رغم انتهاء الاحتجاجات التي ظلت جذوتها مشتعلة طيلة أشهر، فإن آثارها ما زالت حاضرة في سجناء ما زالوا رهن الاعتقال، وآخرين غيبتهم أحكام الإعدام

إلا أن تلك الاحتجاجات التي "انطفأت" نيرانها إلى أمد، كانت سيفًا مسلطًا على الحكومة الإيرانية وأذرعها العسكرية، بعقوبات تفرضها الدول الغربية عليها، كل حين.

آخر تلك العقوبات، ما أعلنته الحكومة البريطانية اليوم الإثنين، بحق قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني، بينهم من قالت إنهم مسؤولون عن إدارة استثماراته المالية.

وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي: "اليوم، نتخذ إجراء ضد القادة الكبار داخل الحرس الثوري الإيراني المسؤولين عن تمويل القمع الوحشي للنظام الحاكم".

بريطانيا تعاقب طهران

وأعلنت بريطانيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في الأشهر الماضية عدة حزمات من العقوبات على إيران، عزت ذلك إلى القمع واسع النطاق و"العنيف"، للمتظاهرين بعد وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق في سبتمبر/أيلول الماضي.

وشكلت الاحتجاجات أحد أجرأ التحديات التي تواجهها المؤسسة الدينية الحاكمة إيران منذ قيام الثورة الإيرانية في 1979، فيما اتهمت إيران القوى الغربية بتأجيج الاضطرابات التي قابلتها قوات الأمن بعنف أدى لسقوط وفيات.

وفُرضت العقوبات، وهي تجميد أصول وحظر سفر إلى بريطانيا، على خمسة أعضاء في مجلس إدارة المؤسسة التعاونية بالحرس الثوري وقائدين كبيرين بالحرس في محافظتي طهران وألبرز.

عقوبات أوروبية

ومن العقوبات البريطانية إلى أخرى تنتظر إيران، بحسب وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي قالت اليوم الإثنين إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيفرضون حزمة سادسة من العقوبات على إيران ردا على انتهاكات لحقوق الإنسان.

3 شركات ومسؤولين بالجيش والحرس الثوري.. عقوبات أمريكية على كيانات إيرانية

وأضافت في تصريحات صحفية لدى وصولها لحضور اجتماع مع نظرائها في التكتل في بروكسل: "نريد أن نوضح أنه ما من أحد فوق القانون ولهذا سنفرض حزمة سادسة من العقوبات هنا في بروكسل"، مشيرة إلى أن الإجراءات ستستهدف المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان في إيران.

جرائم ضد الإنسانية

يأتي ذلك، فيما قال خبير عينته الأمم المتحدة أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم الإثنين، إن السلطات الإيرانية "ارتكبت انتهاكات في الشهور الماضية ربما ترقى إلى كونها جرائم ضد الإنسانية"، مشيرا إلى حالات "القتل المتعمد والسجن والإخفاء القسري والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي والاضطهاد".

وقال المقرر الخاص المعني بوضع حقوق الإنسان في إيران للمجلس التابع للأمم المتحدة جاويد رحمن إن نطاق الجرائم وفداحتها "يشير إلى احتمال ارتكاب جرائم دولية ولا سيما الجرائم ضد الإنسانية"، فيما قال المبعوث الإيراني إلى المجلس، ومقره جنيف، إن الادعاءات تخيلية وإن هناك تعمد لاستهداف إيران بالمجلس.

وقال طبيب شرعي إيراني إن مهسا توفيت بسبب ظروف صحية لديها قبل احتجازها وليس نتيجة تعرضها للضرب في الرأس والأطراف.

وأضاف رحمن أن "نطاق وفداحة الجرائم التي ارتكبتها السلطات في إطار حملة قمع أوسع ضد الاحتجاجات بعد وفاتها، يشير إلى احتمال ارتكاب جرائم دولية ولا سيما الجرائم ضد الإنسانية".

وعبر عن غضبه من إعدام أربعة أشخاص على الأقل مرتبطين بالاحتجاجات، وقال إن ما مجموعه 143 شخصا أُعدموا في البلاد منذ يناير/كانون الثاني بعد "محاكمات غير عادلة بشكل صارخ".