الوطن الطبية

د. طارق الشيباني لـ'الوطن': الفشل الكلوي يؤدي لعدم ضبط العناصر المعدنية في الجسم

* الكلّية تحتوي على وحدات تنقية وتصفية للدم تسمى 'النفرون' * الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط يؤديان للفشل الكلوي على المدى البعيد * الكلية تحافظ على العدد المطلوب من كريات الدم الحمراء * لحموضة الدم أهمية قصوى في القيام بالعمليات الحيوية بالجسم * إنزيمات وهرمونات 'الرينين' و'الألدوستيرون' و'الأنجيوتنسن' تضبط ضغط الدم * المعدل الطبيعي لحموضة الدم 7.4 حتى يستمر الإنسان على قيد الحياة * الهرمون المضاد للإدرار البولي يتحكم في حجم السائل الدموي

وليد صبري




* الكلية تحتوي على وحدات تنقية وتصفية للدم تسمى "النفرون"

* الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط يؤديان للفشل الكلوي على المدى البعيد

* الكلية تحافظ على العدد المطلوب من كريات الدم الحمراء

* لحموضة الدم أهمية قصوى في القيام بالعمليات الحيوية بالجسم

* إنزيمات وهرمونات "الرينين" و"الألدوستيرون" و"الأنجيوتنسن" تضبط ضغط الدم

* المعدل الطبيعي لحموضة الدم 7.4 حتى يستمر الإنسان على قيد الحياة

* الهرمون المضاد للإدرار البولي يتحكم في حجم السائل الدموي


كشف الأستاذ المشارك بكلية الطب والعلوم الطبية في جامعة الخليج العربي، د. طارق أحمد الشيباني، عن أن الكلية بعملية تضبيط العناصر الأساسية المعدنية في جسم الإنسان كملح الطعام "كلوريد الصوديوم"، وما يحتويه من عنصري الصوديوم والكلور وعنصر البوتاسيوم والكالسيوم والمنجنيز وغيرها، موضحاً أنها كذلك تحافظ على العدد المطلوب من كريات الدم الحمراء، لافتاً إلى أن الفشل الكلوي يؤدي إلى عدم ضبط العناصر المعدنية في الجسم، بالإضافة إلى أن مرض السكري المزمن وضغط الدم المزمن يمكن أن يؤديا إلى الفشل الكلوي على المدى البعيد.

وقال في تصريحات لـ"الوطن الطبية" إن جميع خلايا الإنسان يكتنفها سائل يحتوي على المواد الأساسية لتغذيتها وكذلك على المواد الناتجة من العمليات الحيوية التي تحصل في هذه الخلايا لكي تنتج لنا الطاقة التي نستخدمها في حركتنا وتفكيرنا ونطقنا والنشاطات الحيوية الأخرى، فكما أن للسيارة مادة تغذيها لكي تسير، وهي البترول، والماء للتبريد، والزيوت للتشحيم، فإن جسم الإنسان مع الفارق الكبير بين السيارة والإنسان، يحتاج إلى غذاء وماء وأكسجين، وكما أن للسيارة عادم يخلص السيارة من نواتج احتراق البترول فكذلك لجسم الإنسان مخارج للنفايات الناتجة من حرق الغذاء، فالجهاز الهضمي يخلصنا من المواد والفضلات الصلبة، والكلى تخلصنا من الفضلات، بصورة مذابة، أي سائلة والجهاز التنفسي يخلصنا من غاز ثاني أكسيد الكربون، بصورة غازية.

وذكر أن الإنسان يملك كليتين تزن الواحدة منها تقريباً 160 غراماً وتكون بحجم قبضة اليد ويستطيع الإنسان أن يكتفي بعمل كلية واحدة إذا ما تم نقل كليته الأخرى إلى شخص آخر عنده فشل كلوي، وكل كلية تحتوي على وحدات تنقية أو تصفية للدم تسمى بـ"النفرون" فكل كلية تحتوي على مليون ومائتين وخمسين ألف وحدة تنقية أي أن الكليتين تحتويان على مليونين ونصف من هذه الوحدات، ويستطيع الإنسان العيش حتى ولو قلت هذه الوحدات إلى 20% ويصاب الإنسان بالفشل الكلوي لو قلت هذه الوحدات إلى أقل من 15% وعليه بعد ذلك اللجوء إلى غسيل الدم أو زراعة كلية من أي متبرع يطابق التكوين الجيني له.

وأشار إلى أن الدم بما يحمل من نواتج عملية الاحتراق وما يحمله من عناصر أساسية كالصوديوم والبوتاسيوم والكلور وغيرها وما يحتويه من سكر الجلوكوز وأحماض أمينية ناتجة من هضم البروتينات وربما كذلك على نواتج الأدوية التي يتعاطاها الإنسان، فكل هذه المواد تمر على وحدات التصفية في الكلى لكي تقوم الكلى بتصفية هذا الدم الذي يمر عليها من كل ما فيه، أي كل محتويات الدم ما عدا المواد البروتينية وكريات الدم فإنها لا تغادر الشعيرات الدموية بل تبقى فيها أما ما عدا ذلك فينتقل على شكل بلازما خالية من البروتينات إلى الأنابيب الكثيرة الموجودة في الكلى وهذه العملية تسمى بعملية الرشح، وهنا إذا صح التعبير "تفكر الكلية وتحلل" هل هذه المواد يحتاجها الجسم أم أنها زائدة فإن كانت هذه المواد مهمة وضرورية تقوم الكلى بإعادة المواد التي نحتاجها إلى الدم مرة أخرى أما المواد الزائدة عن حاجتنا أو المواد الناتجة من العمليات الحيوية فإن من الأحسن لها أن تطرد من الجسم، فترسلها الكلى إلى المثانة ومنها عن طريق عملية التبول إلى الخارج.

وقال "مثلاً السكر مهم جداً للجسم، فهو يرشح من الدم وينتقل إلى السائل الموجود في أنابيب الكلية ولكن الكلية ترى أنه من الضروري بقاء السكر في الدم فترجعه مرة أخرى إلى الدم ولذلك ففي الحالة الطبيعية وفي الإنسان السليم لا نرى سكراً في بوله، أما إذا كان الإنسان مصاباً بمرض السكري فإن الكلية تستقبل كميات كبيرة من السكر في سائلها وبالتالي ترد إلى الدم جزءاً من السكر وتتخلص من جزء كبير من السكر القادم من الدم إليها ولذلك ترى أن بول المصابين بالسكر يحتوي على نسب متفاوتة من السكر، ومن هذا المثل نستطيع أن نقول بأن الكلية تحاول أن تقوم على تضبيط نسبة السكر في الدم بالتخلص من السكر الزائد عن النسب المطلوبة. وبالمثل تقوم الكلية بعملية تضبيط العناصر الأساسية لجسم الإنسان كملح الطعام "كلوريد الصوديوم"، وما يحتويه من عنصري الصوديوم والكلور وعنصر البوتاسيوم والكالسيوم والمنجنيز وغيرها، والكل يعلم ما هي علاقة عنصر الصوديوم وتركيزه في الدم مع ارتفاع وهبوط ضغط لدم.

وفي رد على سؤال حول دور الكلية الفعال والذي يؤثر على صحة الإنسان وعلى قدرته بالقيام بالأنشطة الحيوية الأخرى، أفاد د. الشيباني بأن ضغط الدم يجب أن يكون له متوسط ثابت تقريباً وهو 80/120 مللمتر من الزئبق لكي يتسنى للدم أن يصل إلى كل خلايا الجسم وبالتالي يضمن الجسم وصول كل الأغذية والعناصر الأساسية للحياة والأكسجين إلى كل هذه الخلايا. فلو فرضنا أن القلب يضخ الدم بصورة طبيعية وسليمة فيجب كذلك أن يكون حجم الدم الموجود في الدورة الدموية عند قيمة ثابتة تقريباً وهي نحو 5.5 لتر، فإذا ما حصل نزيف أو فقدان للسوائل الموجودة في الجسم مثل ما يحصل في حالتي الإسهال الحاد أو التقيؤ المستمر فهنا يحصل هبوط في سوائل الجسم ويتبعه هبوط في ضغط الدم، وهنا يظهر دور الكلية في إرجاع تقريباً كل الصوديوم الذي تم انتقاله من الدم إلى أنابيب الكلية الدقيقة أو وحدات التصفية من خلال عملية الترشيح إلى الدم ثانية لأنه من الضروري في حال هبوط الضغط المحافظة على الصوديوم في الدم ولذلك تقوم الكلية بتقليل كمية الصوديوم في البول والمحافظة بقدر الإمكان بكل الصوديوم تقريباً ورده من حيث أتى إلى الدم ويتبع الماء الصوديوم دائماً لأن الصوديوم يكون في حالة ذائبة في الماء وبالتالي يزداد حجم السائل الذي يرجع إلى الدم فيزيد حجم الدم ومن ثم يزيد ضغط الدم ويُمنع من الهبوط ولكي تتم هذه العملية "تتذق"، "إن صح التعبير"، الكلية السائل الموجود في أنابيبها فإذا وجدت أن هذا السائل لا يحتوي على تركيز مناسب من الصوديوم تقوم بإفراز مادة معينة تحفز على إعادة امتصاص الصوديوم وهذه المادة هي إنزيم "الرينين" والذي يأمر الغدة الكظرية بإفراز مادة معينة أخرى أو هرمون "الألدوستيرون"، وكلا هاتين المادتين تحافظان على تضبيط ضغط الدم عند المعدل المناسب كما يقوم هرمون "الألدوستيرون" بإعادة امتصاص الصوديوم وإخراج البوتاسيوم أي يضبط تركيز الصوديوم في الدم وكذلك البوتاسيوم.

وأشار إلى أنه من المهم التذكير بدور هرمون آخر وهو الهرمون المضاد للإدرار البولي وكيفية التحكم في حجم السائل الدموي. فعند فقدان جسم الإنسان السوائل أو عندما يعاني الإنسان من العطش الشديد في أيام الصيف مثلاً تفرز الغدة النخامية "وهي غدة تقع في المخ الهرمون المضاد للإدرار البولي" فيأتي عن طريق الدم إلى الكلية ويأمرها بأن تمتص أكبر كمية من السوائل وإرجاعها إلى الدم أي أن الكلية تحت تأثير هذا الهرمون تقوم بتركيز البول إلى درجة كبيرة وتحافظ على كل قطرة ماء فلا تفقد الكلية وبالتالي الجسم إلا الحد الأدنى من سوائل أو الماء والتي يمكن أن يفقدها الجسم وهو 440 ملليتراً إلى 500 ملليتر تقريباً يومياً.

ونوه إلى أنه كذلك من وظائف الكلى هي المحافظة على العدد المطلوب من كريات الدم الحمراء، فإذا فقد الإنسان نسبة معينة من الدم فبالتالي إن عدد كريات الدم الحمراء في الدم ينقص وعليه فإن الكلية تفرز هرموناً خاصاً يأمر النخاع العظمى والموجود في العظام أن يصنع أعداداً أكبر من كريات الدم الحمراء وبذلك تكون الكلية قد عملت على رد السوائل وما تحتويه من أملاح وعناصر أخرى وكذلك المحافظة على تكاثر كريات الدم الحمراء إلى سابق عهدها في حالة نقصها أو حتى نقل الأكسجين في الدم، لأن كريات الدم الحمراء هي المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى كل خلايا الجسم.

وأوضح أن إنزيم الرينين له خاصية أخرى بأنه يحث الجسم على إفراز مادة أو بروتين "الأنجيوتنسن" وهي مادة ضرورية لانقباض الأوعية الدموية وبذلك تساعد على رفع الضغط عند هبوطه، كما أن الكلية تحافظ على نسبة الحموضة في الدم فتتخلص من عنصر الهيدروجين الزائد وهو العنصر المسؤول عن حموضة الدم فإذا زاد الهيدروجين عن نسبته المطلوبة أصبح البول حمضياً في تركيبه وإذا ما نقص عنصر الهيدروجين في الدم فإن الكلى تقوم بإعادة الهيدروجين من البول إلى الدم ويكون البول قلويا في تركيبه.

وذكر أن لحموضة الدم أهمية قصوى في مقدرة الجسم على القيام بكل العمليات الحيوية من تفكير وتحرك وضخ الدم وهضم وغيرها ولذلك مهم جداً أن تكون نسبة الحموضة عند 7.4 وهو المعدل الطبيعي والمطلوب للقيام بكل العمليات الحيوية في خلايا الإنسان لكي يستمر على قيد الحياة.