أفادت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، بأن الغرب لا يرفض إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا بشكل نهائي، ولكنه يريد التركيز أولاً على حصول كييف على الأسلحة المناسبة لصد الهجوم الروسي الوشيك.

وقالت المجلة، في تقرير إن هذا الشعور بات سائداً في أعقاب الرفض الصريح من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي تردد صداه بدرجات متفاوتة من قبل القادة في ألمانيا وبريطانيا، بشأن مسألة ما إذا كان سيتم إرسال المقاتلات التي تطلبها كييف.

وفي حين أن المسؤولين ظلوا صريحين علناً بعدم وجود احتمالية للإرسال الوشيك للمقاتلات، فإن المناقشات التي تتم وراء الكواليس تشير إلى أن إرسالها قد يكون في الواقع "مسألة وقت".

وأقر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، بأن أوكرانيا ستحتاج إلى تحديث سلاحها الجوي القديم بمقاتلات جديدة في نهاية المطاف، ولكن في الوقت الحالي، يركز المسؤولون على إرسال الأسلحة التي تحتاجها كييف في ساحة القتال.

لا خطط لإرسال مقاتلات

وعلى الصعيد الأوروبي، تجري المحادثات نفسها، إذ أشارت دول مثل بولندا وهولندا وفرنسا إلى انفتاحها على فكرة إرسال مقاتلات إلى كييف، ولكن المسؤولين يؤكدون أن هناك عملاً كبيراً يتعين القيام به لإرسال الأسلحة التي تم التعهد بها لأوكرانيا في الأسابيع الماضية.

ونقلت المجلة عن أحد كبار الدبلوماسيين من أوروبا الشرقية قوله: "أعتقد أنها مسألة طويلة المدى، فنحن بحاجة إلى تنفيذ ما تم التعهد به في يناير الماضي، في أقرب وقت ممكن".

وعلى الرغم من عدم وجود خطط في الوقت الحالي لإرسال الطائرات، إلا أن المسألة ستظل كامنة وراء الكواليس، وستعاود الظهور مجدداً في نهاية المطاف، وهو النمط الذي حدث مراراً من جانب التحالف الغربي منذ بدء الحرب، حسبما ذكرت المجلة نقلاً عن مصادر.

وقال نائب وزير الخارجية الأوكراني أندري ميلنيك لـ "بوليتيكو": "لا يزال الكثير من الناس لا يفهمون أن الحرب لم تنته بعد، ولكن يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه رغبة في استمرارها أكثر من أي وقت مضى، إلا أنه لا يمكننا خوض هذه الحرب من دون دعم جوي".

وتعود إمكانية إرسال طائرات مقاتلة لأوكرانيا إلى أيام الحرب الأولى، ولكن المسؤولين يقولون إن التدريب على استخدامها يعد صعباً للغاية، وإن إرسال طائرات من قاعدة تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى كييف قد يخاطر بمواجهة مباشرة مع روسيا، وهو ما أدى إلى إلغاء الموضوع.

ولكن بعد ما يقرب من عام، فإن الكثير من الأمور تغيرت، إذ تجاوز الحلفاء الغربيون العديد من الخطوط الحمراء، فالأسلحة الثقيلة ومدافع "هاوتزر" وأنظمة الصواريخ بعيدة المدى والمركبات المدرعة، كلها شقت طريقها في النهاية إلى أوكرانيا، وأخيراً في لحظة فاصلة الشهر الماضي، انضم الحلفاء معاً للتعهد بتقديم ما يقرب من 80 دبابة غربية حديثة الصنع.

واغتنمت أوكرانيا اللحظة وجددت طلبها بالحصول على طائرات مقاتلة، حيث كان الزخم آخذاً في الازدياد، ولكن تدخل بايدن أبطأ الأمور.

خيارات بديلة

ومع ذلك، قال مستشار عسكري للحكومة الأوكرانية إن "النقاش بشأن المقاتلات لا يزال في أيامه الأولى"، معرباً عن ثقته في أن الموقف الغربي سيتطور في الأسابيع المقبلة.

ومن جانبهم، أكد المسؤولون الأميركيون ومساعدو الكونجرس والمستشارون المعنيون أنهم يواصلون العمل على عمليات تسليم محتملة للطائرات خلف الكواليس.

وكانت كييف ركزت مطالبها على ما يسمى بطائرات "G4" مثل طائرات "F-16" الأميركية الصنع، والتي يقدر المسؤولون العسكريون الأوكرانيون أن التدريب على استخدامها يستغرق 6 أشهر، فيما قال مسؤولون أميركيون إن الأمر قد يستغرق أقل من 3 إلى 4 أشهر للطيارين الأوكرانيين، ولكن لم تكن طائرات "F-35" المتطورة مطروحة على الطاولة أبداً.

ويقول مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأميركية، إنه من غير المحتمل أن ترسل واشنطن مقاتلاتها الخاصة، والتي يزداد الاحتياج لها في مهام الأمن القومي حول العالم. لكن قد يفكر المسؤولون في السماح لدول أخرى بنقل طائرات "F-16" الخاصة بهم، مشيراً إلى أنه يجب على الولايات المتحدة التوقيع على أي عمليات نقل لهذه الطائرات بسبب قيود التصدير.

وأظهرت دول أوروبية لديها طائرات "F-16" في مخزونها، مثل هولندا، انفتاحها على القيام بذلك، كما أنه بالنظر إلى انتقال فرنسا إلى طائرات "رافال"، فإن باريس سيكون لديها طائرات أقدم، يمكن أن تمنحها لأوكرانيا، وهي الطائرات التي لن تحتاج إلى موافقة أميركية لإرسالها.

وقال المسؤول الكبير في "البنتاجون": "هناك دول أخرى تتحدث عن الأمر أيضاً، ولذا فإنه بعد أن يتقدموا بمقترحات للقيام بذلك، فإننا سنجري محادثات"، مضيفاً: "لا أعتقد أننا نعارض مسألة إرسال طائرات G4، ولكن أعتقد فقط أنه يتعين علينا التأكد من أننا نواصل إرسال الأسلحة حسب الأولوية".

ويركز المسؤولون بشكل أكبر في الوقت الحالي على إرسال وسائل الدفاع الجوي لحماية المدن والبنية التحتية الأوكرانية، بالإضافة إلى الدروع والمدفعية لهجوم الربيع المتوقع.

وأشار المسؤول الأميركي إلى أن إرسال طائرات مقاتلة إلى كييف "لن يحل مشكلة صواريخ الكروز والطائرات بدون طيار"، مؤكداً أنه لم تكن هناك مناقشات رفيعة المستوى حتى الآن حول إرسال طائرات "F-16" إلى أوكرانيا.

ويحرص مسؤولو الإدارة الأميركية، خلف الكواليس، على عدم استبعاد إرسال الطائرات، فيما قال الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي أندرس فوج راسموسن لـ "بوليتيكو": "الخطر الأكبر هو إطالة أمد الصراع، ولذا فإن لدينا مصلحة في إنهاء الحرب بسرعة بالأسلحة، ويتعين على الحلفاء الغربيين أن يرسلوا لأوكرانيا كل ما تحتاجه من دون تأخير، ففي هذه الحالة سيمكنهم الفوز".

وفي حين أنه من المرجح أن تُطرح قضية الطائرات في الاجتماع الذي سيعقد في 14 فبراير الجاري في مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل لمناقشة شحنات الأسلحة لأوكرانيا، فإن المسؤولين يرون أن الأمر يعد "مسألة طويلة الأجل"، كما قال أحد كبار مسؤولي الدفاع الأوروبيين، والذي أضاف أن "أوكرانيا قد تثير الموضوع في الاجتماع المقبل، ولكن التركيز سيظل على الدفاع الجوي والدبابات والذخيرة".