أثارت الإجراءات الأخيرة، للحكومة العراقية، تساؤلات عن قدرتها، على مواجهة الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار، مقابل الدينار، وسط دعوات لوضع حلول عاجلة.

واقتحمت قوة من وزارة الداخلية السبت، بورصتي الكفاح والحارثية، وسط بغداد، واعتقلت عددًا من المضاربين بعملة الدولار.

وقالت الوزارة في بيان، إن "الأجهزة الأمنية المختصة نفذت عملية أمنية في العاصمة بغداد والمحافظات للقبض على المتلاعبين بأسعار صرف الدولار خارج الضوابط والتعليمات وكذلك أصحاب محال الصيرفة غير المرخصة"، مضيفة أن "هذه العملية لم تستهدف أصحاب الشركات الذين يتعاملون بصورة قانونية بعيدة عن المضاربة التي تستهدف قوت المواطنين وكذلك تهريب الدولار وإرباك السوق".

وتصاعدت حدة أزمة الدولار في العراق، بعد أن سجل سعر الصرف مقابل الدينار، مستويات غير مسبوقة منذ 2004، فيما يقول خبراء وسياسيون إن المسألة تتعلق بإجراء أمريكي جديد يهدف لوقف تهريب الدولار إلى الدول الموضوعة على اللائحة السوداء.

وبدأ هذا التراجع منذ أكثر من شهر، وصار تناول أسبابه الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العراقية، وأغلقت بورصة بغداد، مساء السبت، سعر الصرف عند 165.000 دينار، لفئة 100 دولار، في حين أن سعر الصرف المحدد من قبل البنك المركزي يبلغ 145 ألف دينار.

بدوره، أكد مصدر أمني، أن "عملية اقتحام بورصتي الحارثية والكفاح، جاءت بعد ورود معلومات عن وجود أشخاص متورطين بالتلاعب بالعملة الصعبة، عبر الاحتفاظ بها، وسحب الدولار من السوق، دون عرضه للبيع، فضلاً عن وجود مكاتب مخالفة، تمارس أنشطتها بعيداً عن الرقابة"، مشيراً إلى أن "الإجراء سيشمل تجاراً أكبر، خلال المرحلة المقبلة".

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "المخالفات الحاصلة هناك تتمثل بتنظيم أوراق مستندية وهمية، فضلاً عن إصدار حوالات مخالفة للقوانين؛ ما يعني سهولة تهريب العملة نحو الدول الأخرى".

وتساءل عراقيون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن جدوى تلك الإجراءات، وإمكانيات أن تكبح جماح الدولار، في ظل ارتباط أزمة ارتفاعه بمفاعيل السياسة الأمريكية الإيرانية في المنطقة، إذ فرض البنك الفدرالي الأمريكي، على البنك المركزي العراقي، إنشاء منصة إلكترونية، لمنع تهريب الدولار.

وتشير تقارير، إلى أن التحرك الأمريكي نحو الدولار جاء لكبح جماح المصارف التابعة لبعض قوى الإطار التنسيقي، في إيصال الدولار إلى خارج البلاد، وتحديدًا إلى إيران.

سونار لضبط التهريب

كما أعلنت وزارة الداخلية مساء السبت، عن نصب أجهزة سونار على الطرق الخارجية، لكشف عمليات تهريب الدولار، وذكر بيان مقتضب للوزارة أنه "بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق باشرنا بنصب أجهزة السونار على الطرق الخارجية التي تربط المحافظات لرصد حالات تهريب العملة الأجنبية ومحاسبة المضاربين بموجب القانون".

اقتحمت قوة من وزارة الداخلية بورصتي الكفاح والحارثية، وسط بغداد، واعتقلت عدداً من المضاربين بعملة الدولار.

ورأى الباحث في الشأن الاقتصادي، سرمد الشمري، أن "أزمة الدولار سببها التهاون في تطبيق المعايير الدولية التي تمنع تسرّب الدولار، إلى الجهات الموضوعة على اللائحة السوداء، خاصة أنه منذ سنوات تسعى الولايات المتحدة، وكذلك المنظمات الدولية، نحو إلزام العراق بهذا الأمر، لكن دون جدوى، أو تهاون من قبل المسؤولين، وهذا مفهوم بسبب تشعب الارتباطات، وتغلغل بعض المتنفذين في المفاصل الداخلية لإدارة الدولة".

وأضاف الشمري لـ"إرم نيوز" أن "الحكومة العراقية عليها الالتزام بعدم تسرب الدولار إلى الجهات المحظورة، والالتزام بالمعايير الدولية وخاصة في موضوع التحويلات الخارجية، والالتزام بالاعتمادات المستندية في التحويلات وحسب تعليمات البنك المركزي وتدقيق كافة المعاملات مشروطة بمعرفة مصادر الأموال التي يشارك فيها العميل في نافذة بيع العملة ومن هو مالكها الحقيقي والجهات المستفيدة منها".

وتستعد حركات شبابية، لتنظيم احتجاجات أمام البنك المركزي، للتنديد بارتفاع سعر صرف الدولار، وهو ما انعكس على الفئات الفقيرة، كما خفض قيمة رواتب الموظفين.

وقال الناشط سلام الحسيني، عبر "تويتر" إن "اللجنة المركزية للتظاهرات تعلن النفير العام لكوادرها في كافة المحافظات للتحشيد لتظاهرة يوم الـ25 أمام البنك المركزي بعد ارتفاع الدولار لمستوى غير مسبوق حيث لامس الـ170 ألفًا لكل 100 دولار في ظل فشل واضح لحكومة الإطار بضبطه ومنع تهريبه لإيران".

ومن شأن تلك التطورات، وأزمة الدولار، أن تزيد الضغوطات على حكومة السوداني، كما إنها تفتح الباب واسعاً أمام سيناريوهات متعددة، مثل انطلاق احتجاجات كبيرة، أو تحريك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أنصاره للنزول إلى الشارع.