عندما غادر والد اوكسانا البحار منزله في ميناء سيباستوبول الواقع على البحر الاسود في القرم في ايلول/سبتمبر، اكتفى بابلاغ افراد عائلته بانه ذاهب الى "البحر الابيض المتوسط"، لكن العائلة سرعان ما ادركت انه انضم الى العملية العسكرية الروسية في سوريا.وقالت اوكسانا التي تحدثت الى وكالة فرانس برس رافضة الافصاح عن اسم عائلتها سعيا الى حماية والدها "ارسلوا عددا من السفن من سيباستوبول، وكان يمكن لاي كان ان ينضم الى الطاقم".قبل مغادرته، كان والد اوكسانا، وهو ضابط بحري متقاعد، يعمل على متن سفينة تقدم الدعم اللوجستي للاسطول الروسي في البحر الاسود.وهو يمتنع خلال المكالمات الهاتفية مع عائلته عن الافصاح عن مهمته او عن مدة غيابه. وتعرب اوكسانا عن اقتناعها بانه موجود الآن على متن سفينة تقدم الدعم للعمليات الجوية الروسية في سوريا.وقالت "يعلم والدي متى سيعود لكنه لا يقول، لا يمكنه الافصاح".واضافت "كان الاعتقاد بان الامر سيستغرق بضعة اشهر، لكن من الواضح انه سيستمر حتى بداية العام الجديد، وربما لفترة اطول".وتابعت "يتصل بنا من هاتف متصل بالاقمار الاصطناعية، لا يقول لنا شيئا، لأنه يتم تسجيل جميع محادثاتهم".واوضحت اوكسانا انها ليست قلقة على سلامة والدها لأنه لم يخطط للنزول على الارض، لكنها عبرت عن سخطها متهمة السلطات باستغلال حسه الوطني.واضافت "قالت لي والدتي مؤخرا ان آخر راتب تم تحويله الى حساب والدي كان اقل من عشرة الاف روبل (156 دولارا)".وقالت "انهم يستغلونهم (...)، وهو يعتقد انه يجب ان يكون هناك من اجل روسيا، يدفعه الى ذلك حسه الوطني".وتنفذ موسكو منذ 30 ايلول/سبتمبر ضربات جوية في سوريا تقول انها تستهدف "المجموعات الارهابية"، وتتهمها دول الغرب والمعارضة السورية باستهداف فصائل مقاتلة ضد النظام اكثر من تركيزها على الجهاديين. ولم تحدد موسكو اطارا زمنيا لحملتها في سوريا.- الحقبة السوفياتية -هناك سبب آخر يعزز قناعة اوكسانا بان والدها أرسل في مهمة لدعم العملية في سوريا، اذ انها تشتبه في انه كان هناك سابقا في الثمانينات كجزء من عملية انتشار سوفياتية سرية.وقالت "اولئك الذين يتذكرون حملتنا الاولى في سوريا خلال الحقبة السوفياتية، مطلوبون بشكل خاص".بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982 وطرد القوات السورية من بيروت، ارسل الاتحاد السوفياتي آلاف الجنود لدعم دمشق.وأحيط هذا التدخل في العام 1983 الذي اطلق عليه اسم تدريبات القوقاز-2 العسكرية، بالسرية واطلق بعد زيارة للرئيس السوري حافظ الاسد، والد بشار الاسد، الى روسيا لاجراء محادثات مع الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف.واوضحت الشابة ان والدها كان في مهمة في سوريا "قبل ان اولد"، رغم انه لم يؤكد هذا الامر بشكل مباشر.واشارت سيدة اخرى في سيباستوبول الى انها تعرف عددا من الذين خدموا في سوريا في الثمانينات، وان هؤلاء ما زالوا يترددون في الحديث عن تلك المهمة في الحقبة السوفياتية.وقالت لفرانس برس "كثيرون لم يخبروا حتى عائلاتهم عما فعلوه للحصول على مكافآتهم"، مضيفة ان الجيل الجديد من الجنود الروس يتردد ايضا في الحديث عن دوره في التدخل الحالي.وقدرت انه تم ارسال اكثر من الف شخص الى سوريا من سيباستوبول بينهم عناصر في سلاح مشاة البحرية.ولفتت هذه السيدة التي خدم ابنها في الجيش، الى ان الجنود تلقوا وعدا في اب/اغسطس بانهم سيخدمون بالمداورة، اي ان يمضوا "ثلاثة اشهر هناك، وشهرين في المنزل".واضافت "قيل لهم انهم سيتوجهون الى سوريا بصورة منتظمة. واولئك الذين يعتقدون بأنه لا يمكن لعائلاتهم تأمين معيشتهم عند غيابهم لفترات طويلة بدأوا بتقديم استقالتهم".واشارت الى ان الذين غادروا المدينة في اب/اغسطس لم يتصلوا بعائلاتهم منذ ذلك الحين.وقالت "عمليا، لا يوجد اي اتصال معهم. ويأمل اقاربهم بأن يكون كل شيء على ما يرام".- "من اجل المال" -وقالت السيدة ان عددا من الرجال اغرتهم فرصة كسب ضعف ما يجنونه عادة، مضيفة ان دخلهم الشهري في البحر يبدأ من حوالى خمسين الف روبل (790 دولارا).واوجد التدخل الروسي في النزاع البعيد انقساما بين الموظفين العسكريين المحليين.واوضحت السيدة ان "البعض يريد ان يذهب الى سوريا لكن رفض بسبب صغر سنه او وضعه الصحي، بينما آخرون يجمعون اوراقا تثبت سوء وضعهم الصحي لتفادي الذهاب".ولكن في النهاية، تخطى العرض الطلب.وقالت "هذا له علاقة بالمال اكثر من حب الوطن. ولأن الحرب بعيدة، فمن الصعب التصور اننا نحمي وطننا. رغم ان هناك من يعتقد بوجوب قتل العدو في مهده".واضافت "اولاد معارفي الذين ذهبوا الى هناك، ذهبوا وراء المال. لقد وعدوهم برواتب جيدة. بعضهم يأمل في شراء منزل عندما تنتهي الاحداث".واعلنت السلطات الروسية الشهر الماضي ان جنديا يبلغ من العمر 19 عاما ويخدم في القاعدة الجوية الروسية في حميميم في سوريا، شنق نفسه، ليكون بذلك اول جندي روسي تعلن وفاته رسميا على الاراضي السورية.