اختتمت جامعة البحرين للتكنولوجيا يوم أمس أعمال مؤتمر "الابتكارات المستدامة في الإدارة في عصر التحول الرقمي SIM DTE" في نسخته الأولى بمشاركة ما يربو عن 200 باحث من داخل المملكة وخارجها، أنطلق المؤتمر يوم الثلاثاء الموافق الثاني من مايو بفندق الريجنسي إنتركونتيننتال بالعاصمة المنامة.
نظم المؤتمر برعاية بلاتينية من مجموعة جي أف إتش المالية وشركة البحرين للاتصالات السلكية واللا سلكية (بتلكو)، والمصرف الخليجي التجاري كراع ذهبي. كان ذلك بالتعاون مع جمعية مصارف البحرين وجمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية.
تخلل المؤتمر جلسات نقاشية حول التحول الرقمي مع التركيز على أهم المحاور التي تعزز مفهوم الاستدامة مع مراعاة الأسس البيئية، فإن العالم والمستقبل يتجه بقوة نحو التقنية الرقمية ولا بد من اللحاق بركب التطور الهائل المتسارع والمستمر.
كان للتنوع الثقافي للباحثين المشاركين إثراء مختلف، حيث امتدت المشاركة الواسعة من دول الخليج العربي والدول العربية إلى دول أوروبا وكندا، تم تبادل الخبرات وتناول أهم الجوانب المشتركة لتعزيز وتطبيق التجارب التي أثبتت كفاءتها في هذا المجال.
كما تم تسليط الضوء على أهمية القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والناشئة على وجه الخصوص، حيث نوقشت مجموعة من الخطط لدعم وتمكين هذا الجزء لمساهمته البالغة في الناتج الإجمالي، فإن تعزيز جودة القطاع الخاص وخدماته سيعالج جملة من قضايا المجتمع بشكل فعال عن طريق تحقيق الاكتفاء المادي وخلق فرص وظيفية متنوعة.
تطرق الباحثون إلى حملة القضاء على الأمية الرقمية، إن معايير المعرفة قد تغيرت عن السابق فالعالم اليوم قد تخطى الأمية الأبجدية فسقف المعرفة قد ارتفع عن الإلمام بالأبجديات وأصبح الجهل اليوم هو التخلف عن اللحاق بركب النمو المعرفي والتقني.
كما تناولت الدراسات أهمية الأمن السيبراني كحجر زاوية في منظومة التنمية المستدامة، فقد ذكرت الدراسات أن الإلمام بقواعد الأمن السيبراني يعزز استقرار وثقة العملاء بأي مشروع أو مؤسسة. عرضت مجموعة من الدراسات حول الأمن الإلكتروني التنظيمي وأهمية الجاهزية المتكاملة وانعكاساتها على صناعة السياسات واتخاذ القرارات. يُذكر أن الجامعة كانت قد أطلقت حزمة من التخصصات الجديدة من ضمنها البكالوريوس في الأمن السيبراني والذي يهدف إلى رفد سوق العمل بجملة من الكفاءات المتخصصة في الحماية الرقمية والتي هي مستقبل الأعمال في القريب العاجل.
ناقشت أحد الأبحاث تأثير التحول الرقمي على الميزة التنافسية في صناعة الأغذية فقد أثر ذلك على الصناعات الغذائية كحال بقية قطاعات الصناعة، عزز تلك الميزة التنافسية بين المنتجين مما أتاح التدفق العالي والدقيق للمعلومات حول أي منتج مطروح في الأسواق وذلك ما يدعم النمو المعرفي للمستهلكين بشكل مباشر.
كما أثرت الأدوات التكنولوجية على إدارة المعرفة في مجال الاتصالات والإنترنت، وكان ذلك جليا إبان جائحة كورونا والتي شلت العالم ل3 سنوات متتالية، إلا أن التوجه للبديل الافتراضي وتقنية الإنترنت ساهم في إنعاش الكثير من الأعمال وزاد من الاعتماد على التكنولوجيا كما بدا ذلك واضحا من خلال العمل والتعليم عن بعد من خلال الفصول الافتراضية.
تم عرض ورقة بحثية حول دور التحول الرقمي في دعم التعليم والتدريب التقني وعلاقة ذلك بالبحث والابتكار ناقش البحث تأثير سياسات الإحلال الرقمي عوضا عن السياسات التقليدية في التدريب والابتكار من حيث اعتمادات طرق جديدة بكلفة أقل وجودة أعلى من السابق. حيث إن التراكم المعرفي أدى دوره في الأخذ بأحدث الطرق العالمية المعتمدة في دعم وتأهيل العمال والموظفين. فقد أصبحت الورش التدريبية لا تتطلب التواجد في الغرف المغلقة لساعات طويلة بل أصبحت تربط العالم من الشرق للغرب في فضاء إلكتروني واسع يستفيد من الخبرات المتعددة أيا كان موقعها.
خُتم المؤتمر بعرض التوصيات المقترحة والتي سيتم رفعها ومناقشتها للجهات العليا بالمملكة بما يعزز الرؤية الاقتصادية للمملكة 2030 وذلك من شأنه أن يوسع آفاق السياسات الجديدة القائمة على أساس التطور الرقمي.
تمت التوصية بمراجعة قوانين ريادة الأعمال في البحرين بما يتفق مع التحول الرقمي لتسهيل لوجستيات العمل للمشاريع المتوسطة والصغيرة على وجه
الخصوص. كما تم التركيز على ضرورة إحلال الاقتصاد الدائري القائم على الإنتاج والاستهلاك والاستخدام انتهاء بإعادة التدوير، محل الاقتصاد التقليدي القائم على سياسة الأخذ والاستهلاك ثم التخلص من المنتج في حاوية المهملات، فقد أصبحت النماذج القديمة غير مستدامة ولا تدعم البيئة وما التلوث الذي نعانيه اليوم ما هو إلا نتاج اعتماد النظم الاستهلاكية القديمة.
شددت التوصيات على دور المنشآت التعليمية في البحرين والذي يمتد ليشمل جميع المساهمين على رأسهم الشركات الصناعية لتنمية حس ريادة الأعمال لدى الأجيال والطلبة، وإدراج منهج لريادة الأعمال بل وطرحة كتخصص منفصل قادر على صب خبرات أكاديمية مساهمة بفعالية وقوة في سوق العمل. كما أوصي بالضرورة الحتمية لاعتماد منهجية لمشاركة قصص نجاح ريادة الأعمال في المجتمع لتشجيع المبادرين من أصحاب المشاريع الصغيرة وتأهيل الطلبة للانخراط في سوق العمل باعتبارهم مشاركين رئيسيين في رفد الاقتصاد الوطني. وذُيلت التوصيات بضرورة خلق بيئة محفزة وجاذبة للمستثمرين على الخصوص في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن طريق تطبيق سياسات أكثر مرونة.
ختم البرنامج بشكر الباحثين المشاركين والرعاة على دعمهم لإنجاح المؤتمر بنسخته الأولى والذي استمر ليومين متتاليين تخللهما العديد من الجلسات والمناقشات التي نتج عنها جُملة من التوصيات المحورية، فقد شكر الدكتور حسن الملا رئيس جامعة البحرين للتكنولوجيا مجموعة جي أف إتش المالية وشركة البحرين للاتصالات السلكية واللا سلكية (بتلكو) على الرعاية البلاتينية والمصرف الخليجي التجاري كراع ذهبي.