العربية

انضمّ حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، إلى لائحة النشرة الحمراء لدى الإنتربول وإلى 6970 مطلوباً آخرين بينهم سبعة لبنانيين لعل أبرزهم بعد سلامة، الرئيس السابق لتحالف (رينو-نيسان) رجل الأعمال كارلوس غصن.

وتضمّن ملف توفيق سلامة، (72 عاماً) التُهم الموجّهة إليه من القضاء الفرنسي، وهي "مجموعة أشرار بهدف ارتكاب جرائم تصل مدة عقوبتها إلى السجن لعشر سنوات- التواطؤ بتبييض الأموال-الغشّ الضريبي".

فهل سيسلمه لبنان؟

تجمع معظم المصادر وآراء المحللين والمتابعين للقضية على أن القضاء اللبناني لن يُسلّم حاكم المركزي إلى القضاء الفرنسي، انطلاقاً من مبدأ محاكمة المواطن على أراضي دولته وليس دولة أخرى حتى لو كان يحمل جنسيتها.

وقارنت بعض الأوساط السيناريو المُرتقب لتعامل القضاء مع ملف سلامة مع سابقة حصلت بملف المدير التنفيذي السابق لتحالف "رينو - نيسان" كارلوس غصن الموجود في لبنان أيضا ، حين سُطّرت في حقه مذكرة توقيف عبر الإنتربول الدولي لصالح كل من فرنسا واليابان، وحينها استدعي للتحقيق أمام النيابة العامة التمييزية، وتُرك بسند إقامة أو رهن التحقيق مع إجراءات أخرى تتعلق بحجز جوازات سفره لمنعه من مغادرة الأراضي اللبنانية.

وغصن الذي كان محتجزاً في اليابان بتُهم خيانة الأمانة واختلاس أموال الشركة، هرب في 29 ديسمبر 2019، إلى لبنان في صندوق على متن طائرة خاصة حملته إلى تركيا، وهناك، استقل طائرة خاصة أخرى نقلته إلى لبنان.

"لا نسلم مواطنينا"

وعليه، أوضح مصدر قضائي لـ"العربية.نت" "أن القانون اللبناني لا يسمح بتسليم رعاياه إلى أي دولة أجنبية انطلاقاً من قاعدة عامة l'Etat ne livre ، pas ces justiciable، أي أن الدولة لا تُسلّم مواطنيها، والاتفاقيات الدولية لا تُخالف هذه القاعدة، إنما يُصار إلى النظر في ملف المطلوب استرداده أمام القضاء اللبناني".

كما أشار إلى "أن أي دولة في العالم لا تُسلّم مواطنيها لدولة أخرى، وإلا فإنها تتخلّى عن سيادتها".



كارلوس غصن



الجنسية اللبنانية أولاً

ومع أن حاكم مصرف لبنان يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، وهو ما شكّل باباً لفريق الادّعاء بتقديم الشكاوى ضدّه أمام القضاء الفرنسي، غير أن جنسيته اللبنانية "الأصلية" تعلو على الفرنسية، وبالتالي فهو مواطن لبناني بالدرجة الأولى وليس فرنسياً كما قال المصدر القضائي.

إلى ذلك، شدد المصدر على "أن التحقيقات الفرنسية في قضية حاكم المركزي استندت إلى التحقيقات التي بدأها القضاء اللبناني عبر القاضي جان طنّوس، وعليه إذا كان القضاء اللبناني جدّياً في تعاطيه مع هذه القضية، فإن محاكمة سلامة يجب أن تكون على الأراضي اللبنانية ومنعه من السفر".

مذكرة الإنتربول غير مُلزمة

من جهته، أوضح وزير العدل السابق إبراهيم نجّار لـ"العربية.نت "أن إشارة الإنتربول غير "مُلزمة"، وهناك سابقة بعدم تنفيذها عندما سافر الرئيس السوداني السابق عمر البشير المطلوب دولياً إلى إفريقيا الجنوبية ولم يتم توقيفه على رغم أنه كان مطلوباً من الإنتربول".

وقال "المذكرة الصادرة عن الإنتربول ضد رياض سلامة تُطبّق على الحدود، لكن تطبيقها في لبنان يحتاج إلى شروط، أولها تحويل ملفه القضائي في فرنسا إلى لبنان وفق الأصول كي تدرسه السلطات اللبنانية، وبناءً على ذلك تُقرر إما توقيفه أو إبقاءه طليقاً".

كما أشار إلى "أن لبنان لا يُسلّم رعاياه إلا وفق شروط محددة نصّ عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية.



رياض سلامة على نشرة الانتربول (من موقع الانتربول)



لكنه أضاف قائلا "إن استثناء حصل عندما كنت وزيراً للعدل، إذ حرصت على تسليم مطلوب لبناني للسلطات الرومانية، لأنه ارتكب جرماً كبيراً". وشدد على "أن السلطات القضائية في لبنان ستطلب استرداد ملف حاكم المصرف المركزي، لكن لا يمكنها محاكمته بجرم اقترف في فرنسا".

يذكر أنه في العام 2009، وقّع لبنان ممثلاً بوزير العدل آنذاك إبراهيم نجّار اتفاقاً قضائياً مع فرنسا يتعلّق بالجرائم الجنائية، يتضمّن أصولاً محددة، لكنه لا يشمل التعاون بشأن المذكرات الصادرة عن الإنتربول، وهو ما أكد عليه نجّار لـ"العربية.نت". وأوضح "أن سيناريو سلامة لن يختلف عن سيناريو كارلوس غصن، إذ إن لبنان سيمتنع عن تسليمه حتى لو أنه يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، لكن إذا صدر قرار من المحاكم اللبنانية بتوقيف الحاكم بجرم الاختلاس العام، فعندها سيُصار حكماً إلى توقيفه!".