، والحريات الفردية يجري سن القوانين الخاصة لتعزيزها مما أدى إلى تصادمها مع القيم العامة للمجتمع.
لكن هذا التعاظم في التناقض لم يبدأ من القرن الحادي والعشرين، فمع انطلاق الثورات الفكرية والصناعية الأوروبية وبدء الحركة الكولونيالية تحت غطاء نشر القيم الغربية في العالم المتخلف، جرى ارتكاب جرائم ضد الشعوب المستعمرة وسرقة ثرواتها والتحكم بها إلى يومنا هذا. والحضارة التي أنتجت السيارة والطيارة والهاتف، أنتجت القنابل والصواريخ والدبابات وواجهت أوروبا أكبر تناقضاتها الفكرية في الحربين العالميتين، الأمر الذي خلق اتجاهات فكرية عدمية وسوداوية وتفكيكية وقفت مصدومة وعاجزة أمام استغلال الحضارة الغربية لمنتجاتها الحضارية في قتل مواطنيها بالملايين!
لذلك، ويبدو استناداً إلى الطبيعة البشرية، فإن تناقضات الحداثة والحضارة الغربية بلغت أوجها في هذا العقد من القرن الحادي والعشرين. فالاختراعات العلمية التي خدمت البشرية، صارت تستغل في عمليات التحول الجنسي وفي إنتاج مواد كيميائية تؤثر على طبيعة الجسد البشري. والحرية التي كرست الحداثة نفسها لخدمتها بدأ «يفلت عقالها» حين تدخلت الثروات عند بعض أصحاب الميول الشاذة.
من أجل ذلك فإن إعادة دراسة «التوازن الثقافي للمجتمعات» هو الكفيل بضبط الممارسات الذاتية الخاصة، وإبقائها في مساحتها وحجمها الطبيعي. ومسألة القيم ليست مكونات أثرية بائدة، بل هي محاولات البشرية الأولى لتشكيل هويتها الإنسانية وحماية الوجود الكلي للمجتمع أمام التباينات الفردية. وقد تخطئ كثيراً تلك الاجتهادات القديمة في مجال القيم، ولكنها ليست خطأ بالكامل، وتلك هي أزمة الغرب ومعركته القادمة.