الرأي

بينوكيو

من منا لا يعرف الشخصية الكارتونية بينوكيو، الطفل الخشبي أحد الشخصيات التي برزت واشتهرت لأفلام ديزني لكاتبها الإيطالي والتي تعد من أشهر قصص الأطفال الكارتونية التي تعبر عن مضامين كثيرة منها المعاناة في تربية الأطفال ورفقة أصحاب السوء وصراع الخير والشر، وما تمثل الرواية من قيم وأخلاق مثل الصدق والطيبة، فمن المشاهد الجميلة لرواية بينوكيو هو أنفه الطويل الذي ينمو ويطول كلما كذب، وهذا المشهد يعد من أجمل المشاهد التوجيهية للطفل التي تعمل على تعزيز صفة الصدق ونبذ صفة الكذب كوسيلة تعليمية؛ فهو مشهد قاسٍ وتحذيري، ولكنه مؤشر مهم إلى أن الكذب منبوذ ومرفوض وغير مستحب ويشوه جمال الإنسان الداخلي والخارجي.

يحيطنا اليوم الكثير من شخصية بينوكيو صاحب الأنف الطويل ليس على مستوى الأشخاص فقط بل على مستوى شعوب ودول تخيل الدول صاحبة الأجندات عندما تكذب، فالكذب يأخذ منحى آخر في الحياة ويشوه المعنى الجميل في الإنسانية والفطرة والسلام، تخيل كيف يكون حال الأشخاص كثيري الكذب أتوقع أن أنوفهم سوف تقوم بمهام العصا التي يتوكؤون عليها حتى يستمروا في الكذب والضلال، تصور لو بالفعل يطول الأنف أو تنبثق رائحة كريهة عند الكذب، أمر مزعج لشخصية الكذاب وغير محبذة ومنفرة؛ لأن الكذاب أشبه بالمنافق يتوارى بوجه آخر منبوذ.

من نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية أنه عز وجل لا يكشف زيف الكاذب باستطالة أنف مثل صاحبنا بينوكيو أو بانبثاق رائحة مزعجة فمن كرمه وستره يمهل العبد عله يبتعد عن هذه الصفة وإذا لم يتعظ بعد طول الستر فسوف يكشف كذبه لا محالة، المصيبة عندما لا يشك الكاذب بأكاذيبه ويساير نفسه والآخرين من حوله على أنها حقائق هنا بالذات نتمنى أن ينمو أنفه ولا يقف، ولكن لماذا يكذب البعض ولماذا يتخذون من الكذب وسيلة لاستقطاب محبة الناس أو لمآرب أخرى أليس حبل الكذب قصيراً؟ أليس الكذاب منبوذاً أم أصبح الكذب صفة كمالية للارتقاء والتدرج في المعايير البشرية؟ لا أكذب ولكني أتجمل واقعاً يعيش معه البعض والبعض يساير الكذاب و»مبسوط» جداً منه، واقع ولكن مهما انقلبت المقاييس للقيم والمبادئ فيبقى الصدق تاج العظماء وأحسب أن بينوكيو عظيم عندما عاد لرشده واتخذ الصدق سبيلاً ليزيده جمالاً.