بعد 7 أيام على زلزال تركيا وسوريا المدمّر، أحد أسوأ الكوارث التي شهدتها المنطقة، منذ قرن، ارتفع عدد قتلاه، إلى قرابة 28 ألفاً، إضافة إلى 80 ألف جريح في البلدين.

أُنقذ عدد من الأطفال بعد 130 ساعة على الكارثة، لكنّ الأمل في العثور على ناجين آخرين يتضاءل. وقال المدير العام للحد من مخاطر الزلازل في إدارة الكوارث التركية والطوارئ التركية (آفاد): «إن الزلزال الأول بقوة 7.7 درجات استمر 65 ثانية، والزلزال الثاني استمر 45 ثانية، ومع وقوعهما اهتزت المنطقة بشكل خطير لمدة دقيقتين تقريباً. الطاقة المنبعثة من الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجات تعادل طاقة 500 قنبلة ذرية».

تغيّرات جيولوجية

وأعادت الآثار الجيولوجية للزلزال التركيز على التغيّرات الطبيعية التي تتعرّض لها تركيا وسوريا، فقد أظهرت صورة جوية تغيّر معالم جبل «تبه خان» في ولاية ملاطيا، وتشكّل أخدود، عرضه عشرات الأمتار. وتركت فيه الهزة الأرضية الكثير من التلال حول البلاد عرضة للانزلاق، بشكل يدعو إلى إعادة حرف مسار الأنابيب والطرق، ونقل السكان.

وفي ميناء إسكندرون، حدث هبوط واضح، بشكل أدى إلى الفيضانات، حيث ظهرت السيارات وهي تسير وسط شوارع مغمورة بالمياه، وتقدم البحر 200 متر نحو الأرض.

وقال تيم رايت، من مركز مراقبة وتمثيل الهزات الأرضية والبراكين والتكتونيك في بريطانيا، لصحيفة الغارديان: «مع أن الهزة الأرضية الكبرى أنتجت تحركاً أفقياً، فإن هناك بالتأكيد خطأ تباعدياً أنتج هبوطاً كهذا».

وأفاد خبير آخر بأن «حجم الهبوط متوقع من حجم هذه الهزة». كما تقترح خريطة، نشرتها الجمعية الجيولوجية الأميركية، أن الانزلاقات الحادة حدثت شمال مدينة غازي عنتاب، التي تأثر فيها عشرات الآلاف من الناس.

20 مليون متضرر

إلى ذلك، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المناطق المتضررة، وعقد في ديار بكر، مؤتمراً صحافياً، أكد فيه أن «قوة الزلزال كانت مدمرة، ولا يمكن مقارنته بالزلازل السابقة».

وأكمل: «المنازل المتضررة لا يمكن استخدامها مرة أخرى، وأعداد المتضررين والمنكوبين جراء الزلزال نحو 20 مليون مواطن». وأفاد أردوغان: «الدراسة في الولايات المتضررة ستستكمل عن بُعد، حتى نهاية العام الدراسي»، مضيفاً: «خصصنا 100 مليار ليرة لإعادة الإعمار، ونحتاج إلى عام واحد من أجل إعادة البناء».

وأوقف نحو 12 مقاولاً في تركيا بعد انهيار آلاف المباني جنوب شرق البلاد جراء زلزال الإثنين. وبين الموقوفين مقاول في محافظة غازي عنتاب و11 مقاولاً في محافظة شانلي أورفا.

لا أحياء

سوريا، المنقسمة على نفسها، والمعزولة عن معظم العالم، تُركت تواجه الكارثة بمفردها، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست، التي قالت إنها وجدت مجتمعات محاصرة وحيدة مصابة بـ«الصدمة والحيرة».

استغرق الأمر أربعة أيام حتى توقف أنين الأشخاص تحت الأنقاض، الذين صرخوا لإنقاذهم، لا سيما النساء، اللواتي كن يصرخن لإنقاذ أطفالهن على وجه الخصوص.

وعلى بعد 10 كلم عن الحدود التركية، لم يكن هناك عمّال إنقاذ دوليون لإنقاذ الأشخاص الذين علقوا تحت الأنقاض، ولم تُجلب أي شحنات من المواد الطبية للناجين، عندما انخفضت المخزونات. ونتيجة ذلك، أعلنت منظمة الدفاع المدني السوري، المعروفة باسم «الخوذ البيضاء»، أنه لا مؤشرات على وجود أحياء تحت الأنقاض، موضحة انتهاءها من عمليات البحث والإنقاذ، في المناطق المنكوبة شمال غربي سوريا، والبدء بعمليات البحث والانتشال، وذلك «بعد شبه انعدام لوجود أحياء».

معابر إضافية

ويبقى الوصول إلى سوريا التي يخضع نظامها لعقوبات دولية، أكثر تعقيداً بكثير. وأعلن سفيرا سويسرا والبرازيل أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع لبحث الوضع الإنساني في سوريا بعد تقييم الاحتياجات، فيما تتواصل الدعوات إلى التعجيل في فتح معابر حدودية إضافية مع تركيا لإيصال المساعدات.

وفي وقت وافقت دمشق على إيصال المساعدات الدولية للمناطق المتضررة والخارجة عن سيطرتها، دخلت قافلة مساعدات أممية تضم 22 شاحنة إلى شمال غربي سوريا. كما وصل رئيس منظمة الصحة العالمية تردروس أدهانوم غيبريسوس إلى حلب، وتفقّد بعض مراكز الإيواء. وقال: «أحضرنا إمدادات طبية طارئة تبلغ نحو 37 طناً مترياً ستساهم في تقديم الدعم الطارئ للأشخاص المتضررين». وأكد المسؤول الأممي أنّ منظمة الصحة العالمية ستواصل تقديم الدعم «عبر إحضار المزيد من الإمدادات الطارئة»، مشيراً إلى أن شحنة اليوم (أمس) هي «الأولى وستليها شحنة أخرى غداً (اليوم)» محملة «بأكثر من ثلاثين طناً مترياً».

وحذّرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من أن الزلزال قد يكون شرد 5.3 ملايين شخص في سوريا. من ناحيته، أفاد مسؤول في الأمم المتحدة: «نعتزم إطلاق عملية تستمر 3 أشهر في سوريا وتركيا. استجابة تركيا للكارثة استثنائية، لكن ما حدث في مركز الزلزال أسوأ حدث تشهده المنطقة منذ 100 عام، ونأمل وصول المساعدات للجانبين في سوريا، لكن الأمر لم يتضح بعد».