يبدو أن مسار العرقلة الذي اتبعه حزب الله ومعه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في ملف النفايات قد أثمر النتائج التي كانا يريدانها من وراء ذلك.فالنتيجة التي انتهى إليها الاجتماع الذي عقد في مقر رئاسة البرلمان بين بري والوزيرين أكرم شهيب مسؤول عن ملف النفايات في مجلس الوزراء ووائل أبو فاعور، إضافة إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق، تكشف أن الأمور عادت إلى مجاريها، وأن العرقلة التي مارستها هذه الاطراف في هذا الملف قد فرضت على الجميع العودة إلى مبدأ تقاسم الحصص على مبدأ ستة وستة مكرر اللبناني الذي يشكل اساس التقاسم الطائفي في لبنان.ما سرب من كلام صادر عن بري حول امكانية العودة إلى مبدأ "اللامركزية" في ادارة ملف النفايات، يقوم على مبدأين اساسيين، هما: الاول: العودة إلى البلديات حسب الخطة التي وضعها وزير الزراعة شهيب واقرها مجلس الوزراء وتنتظر التنفيذ. والثاني: ان تتولى المناطق اللبنانية آلية التنفيذ بحيث يكون على الاطراف السياسية الفاعلة في هذه المناطق توفير الدعم السياسي واللوجستي للبلديات وتسهل عملها في ملف النفايات.طرح اللامركزية في ادارة ملف النفايات، وحسب التعبير الذي استخدمه بري في اجتماع يوم امس، يقضي بتحويل كل طرف سياسي مسؤولا عن نفايات منطقة نفوذه، اي "كل ديك على مزبلته صياح"، وهو يشكل عودة واضحة إلى المشروع الذي سبق ان تقدم به رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مع بداية ازمة النفايات وقبل انتهاء عقد الاستفادة من مطمر الناعمة جنوب بيروت.طرح جنبلاط انتهى إلى دعوة وزير البيئة حينها محمد المشنوق للشركات المصنفة تقديم عروضها لمعالجة النفايات، وانتهت إلى فض العروض المقدمة التي تبين انها وحسب جدول الشركات الفائزة تمثل الاطراف السياسية حسب توزيعاتهم الجغرافية ومناطق نفوذهم، اضافة إلى فضيحة الاسعار المرتفعة التي تم اعتمادها في المناقصات التي جرت الموافقة عليها من قبل هذه الشركات والتي تعتبر الاعلى سعرا في العالم والاكثر تكلفة للخزينة للبنانية.المخرج الذي تقدم به بري والذي يبدو انه وضع على سكة الاقرار في مجلس الوزراء خلال الجلسة التي من المتوقع ان يتم الدعوة لعقدها بعد وضع اللمسات الاخيرة على مشروع حل ازمة النفايات الجديد، سيعيد تقسم وتوزيع النفايات مناطقيا وطائفيا.الوزير شهيب وبناء على التصريحات التي ادلى بها وتبنيه للحل الذي قدمه بري، بدأ سلسلة زيارات مكوكية على القوى السياسية المسيحية، خاصة حزبي التيار العوني والكتائب لبحث دورهما في ايجاد "مطامر" للنفايات في المناطق المسيحية تسهل عمل اتحادات البلديات فيها والتي ستتولى مهمة معالجة النفايات بناء على هذا المشروع، في حين تعهد بري باسمه وباسم حركة امل وحزب الله بتوفير الاماكن الضرورية لإنشاء هذه المطامر في مناطق نفوذهما.يقول متابعون لهذا الملف من المقربين من الشركات التي تقدمت بعروض العمل في البداية ان اي شكل من الحل لازمة النفايات إن كان عن طريق اللامركزية او البلديات فإن "التشغيل" سيعود لهذه الشركات التي سبق ان تقدمت إلى المناقصات، وعلق هؤلاء بعد موجهة الاعتراضات التي رافقت فض العروض وتراجع مجلس الوزراء عن تبنيها، بانها "مسألة وقت وستعود الامور إلى مجاريها وستعود عقود التشغيل والعمل لترسو على هذه الشركات".وسبق لحزب الله أن عرقل جهود وزير الزراعة في التوصل إلى اتفاق مع الحزب حول انشاء مطامر في المناطق الخاضعة لنفوذه او السماح باستخدام معمل "العمروسية" القديم لمعالجة النفايات الواقع داخل المنطقة الجغرافية لنفوذ حزب الله في الضاحية الجنوبية.وتكشف المعلومات ان حزب الله لن يعاني من اي حرج في حال اقرار هذه الخطة، في الاتفاق مع شركة سوكلين للاستمرار في عملها داخل احياء الضاحية الجنوبية، في المرحلة المقبلة، ريثما يستطيع الانتهاء من معامل معالجة النفايات الخاصة به وتأسيس الشركات القادرة على توفير كامل الخدمات التي تقوم بها سوكلين من كنس وتنظيف وجمع وفرز ومعالجة.