سيد حسين القصاب
بدأت الكتابة قبل 46 عاماً..

الإلقاء أمام الملك مصدر فخر واعتزاز ودافع لي

والدتي كانت تنظم الشعر ووالدي مطلع على الأدب

«يعقوب أنا كلي أسى» أقرب القصائد إلى نفسي

أول قصيدة نشرت لي في سن الـ 18 عند تخرجي من الثانوي

حصلت على جوائز وأوسمة أهمها أفضل ديوان في البحرين


«تجاسرت بأن أخطو»، هكذا وصف الشاعر عبدالرحمن المضحكي مسيرته، حيث بين أنه تجاسر على الصعوبات والمواقف التي أحاطت به لكي يواصل مسيرته، معللاً سبب ذلك حبه للشعر منذ الصغر لأنه تربى في بيئة شعرية حيث كانت والدته تنظم الشعر ووالده محباً وقارئاً في الأدب والثقافة.

وذكر المضحكي أنه كان متفوقاً خلال مرحلة دراسته من الابتدائي حتى الثانوي، مبيناً أنه كان من الأوائل من حيث التحصيل العلمي، معللاً سبب ذلك في حبه للقراءة والاطلاع كما هو حال والده.

وأضاف أن من أكثر المواقف الذي لا يزال يعتز بها هي حينما كان وما زال يلقي الشعر أمام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، حينما كان ولياً للعهد في عام 1987 في مهرجان البسيتين للتراث الشعبي، موضحاً أن الدعم والتشجيع الذي يتلقاه من جلالة الملك المعظم هو الدافع للمضي قدماً في الشعر.

كما بين المضحكي أنه انخرط في مجال الإعلام من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية، حيث قدم العديد من البرامج في كلا المجالين، مشيراً إلى أنها تجربة رائعة حيث قدم برامج تخص يوم عيد الجيش وبرامج تراثية وبرنامج يحكي سيرة الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة. وإلى نص الحوار:

حدثنا عن طفولتك وعلاقتك مع والديك؟

- ولدت في أول مايو 1958 في منطقة البسيتينن، كنت أعيش في «البيت العود» مع الأب والأم والأجداد والعموم، وكان منزلنا يطل على البحر فكانت التسلية هي اللعب عند البحر، وبالنسبة إلى علاقتي مع والدي كانت علاقة جميلة جداً وذكريات لا تغيب عن مخيلتي، كان يملؤها الحب والطيب والوفاء، وأتذكر اليوم الأول لي في المدرسة عندما اصطحبتني والدتي في اليوم الأول، كان في فصل الشتاء والأجواء باردة جداً، فحرصت على أن تكون معي، وأتذكر أنني كنت لا أفطر في المدرسة، فكانت رحمها الله تحضر لي الأكل يومياً، وأما بالنسبة إلى والدي فكان كثير الاطلاع والقراءة على كتب الأدب والشعر وكان يكتب الشعر فتأثرت به شعرياً وفكرياً، ولا أنسى والدتي كانت تكتب الشعر أيضاً، حيث كانت أول امرأة بحرينية يكون لديها ديوان شعري نبطي.

ماذا عن فترة المدرسة؟

- في سن السابعة التحقت بالمدرسة، وكانت هنالك مدرسة وحيدة للمرحلة الابتدائية في البسيتين، وكانت المدرسة هي منزل أحد رجال الأعمال وهو علي بوزبون حيث أجرته وزارة التربية والتعليم لغرض إنشاء مدرسة ابتدائية للبنين، وكانت المدرسة صغيرة حيث تحتوي على ستة صفوف من الأول حتى السادس ومكتب للمدير ومكتب للمدرسين، وبعدها في المرحلة الإعدادية انتقلت إلى مدرسة عمر بن الخطاب وكانت مرحلة الإعدادي سنتين فقط، وأما بالنسبة إلى مرحلة الثانوي فانتقلت إلى مدرسة الهداية الخليفية، حيث أتممت دراستي وتخرجت من الثانوي عام 1977.

كيف كان مستوى الطالب عبدالرحمن المضحكي في المدرسة؟

- كنت طالباً متميزاً ودائماً من المتفوقين والأوائل في المدرسة، حيث دائماً ما أكون الأول أو الثاني على الطلاب، وفي أقل تقدير كنت أكون ثالثاً، وهذا التفوق كان منذ الابتدائي حتى تخرجي من الثانوي.

ماذا عن مرحلة ما بعد الثانوي؟

- لم أتوجه للجامعة لإكمال دراستي لظروف شخصية رغم تعلقي بالدراسة ورغبتي في الالتحاق بالجامعة، ولكن توجهت للعمل في ميناء سلمان وبالتالي انتقلت إلى العمل في الجمارك، وفي عام 1983 قدمت استقالتي من الجمارك والتحقت بقوة دفاع البحرين في الإعلام العسكري الذي كان اسمه إرشاد الثقافة حينئذ.

بعد ذلك أنت حصلت على شهادات كثيرة من الدبلوم إلى الماجستير، متى وكيف التحقت بالجامعة؟

- بعد دخولي الإعلام العسكري بقوة الدفاع رأيت أن العمل بالشهادة الثانوية لا يرضي طموحي وأنني أريد أخذ الشهادة الجامعية للارتقاء بعملي، فتقدمت في عام 1987 بطلب الانتساب لجامعة بيروت العربية، فكانوا يعطونني إجازة سنوية للدراسة وفي حال أحضرت الشهادة يعطونني تعويض عنها إجازة عرضية، لأن الدراسة كانت انتساباً، فكانوا يعطوننا الكتب قبل 4 أشهر من الامتحانات كما يعطوننا بعض الملخصات للاطلاع على نوعية الأسئلة التي ستأتي في الامتحان، وقبل الامتحان بشهر نذهب حضورياً إلى الجامعة لتقديم الامتحانات، وبعد ذلك وفقني الله وأتممت شهادة البكالوريوس من جامعة بيروت العربية في عام 1990.

ماذا بالنسبة عن الدراسات العليا؟

- بعد إكمال شهادة البكالوريوس، طلبت التفرغ لدراسة الماجستير في جامعة القاهرة وتقدمت بالطلب والحمدلله حصلت على القبول وكان في عام 1997، وكانت قوانين جامعة مصر تتطلب تقدير جيداً جداً وأنا كان لدي تقدير جيد، وعلى أثر ذلك تم افتراض الدبلوم علي أولاً لمدة سنتين في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، وحصلت عليها في سنتين بتقدير امتياز، وبالتالي انتقلت إلى السنة التمهيدية للماجستير في مناهج تحقيق التراث، وبعدها تفرغت لدراسة الماجستير وتخرجت عام 2000.

كيف كانت أجواء الدراسة في مصر؟

- كان وقتي منسقاً، حيث الصباح كان فترة للراحة نظراً لبدء أوقات المحاضرات في الجامعة من الثانية ظهراً، وعندما أنتهي يكون هنالك وقت فراغ كبير، فحرصت على أن أتواجد في المسابقات الثقافية والندوات والأمسيات الشعرية، وكنت أذهب كثيراً للمكتبات القديمة مثل مكتبة الأزبكية لشراء الكتب القديمة لأنهل من المعلومات قدر المستطاع، فأصبح لدي العديد من الكتب، وعند إكمالي شهادة الماجستير تبرعت بهم إلى مؤسسة الملحقية الثقافية والطلبة الزملاء.

حدثنا عن بداياتك في الشعر؟

- بدأت الكتابة في 1977، وكتبت الشعر الحر والشعر النثري، كنت أرسل ما أكتبه إلى الدكتور علوي الهاشمي في مجلة البحرين، وهو كان ينشر لي الأشعار في المجلة وشجعني كثيراً ولا أنسى فضله، بعد ذلك كتبت في الشعر النبطي وأول من شجعني على النبطي هو الأستاذ عبدالله سيف وعمل لي مقابلة صحفية وشجعني على الكتابة، وبعد ذلك أول من عمل لي مقابلة في التلفاز الشاعر الأستاذ مبارك العماري.

من هو قدوتك الشعرية؟

- شعراء النبط والأدب القدماء دائماً أقرأ لهم، وأيضاً شعراء الفصحة الذين عاصروا الدولتين الأموية والعباسية، لأنني أحب الاطلاع والقراءة، ومن خلال ذلك تتكون لدي المعرفة والخبرة والعديد من المفردات من خلال قراءاتي لهؤلاء الشعراء الكبار.

ألقيت العديد من القصائد أمام جلالة الملك المعظم، حدثنا عن هذه التجربة؟

- أعتز بهذه التجارب وأفخر بكل تأكيد، وفي كل مرة ألقي أمام جلالة الملك المعظم أشعر بالاعتزاز والامتنان لإتاحته لي هذه الفرصة، وأول قصيدة ألقيتها أمامه كانت في عام 1987 في مهرجان البسيتين للتراث الشعبي حيث كانت تحت رعايته حينما كان ولياً للعهد، وكنت أشعر بتشجيعه عند الإلقاء، وعندما انتهى يناديني ويشكرني ويقدم لي كل كلمات الدعم والتشجيع.

ما هي أقرب قصائدك بالنسبة لك؟

- جميع قصائدي أحبها، ولكنني أحب قصائد المواقف، عندما يحدث موقف أمامي وأنظم عليه، وأتذكر موقفاً مراً حيث كان لي صديق متخوف من بعض الأمور التي تجري في حياته وكان يشكو لي، في اللحظة نفسها كتبت قصيدة أسميتها «يعقوب أنا كلي أسى».

ما هي الجوائز والأوسمة التي حصلت عليها؟

- الجائزة الأولى في فترة الثمانينات كانت هنالك مسابقة في صحيفة الأضواء، وكانت المسابقة عبارة عن وجود بيت واحد وعلى المتسابقين الإكمال عليه، ففزت بها بالمركز الأول في ظل وجود العديد من الشعراء البحرينيين، وبالنسبة إلى الجائزة الثانية فزت بأجمل ديوان في البحرين تحت تنظيم جمعية الشعر الشعبي وانطبع الديوان على حسابهم، والجائزة الثالثة شاركت في مسابقة أندية مجلس التعاون الخليجي في مصر تحت تنظيم وزارة الثقافة والشباب العمانية وفزت بالمركز الأول، وكرمني السفير العماني وبالإضافة إلى التكريم فقد تم جعلي عضواً في منتدى الخليل بن أحمد الفراهيدي.

ما هي إصدارات الشاعر عبدالرحمن المضحكي؟

- أول إصدار لي كان ذكريات العمر في عام 1987 خلال فترة دراسة البكالوريوس، وضعت به قصائدي في البدايات وجميعها قيمة من قبل لجنة في وزارة الإعلام والثقافة، والإصدار الثاني في عام 1990 وكان عنوانه الشعر النبطي والشعر العربي دراسة تطبيقية، حيث ذكرت فيه شعر البطولة من العصر الجاهلي حتى تحرير الكويت، وتم توزيعه في سنة 1990 في احتفال بمناسبة 5 فبراير، والإصدار الثالث كتاب بريق الأمل الذي فزت به في المسابقة التي نظمتها جمعية الشعر الشعبي، والإصدار الرابع كان كتاب العقد الثمين في تاريخ البسيتين، حيث عملت عليه 10 سنوات لجمع المعلومات ولقاء كبار شخصيات البسيتين، والإصدار الخامس والأخير كان أطروحة الماجستير حيث ألفت كتاب الحماسة في الشعر النبطي في البحرين.

حدثنا عن تجربتك في دخولك مجال الإعلام من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية؟

- من أول دخولي قوة دفاع البحرين قدمت برامج إذاعية وتلفزيونية بمناسبة عيد الجيش في 5 فبراير، حيث البرامج التلفزيونية كانت من إعدادي وتقديمي، وقدمت برنامج «فيّ العصر» وكان البرنامج من إعداد وتقديم فايز السادة، والنجم هو الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، حيث كان يتكلم عن مسيرته من الطفولة حتى الكبر والمراكز التي تقلدها، وكنا نسجل في نادي الضباط أو وزارة الإعلام ويتم نشره في تلفاز البحرين، وأما بالنسبة إلى البرامج الإذاعية فقد قدمتها حوالي 16 سنة وكنا نسجل البرامج في مقر الإذاعة، وبعد ذلك شجعني الدكتور طارق المؤيد وزير الإعلام آنذاك حيث طلب مني برامج أخرى، فقدمت له مقترح فكرة برنامج «نفح القوافي»، وكان من إخراج كمال بو كمال، وبعد ذلك تغير اسم البرنامج إلى «همزة وتر»، وبعد ذلك قدمت 3 برامج تراثية «مع البحر، كنوز عربية، من وحي الهدى»، وكانت سنة 1995 آخر سنة لي في مجال الإذاعة والتلفاز، بسبب أنني توجهت لدراسة الماجستير في مصر.

كيف تلخص مسيرة الشاعر عبدالرحمن المضحكي؟

- «تجاسرت بأن أخطو»، حيث تخطيت الصعوبات وكل ما واجهني، وعندما أنظر الآن إلى هذه المسيرة، أشعر بأنني تحاملت على نفسي وتعبت لكي أكمل مشواري رغم الظروف التي كانت تحيط بي.