دعا الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور اكبر جعفري الحكومة إلى "تأسيس نظام الضرائب التي تفرض على الشركات الكبيرة الأجنبية والمحلية، وعلى المواطنين المقتدرين، ومن أصحاب الثروات الضخمة وأن يوجه الدعم للمواطنين الذين يستحقون الدعم وليس جميع البحرينيين"، لافتا إلى أن الدعم حاليا (للأسف) يذهب للجميع لغير المقتدر وللمقتدر ماليا أيضا، بل للاجانب والسياح في حين من المفترض أن يقتصر الدعم للفئة المحتاجة فعلا لهذا الدعم، وبذلك توفر الحكومة المبالغ الطائلة التي كانت تدفعها لمن لا يستحق".جاء ذلك في الندوة التي اقامها مجلس الدوي بالمحرق أمس بعنوان (ايجابية إلغاء الدعم) وقد حظيت بحضور كبير وتداول ونقاش مستفيض استمر قرابة منتصف الليل، قدمها الاستاذ أحمد عبدالملك، وذلك بحضور عدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وفي بداية الندوة تحدث الدكتور اكبر جعفري عن تاريخ بداية الدعم الحكومي للسلع، حيث أرجعه لأعوام السبعينيات بعد الطفرة، وحدوث التضخم الذي كان متسارعا بشكل كبير وقد تراوح ما بين 8% إلى 11% سنويا، مؤكدا جعفري بأن تلك النسبة تمثل معدلات عالية جدا، وأن تلك الفترة شهدت بداية تقديم الحكومة لدعم السلع والمواد الاساسية وشملت أيضا المواد الغذائية والكهرباء ولم يكن في ذلك الوقت اي مشكلة في البنزين.وأوضح "أن الدعم الحكومي للسلع حالة غير طبيعية ويفترض أنها مؤقتة، لكن الحالة الطبيعية هي أن تفرض الحكومة الضرائب على الشركات، وعلى الاجانب وحتى على البحرينيين المقتدرين من أصحاب المعاشات العالية، ولا سيما وأن نصف عدد سكان البحرين هم أجانب، وان الضرائب التي نتحدث عنها معمول بها في البلاد المتقدمة كافة، ولم أرى بان هناك حكومة في العالم تدعم الأجنبي والسايح والشركات والمقتدرين من الناس بل العكس تماما بأن هذه الفئات هي التي تدفع للحكومة وليس العكس".واشار المتحدث إلى "أن موضوع الدعم كان من المفترض أن يتوقف في عام 1985م، ولم يتوفق واستمر وفي 1990م بدأ الدعم الحكومي يضر، وكنا نطالب الحكومة بسحب الدعم، وكان المواطن وللأسف حتى الآن يعتبر الدعم حق مكتسب، وهذا ليس صحيحا، لكن تمادينا وتأخرنا لـ 25 عاما، وهذا ما يؤكد الاتكالية على الحكومة في كل شي، بينما العالم كله يفرض الضرائب من أجل أن تتمكن الحكومة من تلبية الحاجات مثل إنشاء البنى التحتية وغيرها من المتطلبات التي يحتاجها المواطن في الصحة والتعليم والمواصلات إلخ".وجدد جعفري قوله " لدينا حكومة (أبوية) وتحكُم بنمط (أبوي) نعم هو جيد لكن في المقابل وعلى المدى الطويل يأتي بنتائج عكسية"، واستذكر المتحدث التوصيات التي خرج بها حوار التوافق الوطني في 2011م، مشيرا إلى "أن المجتمعون قد أتفقوا على إعادة توجيه الدعم، وليس إلغاؤه، وأن جلالة الملك المفدى وافق على كل التوصيات التي رفعت له ومن بينها هذه التوصية، كما وافق جلالته على هيكلة الدعم".ومن خلال الندوة قدم الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور اكبر جعفري الكثير من النماذج العالمية الحية في الاستفادة من الضرائب وفي التطور الكبير الذي وصلت إليه، وأضاف "لو نأخذ نصف في المائة فقط من شركات الأفشور ندخل 10 بليون دولار (مليار) دولار، وهذه قيمة كبيرة"، وأوضح بأن على الحكومة ان تطبق نظام الضرائب لكن خطوة بخطوة، ومن خلال دراسات حتى نحقق الهدف الاقتصادي المنشود من تطبيق نظام الضرائب".ومن خلال الندوة التي اقامها مجلس الدوي دعا أكبر جعفري الجميع لعدم القلق على الوضع الاقتصادي، لافتا إلى أنه لا حاجة للقلق وأن الاوضاع في البحرين ستمضي على ما يرام، داعيا إلى الاستفادة القصوى من مزايا الاقتصاد البحريني، ومحاولة سحب عدد كبير من الوظائف التي يشغلها الأجانب وخاصة تلك الوظائف التي يوجد بحرينيين متخصصين فيها.وفي المداخلات والنقاش انتقد عدد كبير من الحضور المتحدث بسبب دعوته لعدم القلق على الاوضاع الاقتصادية، والبعض وجه إليه الاتهام بأنه "حكومي أكثر من الحكومة"، مجمعين في مداخلاتهم على ضرورة ايقاف الفساد واللعب بالمال العام ومحاسبة المفسدين كأولوية قبل كل شي، ومن جانبه رد الدكتور اكبر جعفري على منتقديه بأنه انسان اقتصادي ومن خلال طرحه للآراء الاقتصادية يتحدث بمسؤولية وطنية تراعي الفهم الاقتصادي الشامل ومن زوايا مختلفة بعيدا عن أي مؤثرات جانبية.