عائشة البوعينين - مدرب تربوي وكوتش - أخصائي سعادة ومرشد أسري
اذهب والعب في ألعابك.. شاهد رسومك المفضلة.. اجهز راح أوديك الألعاب.. إلخ، هذا السيناريو المتكرر في كل بيت كرد سريع عندما يعبر الابن عن شعوره بالملل أو يصرخ ليعبر عن ضجره واستيائه ليلفت انتباه من حوله ويطلب الاهتمام.
غالبًا يشعر الآباء والأمهات بتأنيب الضمير فيبحثون عن الأنشطة التي تساعد أبناءهم على الترفيه خوفاً من ذلك الشعور ومنعاً لأي إزعاج وفوضى تحدث في المنزل، ولا يمكن أن ننسى الخيار السهل الذي يستسلم له الجميع وهو الشاشات فيقضي الأبناء معظم وقتهم أمامها بمختلف أنواعها «تلفاز – هاتف – آيباد» فيتحول الابن من مبدع منتج إلى متلقٍ سلبي لا يضيف لنفسه ولا لحياته أية أفكار جديدة.
كل ذلك بسبب اعتقاد الكثير من الآباء أنهم يقومون بواجبهم تجاه أبنائهم كونهم يخططون لهم أنشطتهم فينتقل الابن بشكل متواصل بين الأنشطة والشاشات دون أن يحصل على وقت فراغ بلا رأي ولا رغبة يظهرها فيما يفعل، لكنهم في المقابل ودون قصد جعلوا من ابنهم كالروبوت الذي يعمل وفق نظام معين وبذلك لم يستفد الابن المهارات الحياتية اللازمة مثل مهارة تحمل المسؤولية تجاه وقته أو مهارة الاختيار واتخاذ القرار تجاه ما يريد في الحياة فينعكس سلباً على شخصيته مستقبلاً.
تحدثت الكثير من الدراسات عن أهمية الشعور بالملل للابن مما سيولد لديه مساحته الخاصة للإبداع والابتكار، فكلما شعر بالملل تعرف إلى مواهبه وميوله وكسر دائرة الروتين وحصل على الفوائد الكثيرة التي تعود على دافعيته واتساع مخيلته فتنمو لديه الكثير من القدرات والمهارات. السؤال بعد كل ما سبق.. هل أترك أبنائي دون توجيه أو متابعة بحجة أن الملل مفيد؟ طبعاً لا وهنا نؤكد على أهم قاعدة في التربية وهي الوسطية والاعتدال في كل ما نقوم به مع أبنائنا.
نعم للتخطيط والمشاركة في الأنشطة الخارجية، ونعم للفراغ والملل بشرط ألا تطغى أي كفة منهما على الأخرى. فالانشغال الدائم طوال الوقت مرهقٌ جداً على عكس الفراغ المنظم الذي يجد الابن من خلاله مساحةً خاصة للتفكير خارج الصندوق.
من الضروري جداً قبل توجيه الابن ليتحمل مسؤولية شعوره بالملل لابد أن نقوم بدورنا كما يجب من خلال توفير البيئة الآمنة التي يمارس الابن فيها أنشطته ويطلق العنان لخياله فلابد أن يكون البيت منظماً وآمناً مع الحرص على إبعاد كل ما هو خطر على حياته، أيضاً لابد من منح الابن الحرية التي تتناسب مع عمره باستعمال أدوات المنزل وفتح الأدراج ليبتكر كل ما هو مفيد له مع توفير كل ما يحتاجه من أدوات خاصة به مثل الأوراق والألوان وغيرها من مستلزمات، هنا نستطيع أن نقول له اذهب وتصرف وأبدع بكل ضمير مرتاح وقلب مطمئن.
همسة أس
إذا رأيت ابنك شارد الفكر سارحاً بمخيلته لا تقطع عليه حبل أفكاره اتركه ينتهي ثم ابدأ حواراً إيجابياً يعزز علاقتكم الأسرية ويفتح آفاقاً جديدة للتواصل في المستقبل فتكسب ابنك وتبقيه بقربك.