على الرغم من مرور أسبوعين على الزلزال المدمر الذي ضرب فجر السادس من فبراير الحالي الجنوب التركي والشمال السوري، والذي تلاه أمس زلزال آخر، فاقم الهلع والرعب لدى السكان، وزاد الحاجة لمزيد من المساعدات أيضاً، لا سيما في سوريا، فإن شاحنات الإغاثة لا تزال تدخل ببطء إلى المناطق السورية المنكوبة.
ما جعل الأمم المتحدة عرضة لانتقادات سكان استنفدهم أساساً نزاع دام، امتد لسنوات، لا سيما في الشمال الغربي السوري، خصوصا أن أكثر من أربعة ملايين شخص يقطنون تلك المنطقة، نصفهم من النازحين، فيما يعتمد تسعون في المئة منهم على المساعدات الإنسانية.
فكيف تدخل المساعدات إلى تلك المناطق؟
تدخل مساعدات الأمم المتحدة إلى تلك المناطق عبر طريقين فقط: معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا بموجب قرار صادر من مجلس الأمن الدولي (2672)، ومن مناطق سيطرة الحكومة.
ففي العام 2014، وفيما كان النزاع السوري في أشده، سمح مجلس الأمن الدوليّ بعبور مساعدات الأمم المتحدة إلى سوريا من دون الحصول على إذن من دمشق عبر أربع نقاط حدودية هي باب الهوى (شمال إدلب) وباب السلامة (شمال حلب) الحدوديان مع تركيا، واليعربية (أقصى الشرق - حدود العراق)، بالإضافة إلى معبر الرمثا الحدودي مع الأردن (جنوبا)
لكنه ما لبث أن قلّصها تدريجياً إلى معبر باب الهوى فقط، بضغوط من موسكو، حليفة دمشق، والتي تسعى منذ سنوات لاختصار مساعدات الأمم المتحدة بتلك الآتية من مناطق سيطرة الحكومة.
إلا أن زلزال السادس من فبراير، دفع الأمم المتحدة إلى مطالبة النظام السوري بالسماح لها إدخال المساعدات عبر طرقات ومعابر إضافية غير "باب الهوى" ، لا سيما بعد أن أثار تأخر دخول المساعدات الأممي ومحدوديتها انتقادات واسعة من قبل السكان والمنظمات المحلية على رأسها "الخوذ البيضاء"، الدفاع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق.
باب السلامة والراعي
لتعلن الأمم المتحدة لاحقا فتح معبري باب السلامة والراعي الحدوديين مع تركيا أمام مساعداتها لمدة ثلاثة أشهر بعدما حصلت على موافقة دمشق.
لكن المساعدات لا تزال ضئيلة، ولا تنسجم حتى مع حجمها قبل الزلزال. إذ أرسلت الأمم المتحدة بعد الزلزال حوالي مئتي شاحنة إلى شمال غربي سوريا، مقارنة مع معدل 145 شاحنة أسبوعياً في 2022، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.
الجولاني يرفض
يشار إلى أنه بإمكان الأمم المتحدة إدخال المساعدات من مناطق سيطرة حكومة النظام السوري أيضا، لكن الأخيرة نادراً ما تمنح الأذونات، إلا أنها في 10 شباط/فبراير، أعلنت دمشق موافقتها على إرسال المساعدات إلى شمال غربي سوريا، الذي تتقاسمه سلطتان: هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في شمال إدلب، وفصائل سورية موالية لأنقرة في شمال محافظة حلب.
في المقابل، رفض زعيم الهيئة أبو محمّد الجولاني دخول مساعدات من مناطق سيطرة النظام.
كذلك، أرسلت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي البلاد، أحد أبرز خصوم تلك الفصائل، قافلة مساعدات باتجاه شمال حلب. لكن القافلة عادت أدراجها بعد انتظارها أكثر من أسبوع عند معبر يفصل بين المنطقتين لعدم حصولها على إذن الفصائل بالعبور، وفق ما أعلنت سابقا الإدارة الذاتية.
يذكر أن نحو ثلاثة ملايين شخص، غالبيتهم من النازحين، يقطنون مناطق تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، بينما يقيم 1,1 مليون في مناطق الفصائل الموالية لأنقرة.
وتتولى هيئة تحرير الشام عبر مؤسسات مدنية واجهتها ما يُسمى "حكومة الإنقاذ"، وأجهزة أمنية وقضائية خاصة بها، تنظيم شؤون إدلب.
أما مناطق شمال حلب، فتتولى إدارتها مجالس محلية تتبع للمحافظات التركية القريبة مثل غازي عنتاب وكيليس وشانلي أورفا. وتنتشر في تلك المنطقة قوات تركية، ويتقاسم حوالي 30 فصيلاً موالياً السيطرة عليها.