إنّ أكثر ما يؤثّر على جودة حياتنا بشكل عام هو العلاقات، سواء كان ذلك التأثير سلبياً أم إيجابياً، فلذلك مهم جداً للإنسان أن يخالط الناس باختلاف جنسياتهم وأشكالهم وثقافتهم وديانتهم إلخ.. وكما جاء في القرآن الكريم لقوله تعالى: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لِتعارفوا" فبهذه الطريقة سوف يتعلم الإنسان من تجاربه مع الناس الكثير الكثير، سيتعلّم تلك الأمور التي قد لا يجدها في بعض الكتب!! وإن وجد فيها المعلومات القيّمة، إلا أنها تفتقر لروح التجربة والشعور الناتج عنها وجودة دروسها التي ستكون إضافة قيّمة لمبادئه التي يعيشها في حياته، وقد لا تتسع حياة الإنسان للغوص في بحر علوم البشر عن طريق التجارب فقط!! فلذلك من الذكاء أن ينوّع من مصادر المعلومات سواء من الكتب أو البحث عن طريق الإنترنت أو حضور دورة تخص العلاقات أو الاستماع لتجارب الآخرين والاستفادة منها وإلخ.. إضافةً إلى تجاربه الشخصيّة.

فعلى الرغم من كمية مصادر المعلومات وتنوعها وسهولة الحصول عليها في أيامنا هذه، فإن هناك أشخاصاً لديهم أرواح عظيمة وقويّة وتوّاقة لخوض تجارب الحياة بأنفسهم، وإن كانوا يمتلكون معلومات ضخمة عن تلك المواضيع!! فهم لا يجدون المتعة إلا في التجربة الشخصية، لديهم إصرار لتطبيق كل ما يتعلمونه على أرض الواقع، لا يخافون من مواجهة تحدّيات الحياة من أجل تحقيق أحلامهم، يشقون طريقهم بهدوء وسكينة، لديهم شغف في عيش التجارب بمشاعرها، وإن كانت غير مرضية، لديهم إيمان بقدرتهم على إنجاح تجاربهم التي فشل فيها الكثيرون، لديهم نهجهم الخاص ولا يتبعون أحداً، لديهم روح الجرأة والشجاعة لإعادة تدوير النتائج الفاشلة، لديهم خاصيّة التفرّد في طريقة تفكيرهم وعيشهم ونظرتهم إلى الحياة التي قد يعتبرها البعض جنوناً أو حماقة أو تمرّداً، لديهم وضوح لما يريدونهُ من الحياة، لا يبررون تصرفاتهم للذين يرونها غريبة الأطوار، أدركوا عمق الحياة وسر بساطتها، لديهم أرواح الأطفال الذين يقذفون بكل ما يقع في أيديهم ليروا النتيجة بأنفسهم ويستشعرونها حتى لو تمّ نهرهم عنها، أولئك الملهمون، أولئك من يصنعون التغيير الفارق في البشرية، هم "الحقيقيون".