حسن الستري


أقرت لجنـة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني الشورية مشروع قانون بإلغاء المادة 353 من قانون العقوبات.

وتنص المادة المراد إلغاؤها على أنه «لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة -المتعلقة بالاغتصاب والاعتداء على العرض- إذا عقد زواج صحيح بينه وبين المجني عليها. فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية».

ويهدف مشروع القانون، إلى تحقيق الحماية التي أقرتها اتفاقية جنيف الرابعة للنساء بصفةٍ خاصة، ضد الاعتداء على شرفهن، ولاسيما ضد الاغتصاب، والقضاء على دوافع وأسباب جريمة الاغتصاب، إذ لا تعالج المادة 353 من قانون العقوبات المقترح إلغاؤها قضية الاغتصاب ولا تؤمن الحماية الملاءمة للمرأة من هذه الجريمة.

من جهتها، بينت الحكومة في مذكرتها الإيضاحية أن الإبقاء على المادة 353 من قانون العقوبات يجعل من يرتكب جريمة الخطف فقط في وضع أسوأ ممن يرتكب جريمتي الخطف والاغتصاب، كما تكمن شبهة فساد الزواج الناجم عن الاغتصاب لِعَيب يعتري رضا المغتصبة. وأكدت اتساق مشروع القانون مع الاتفاقيات الدولية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ومع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بهذا الشأن التي ترى إلغاء هذه المادة، وبينت أن النص يُثير إشكالية عملية حال تعدد الجناة، إذ كيف وعلى أي أساس يتم اختيار أحد الجناة من قبل المجني عليها للزواج به، كما أنه من غير المتصور أن تسقط العقوبة عن أحدهم بسبب زواجه من المجني عليها زواجاً صحيحاً في حين يُحكم على باقي الجناة بالعقوبة رغم انقضاء أثرها بالزواج من أحد الجناة.

وذكر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن إمكانية وقوع الإجبار على المغتصبة لإيقاف العقوبة عن المغتصب حالة يمكن حدوثها، إلا أن إبقاء العقوبة على المغتصب يلبي حاجة المجتمع في المحافظة على النظام العام، ولا يجعل للمغتصب طريقاً للفرار من تطبيق العقوبة عليه، وعدم إلغاء العقوبة له أثر في ردع من تسول له نفسه اقتراف جريمة الاغتصاب، وفي منع التواطؤ بين طرفيه لاتخاذ الاغتصاب وسيلة للضغط على الولي للموافقة على عقد الزواج.

وأكد المجلس بأنه لا يرى مانعاً من إلغاء المادة 353 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات.

الى ذلك، أوضحت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني أن مجلس الشورى سبق أن تقدم باقتراح بقانون بإلغاء المادة 353 من قانون العقوبات، وذلك في الدور الثاني من الفصل التشريعي الرابع وتم صياغته في شكل مشروع قانون، تم مناقشته أمام السلطة التشريعية بمجلسيها، إلا أنه لم يلق توافق كافة الجهات المعنية بشأنه.

وأكدت أن نص المادة 353، يخالف سياسة التجريم والعقاب التي تهدف إلى تحقيق القوة الرادعة للعقوبة، حيث وضع قانون العقوبات جزاءات على كافة جرائم هتك العرض والاغتصاب، وذلك في الفصل الثاني من الباب الثامن من قانون العقوبات، إلا أن نص المادة (353) جاء متعارضًا مع هذا السياسة، وذلك بإعفاء الجاني من العقاب حال زواجه من المجني عليها.

ولفتت إلى أنه على مستوى التشريعات المقارنة، فإن هذا الإعفاء لم تتبنه قوانين عدد من الدول ابتداءً، كما عدلت عن الأخذ به عدد من الدول، وفي المقابل ما زالت بعض الدول تطبقه.

فالدول التي لا تطبقه في قوانينها ابتداء هي: سلطنة عمان، اليمن، مالي، الصومال، والدول التي كانت تطبقه وعدلت عن تطبيقه هي: المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة المغربية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية اللبنانية، دولة فلسطين، جمهورية العراق.

أما الدول التي مازالت تطبقه هي: دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، والجمهورية العربية الليبية، والجمهورية العربية السورية، والجمهورية التونسية، والجمهورية الجزائرية.