ليس قرارا، ومن غير الواضح إن كان خطة عمل جدية أم مجرد "بالون اختبار"، لكن حين يقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي، في جلسة الحكومة الأمنية قبل أسبوعين، بأن تقوم إسرائيل بسحب مواطنة نحو 100 ألف مقدسي، يعيشون في أحياء وقرى تقع خلف الجدار العازل، فإن الأمر يبدو مثيرا لأكثر من اعتبار.فهي المرة الأولى التي يتحدث فيها زعيم اليمين الإيديولوجي في إسرائيل، عن إمكانية التخلي عن مناطق ضمت للقدس منذ عام 67، وهو ما تفطن له عدد من الوزراء، حيث قال الوزير يسرائيل كاتص من الليكود في الجلسة: "إن هذه الخطوة تحمل دلالات سياسية دراماتيكية وقد تحتاج استفتاء شعبيا عاما"، فيما حذر قانونيون شاركوا في الاجتماع من "أنه لا يمكن سحب الهويات المقدسية من عدد هائل من البشر بهذه البساطة". وادعى نتنياهو، الذي طلب نقاشا ودراسة معمقين للموضوع لاحقا، "بأن الوضع الراهن لا يمكن له أن يستمر، حيث لا تفرض إسرائيل سيادة القانون على تلك الأحياء الواقعة خلف الجدار والتي يتمتع فيها الناس بحقوق دون واجبات"، على حد وصفه.الحرب الديمغرافية على القدسوقد يكون صعبا على نتنياهو، في حال تبلور اقتراحه إلى خطة عمل، أن ينفذها، بسبب هاجس "تقسيم القدس" الذي يسكنه مع بيئته اليمينية، فعند ضم القدس بعد احتلالها عام 67، ضمت إسرائيل 20 قرية فلسطينية بمساحات هائلة إلى الحدود البلدية، ولكن الحكومات السابقة التي أبدت استعدادا للتخلي عن أحياء وقرى في القدس، أحاطت بعضها بجدار الفصل، كمخيم شعفاط لللاجئين وعناتا ومخيم قلنديا وراس خميس والرام كفر عقب، ويعيش فيها أكثر من 100 ألف فلسطيني مقدسي.وسحب المواطنة المتمثلة ببطاقات الهوية الزرقاء، قد يحسم الوضع الديمغرافي في القدس الشرقية المحتلة لصالح إسرائيل، فيتبقى فيها 270 ألف فلسطيني، في مقابل نحو 390 ألف مستوطن في الجزء الشرقي.المعارضة الإسرائيلية سارعت لاتهام نتنياهو بنية تقسيم القدس والتنكر لتعهده الانتخابي، من خلال إبقاء القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل.ويشار إلى أن سياسة تهجير المقدسيين لا تتوقف، فيكفي أن يعجز أي مقدسي عن إثبات أنه يعمل داخل القدس وبأن القدس تشكل مركز حياته لسبع سنوات متلاحقة، حتى يفقد هويته الزرقاء ويبعد عن المدينة.فيما لم يخف عدد من المقدسيين في حديث لـ"العربية.نت" قلقهم من مجرد إثارة الموضوع، وإن كانوا يفضلون أن يكونوا ضحية بالون اختبار إعلامي على أن يصبحوا ضحية خطوة قد تغير حياتهم على نحو دراماتيكي.