سكاي نيوز عربية
أثارت الوثائق السرية الأميركية المسربة، العديد من التساؤلات بشأن الاستفادة الروسية من ورائها، بالنظر لكشفها تجسس الولايات المتحدة على الأعداء والحلفاء على حد سواء، وإظهارها تقييم الحرب في أوكرانيا.
واعتبر مراقبون لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الوثائق المُسربة "جزء من مناورة استخبارية"، وتخدم العديد من الأهداف السياسية أكثر مما جرى الترويج لها، في الوقت الذي تلقي بظلالها على مسار الحرب الأوكرانية خلال الفترة المقبلة.
ووصف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، التسريبات بأنها "مثيرة للاهتمام"، ويجري دراستها وتحليلها في الوقت الراهن، منتقدًا الحديث عن تورط موسكو في تسريب تلك الوثائق.
يكشف التسريب، الذي لا يزال مصدره مجهولاً، عن التقييم الأميركي للجيش الأوكراني، الذي جرى وصفه بأنه "في حالة يُرثى لها".
توضح الوثائق المسربة، من أواخر فبراير وأوائل مارس، النقص الحاد في ذخائر الدفاع الجوي للقوات الأوكرانية، والجدل بشأن موقفها في الهجوم المضاد المحتمل.
التقارير الاستخباراتية تشير إلى أن الولايات المتحدة تتجسس أيضًا على كبار القادة العسكريين والسياسيين في أوكرانيا، وهو ما يعكس صراع واشنطن للحصول على رؤية واضحة لاستراتيجيات القتال.
تظهر بعض الوثائق المتعلقة بأوكرانيا، والتي تحمل علامة "سري وسري للغاية" خطط الولايات المتحدة وحلف الناتو لتدريب وتسليح القوات الأوكرانية قبل الهجوم المضاد المخطط له هذا الربيع.
وصف أحد كبار المسؤولين الأميركيين التسريب بأنه "اختراق استخباراتي هائل".
تظهر بعض الوثائق المسربة، التي يقول مسؤولون أميركيون إنها صحيحة، مدى انغماس الولايات المتحدة في عمليات التنصت على الحلفاء الرئيسيين لها بمن فيهم كوريا الجنوبية وإسرائيل وأوكرانيا.
احتوت وثائق البنتاغون المسربة على تأكيد بأن قيادة الموساد، جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي، شجعت المواطنين وموظفيه على المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
قطع مصادر المعلومات
أكدت "نيويورك تايمز" أن الوثائق المسربة قد تؤدي لإلحاق ضرر حقيقي بجهود أوكرانيا عسكرياً، حيث تظهر مدى اختراق أجهزة المخابرات الأميركية لأجزاء معينة من الجهاز العسكري الروسي، مما يمنح موسكو فرصة محتملة لقطع مصادر المعلومات.
يقول مسؤولون عسكريون حاليون وسابقون إنه من السابق لأوانه معرفة مدى الضرر، لكن إذا كانت روسيا قادرة على تحديد كيفية قيام الولايات المتحدة بجمع معلوماتها ووقف هذا التدفق، فقد يكون لذلك تأثير على ساحة المعركة في أوكرانيا.
أدى التسريب بالفعل إلى تعقيد العلاقات مع الدول الحليفة وأثار الشكوك حول قدرة أميركا على الحفاظ على أسرارها، فبعد مراجعة الوثائق، قال مسؤول استخباراتي غربي إن التسريب كان مؤلمًا وأشار إلى أنه يمكن أن يحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية.
تعتقد تقارير غربية أن الوثائق المسربة ليست مجرد إحراج للبنتاغون، إذ يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن التسريب قد يلحق الضرر بالعمليات الأميركية في جميع أنحاء العالم.
من جانبه، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيفاستوبول الروسية وخبير العلاقات الدولية عمار قناة أنه يمكن النظر إلى الوثائق المُسربة باعتبارها تدخل ضمن المناورات السياسية الاستخباراتية الأميركية، وهي جزء من عملية "البروباجندا الإعلامية" التي تحاول من خلالها واشنطن توظيف تلك الوثائق كأداة سياسية لتمرير جزء من مصالحها.
وبشأن تبعات ظهور تلك الوثائق، أوضح قناة أنه:
بالنظر إلى توقيت ظهورها على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يمكن اعتباره أنه "برئ" تباعا وليست دفعة واحدة، فهي تخدم أهداف سياسية أكثر مما روج لها في البداية بأنه من الممكن أن يكون لها علاقة بالوضع العسكري في أوكرانيا أو غيره من الجبهات.
"أما فيما يتعلق بمسألة الاستفادة، لا أعتقد أنه من خلال هذه الوثائق أو محتواها يمكن أن يشكل شيئا ثمينًا بالنسبة لروسيا، فحتى الآن لا يزال البنتاغون يحقق فيها ولم يجري التأكد بشكل بات من صحتها".
فيما يتعلق بالمسار العسكري، فروسيا لا تنتظر اليوم معلومات من البنتاغون لكي تُجهز خططها العسكرية، لكن التوقيت مرتبط أكثر بالمواد الإعلامية، خاصة وسط حديث عن الهجوم الأوكراني المضاد، إذ تحدث وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مثلا عن هذا الهجوم بعد أسابيع، ثم يخرج رئيس هيئة الأركان الأوكراني ليعلن صعوبة تنفيذ ذلك في المراحل القريبة.
الوثائق تكشف وجود أزمة واضحة للولايات المتحدة ضمن الائتلاف الغربي ضد روسيا، إذ يتضح وجود ارتباك وتخبط في عملية تسليح أوكرانيا، في خضم ما نراه من تقدم ممنهج وأكثر انضباطًا لروسيا التي في عجلة من أمرها للحسم العسكري.
لا أعتقد أن تلك الوثائق قد تؤثر على المسار الروسي في العملية العسكرية بأوكرانيا.