حفلت الصفحات الموالية للنظام السوري، في الساعات الأخيرة، وبعيد التدخل العسكري الروسي لصالح رئيس نظامهم الذي كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط، بمنسوب وصِف بالمرتفع من مفردات التحريض ذات الطبيعة الطائفية، ومقرونة بعرض صور التنكيل بجثث المقاتلين الذين سقطوا في معارك ضد النظام السوري، والتعامل معها كزينة أو "ديكور" على حافلاتهم العسكرية.وهي وإن لم تكن المرة الأولى، والتي يقوم بها الإعلام الموازي المناصر للأسد، بعرض صور تتضمن تمثيلاً بالجثث، إلا أنها الآن تتصف بـ"عنف مفرط" على حد وصف معلقين محايدين استغربوا كيف يتم تعليق جثث من أرجلها على أطراف السيارات كما لو أنها ذبائح أو ما غنمه صياد في رحلة صيده البرية.وعمد الجنود إلى تعليق الجثث التي تتدلى من سيقانها إلى رؤوسها، وتقطر دماً كما يظهر في الصورة، إمعاناً من "مهندس الديكور الشيطاني"، ويظهر في الصورة وضع سلم للصعود مثبت على جثة، كي يسهل على العسكري استخدامه صعوداً ونزولاً، كما لو أن جثة المقاتل عبارة عن جدار إسمنتي، لا جثة بشرية لها كرامتها التي لا يجب أن تنتهك.ويترافق هذا "العنف البصري" المفرط مع عنف تحريضي طائفي ومناطقي على حد سواء. وخاصة بعد حادثة مقتل العشرات من جنود النظام، في "انقلاب سيارة عسكرية تقلهم" حسب الرواية الرسمية التي لم يتم التحقق منها، في المنطقة الفاصلة ما بين "جبلة" الساحلية، وجبال العلويين، في منطقة "بيت ياشوط". حيث قتل قرابة الأربعين عنصراً من جنود النظام السوري، في تلك الحادثة التي لازالت تفاصيلها وملابساتها مجهولة.استغل أنصار النظام السوري تلك الحادثة، خصوصاً أن الناجي منها كما قالوا على صفحاتهم هو من محافظة إدلب الشمالية ويعمل سائقاً للحافلة التي "انقلبت" وقتل راكبوها. فكانت الحادثة مناسبة للضخ والتحريض الطائفيين عبر الإشارة الصريحة إلى "التشكيك" بالسائق وأنه من تلك المحافظة، وأن"الحادث مفتعل" كما ورد على صفحاتهم.وفي الساعات القليلة الماضية، وبعد قيام قناة "المنار" اللبنانية والتابعة لـ"حزب الله" الشيعي اللبناني بعرض تقرير مصور عن مداهمة "وكر" في اللاذقية والكشف عن مجموعة مختلفة من الأسلحة فيه، وفي منطقة الرمل الجنوبي تحديداً، عادت لغة التحريض الطائفية لدى أنصار النظام السوري، وبوتيرة أشد طالبة "بمحو هذا الحي عن الخريطة لأنه أصلاً يضم غرباء بين جنبيه".وغرباء هنا، تعني وجود النازحين من المحافظات السورية الأخرى الهاربين من جحيم القتال، وتعني أيضاً وجود الفلسطينيين لأنهم موجودون في "الرمل الجنوبي" من سنوات طويلة.خبراء متابعون للشأن السوري أكدوا أن التدخل العسكري الروسي لن يخلف وراءه إلا "منتصراً منتقماً طائفياً" أو "ضحايا سلاح أجنبي بخلفية محلية طائفية".وأضافوا أن "ارتفاع منسوب التحريض الطائفي لدى الإعلام الموازي الداعم للنظام السوري هو بداية أولى لنصرة روسيا للتحريضيين الانتقاميين المقاتلين بخلفية طائفية تامة".وبالعودة إلى خبر امتهان الجثث وتعليقها على جنبات السيارات العسكرية كديكور شيطاني مفضل لدى عناصر وضباط النظام السوري وخبر انقلاب الشاحنة العسكرية ومقتل كل من كان على متنها "عدا السائق الإدلبي، على حد زعم وتحريض أنصار الأسد"، وخبر "محو حي الرمل الجنوبي"، تظهر مؤشرات ما أدلى به المحللون من أن أي نتيجة للتدخل العسكري الروسي لن تخرج عن "تنصيب منتصر طائفي" أو تحويل سوريا بأكملها "إلى ضحايا القذائف الطائفية التي تسقطها طائرات ذات ماضٍ ماركسي تقدمي" برفقة حلفاء تحريضيين من العراق ولبنان وإيران، للإجهاز على "أي بذرة أمل" للعيش "بدون الأسد"، على حد عدة تعابير مدمجة من أدبيات المعارضة السورية.ويذكر في هذا السياق أن بعض المعارضين السوريين طالب بعرض صور امتهان الجثث وتحقيرها وتحويلها إلى ديكور على الإعلام الروسي، خصوصاً أن منفذ هذا الفعل "الشنيع" هو من جيش حليفه.ولتقديم رسالة إلى الرأي العام الروسي والذي ادعت وسائل إعلام حكومية روسية أن أغلبية الروس مع التدخل العسكري في سوريا لصالح الأسد بأن من يقاتلون لأجله في سوريا، هذا ما يفعله في جثث خصومه، وأن ما يحصل "هو ثقافة حليفهم التي لا يعرف سواها" وأنه في الواقع، لايختلف عن باقي "المطلوبين للعدالة" في أي تنظيم متطرف في المنطقة.