أميرة صليبيخ


لماذا من المهم أن تُثري لغتك؟ لأن كلامك يعكس شخصيتك فهو واجهتك الأولى عند التعامل مع الآخرين، وكلماتك المستخدمة تكشف الكثير عنك وعن تربيتك وثقافتك ومستواك العلمي واهتماماتك الأدبية.

اللغة أكبر من مجموعة كلمات ترددها. اللغة هي مقياس لاستثمارك في نفسك ومحّصلة قراءتك واطلاعك وسعيك الذاتي للتطور.

ولسقراط مقولة شهيرة يقول فيها «تكلم حتى أراك».. هكذا يختصر أشواطاً من الاختبارات الذاتية حتى يقّيم الأشخاص الذين أمامه. فلا يهم أبداً عدد ما تملكه من شهادات وخبرة وما مررت به من تجارب قيمة ما لم تنطق وتتكلم بها حتى تُعرف، وحتى تُرى!

أنت تنضح بما فيك من علم وعقل، أما ما ترتديه من ملابس فاخرة فلا قيمة لها أمام ذلك كله.

ولأننا في عصر الغَلَبة فيه للمفوهين الذين يجيدون الكلام مهما كانت تفاهته، فلابد أن تحسنّ محصولك اللغوي وتخزن ما يسعفك من كلمات لمختلف المواقف، لأن الكلام الحقيقي فن وليس مجرد مجموعة كلمات مصفوفة ترددها كأنك مسجل قديم.

وفن الكلام يتطلب منك «عيناً متذوقة» للكلمات، وعقلاً واعياً يجيد الاحتفاظ بها. فهي عملية تراكمية ومستمرة مثل أي بذرة تشق طريقها وسط التراب والعتمة وتتفاجأ بها بعد فترة أنها أينعت.

ومصادر تحسين اللغة عديدة.. أولها دواوين الشعر. اقرأ ما تيسر لك من شعر ومن نثر ومن قصائد عربية ومترجمة، أقرأها على مهل، اجعلها تذوب في خلاياك، وتستقر في لغتك وكأنها جزء منك. العبرة ليست في استخدام كلمات غريبة مبهمة حتى تبهر الآخرين بل التحدي هو أن تستخدم لغة أنيقة راقية بأقل قدر من التكلف حتى لا تجعل نفسك أضحوكة.

ثم تستطيع أن تستقي الكلمات من الروايات. هناك روايات لذيذة غارقة في عذوبتها ومفرداتها كأنها الشعر، فتبحر معها دون رغبة منك في الوصول لنهاية.

العلاقة بينك وبين الكلمات هي علاقة صداقة تبدأ بالتعرف التدريجي عليها ثم تزداد أواصرها بمقدار ما تعطيها من اهتمام ورعاية.

تعلم أن تلتقم الكلمات الجديدة.. تذوقها على مهل وأعد تكرارها حتى تستقر داخلك وتتوحد معك.

خذ مفردة جديدة، تعامل معها كشخص جديد يقف أمامك، تفحصها جيداً، تعلم عنها المزيد، معانيها، مرادفاتها، أضدادها، متشابهاتها. ضعها في جمل قصيرة أو طويلة.. أدخلها في محادثاتك اليومية، اجعلها تخرج منك ببساطة ويسر، مع الوقت ستجد أنك جمعت عدداً لا بأس به من الكلمات «أصدقاؤك الجدد».