RT

في مثل هذا اليوم من عام 1995 قتل في الولايات المتحدة 168 شخصا، وأصيب مئات آخرون في انفجار شاحنة مليئة بالمتفجرات أمام مبنى للحكومة الفدرالية في ولاية أوكلاهوما.

كان ذلك الحادث، أسوأ هجوم إرهابي داخلي من صنع محلي في تاريخ الولايات المتحدة. وقد نفذه متطرف، مناهض للحكومة الفدرالية يدعى تيموثي ماكفي، وهو جندي سابق في الجيش الأمريكي، كان شارك في حرب الخليج أوائل عام 1991.

تيموثي ماكفي كان حصل على عدة ميداليات على خدمته العسكرية، إلا أنه على الرغم من ذلك فشل في التأهل لبرنامج القوات الخاصة، قبل عرضا من الجيش بالتقاعد المبكر، واستقال في خريف عام 1991.

تفاصيل تفجير أوكلاهوما الدموي:

صبيحة يوم 19 أبريل 1995، أوقف تيموثي ماكفي، الجندي السابق بالجيش وكان يعمل وقتها حارسا أمنيا يدعى شاحنة "رايدر" مستأجرة أمام مبنى "ألفريد مورا الفيدرالي"، في وسط مدينة أوكلاهوما سيتي.

السيارة كان بها قنبلة قوية مصنوعة من مزيج قاتل من الأسمدة الزراعية ووقود الديزل ومواد كيميائية أخرى.

خرج ماكفي من السيارة وأغلق بابها، واتجه نحو سيارته للهرب من مسرح الجريمة. شغّل فتيلا موقوتا ثم شعل آخر.

بتمام الساعة 09:02 انفجرت الشاحنة بقوة رهيبة أمام مبنى الحكومة الفيدرالي المكون من تسعة طوابق في وسط مدينة أوكلاهوما.

في لحظات بدت المنطقة المحيطة بموقع التفجير وكأنها ساحة حرب. تحول ثلث المبنى إلى أنقاض، وانهار العديد من الطوابق متراكمة مثل الفطائر، واحترقت عشرات السيارات ودمر أو تضرر أكثر من 300 مبنى قريب.

الخسائر البشرية في ذلك العمل الإرهابي، لا تزال حتى الآن الأكبر من نوعها، أزهقت أرواح 168 شخصا، من بينهم 19 طفلا صغيرا كانوا في روضة أطفال بالمبنى وقت الانفجار، علاوة على إصابة أكثر من 650 شخصا آخرين.

المبنى الذي دمر بشكل تام قسم كبير منه، انهارت أطلاله بعد شهر من الهجوم الإرهابي، وقامت الحكومة المحلية ببناء نصب تذكاري ومتحف وطني مكانه.

مبنى "ألفريد مورا" الفيدرالي، كان افتتح في عام 1977، وأطلق عليه اسم أحد مواطني أوكلاهوما. ألفريد مورا، كان أحد أصغر القضاة الفيدراليين في تاريخ الولايات المتحدة حين عينه الرئيس فرانكلين روزفلت في عام 1936، وقد توفي في عام 1975 عن عمر ناهز 71 عاما.

مطاردة الجاني وهو في السجن:

فور التفجير، انطلقت عملية مطاردة ضخمة للمشتبه بهم في الانفجار، واتهمت السلطات في 21 أبريل، تيموثي ماكفي، الجندي السابق في الجيش الأمريكي، في هذه القضية.

في تلك الأثناء تبين أن ماكفي يقبع في السجن! وأنه أوقف بعد ما يزيد بقليل عن ساعة من وقوع انفجار أوكلاهوما، لانتهاكه قواعد المرور، ثم جرى القبض عليه لحمله مسدسا بشكل غير قانوني.

قبيل موعد إطلاق سراحه من السجن، جرى التعرف عليه باعتباره المشتبه به الرئيس قي التفجير، ووجهت إليه التهمة رسميا.

في نفس اليوم، سلّم نفسه للسلطات في ولاية كانساس، تيري نيكولز، شريك ماكفي في الجريمة، واكتشف المحققون أن كلا الرجلين عضوان في مجموعة يمينية متطرفة مقرها ميشيغان، تدعى "البقاء على قيد الحياة".

وفي وقت لاحق في 8 أغسطس، وافق ثالث يدعى مايكل فورتييه، كان على علم بخطة ماكفي لتفجير المبنى الفيدرالي، على الإدلاء بشهادته ضد ماكفي ونيكولز مقابل عقوبة مخففة. بعد يومين، اتهم ماكفي ونيكولز بالقتل والاستخدام غير القانوني للمتفجرات.

إرهاب من صنع محلي في أوكلاهوما:

في سنوات مراهقته في غرب نيويورك، كان ماكفي مولعا بالأسلحة، وبدأ في التدرب على فنون ومهارات البقاء على قيد الحياة، وكان يرى في ذلك الوقت، أنها ضرورية تحسبا لاندلاع حرب مع الاتحاد السوفيتي.

عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة، وما تبعها من متغيرات داخلية أمريكية خاصة في عهد الرئيس بيل كيلنتون، حوّل ماكفي وجماعته كرههم إلى السلطات الفيدرالية لاسيما بعد عمليات ومداهمات لمقار منظمات متطرفة قام بها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي

لذلك، قرر ماكفي الهجوم على مبنى الحكومة الفيدرالية في أوكلاهوما، وكان يضم مكاتب إقليمية للمؤسسات الفيدرالية مثل إدارة مكافحة المخدرات والخدمة السرية ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.

أدين تيموثي ماكفي، الجندي السابق في الجيش الأمريكي في 2 يونيو 1997، في جميع التهم الموجهة إليه وعددها 11، وفي 14 أغسطس، صدر رسميا حكم الإعدام ضده.

في العام التالي حكم على فورتييه، الذي كان زميلا له في الجيش، بالسجن 12 عاما لأنه لم يبلغ السلطات بخطط ماكفي. هذا الرجل أطلق سراحه في عام 2007، وضم إلى برنامج حماية الشهود.

أما تيري نيكولز، شريكه في الجريمة، فقد أدين في ديسمبر 1997 بالتآمر وفي ثماني تهم بالقتل غير المتعمد، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ثم حوكم مرة أخرى في عام 2004، وأدين بارتكاب 161 جريمة قتل من الدرجة الأولى، بما في ذلك قتل جنين، وحكم عليه بالسجن المؤبد 161 مرة متتالية!

أما ماكفي فقد نفذ فيه حكم الإعدام بالحقنة السامة بسجن في ولاية إنديانا يوم 11 يونيو 2001، وكان عمره حينها 33 عاما.