د. أحمد حسين
في ظل الحاجة الماسة لدى الأفراد لاتخاذ قرارات صحية سليمة ومتوائمة مع احتياجاتهم سواء في حال الوقاية من المرض أو عند تلقي العلاج، نجد أهمية تسليط الضوء نحو مفهوم التنوير الصحي والذي هو بمثابة أحد أهم الأركان في النظام الصحي للمؤسسات المقدمة للرعاية الصحية وكذلك في النظام الثقافي لدى الأفراد بشكل عام. التنوير الصحي يرتكز على مقدرة الفرد على قراءة وإدراك والتفاعل مع المعلومات المتعلقة بالجوانب الصحية بتعدد أوجهها من وقائية، علاجية، تشخيصية أو تأهيلية وما لذلك من أثر مباشر في عملية اتخاذ القرارات أو انتهاج سلوكيات معينة. عندما تكون مستويات التنور الصحي عالية فإن المردود المتوقع هو التعامل بعقلانية مع المواقف التي تتطلب انتباهاً ووعياً جيداً من قبل الفرد المعني بصحته. على سبيل المثال، عند إصابة الفرد بأعراض لاضطرابات نفسية واستشعار أهمية مراجعة ذوي الاختصاص وذلك نابع من وعي وإدراك داخلي ومن ثم التوجه نحو تلقي التشخيص والعلاج بشكل مبكر، فإن المردود الإيجابي هو تفادي الدخول في مراحل حرجة من المرض والسيطرة بشكل أيسر على الاضطراب إضافة إلى الحد من تكاليف العلاج التي تتضاعف مع مضاعفات المرض عند التأخر. والعكس تماماً عند تدني مستوى التنور الصحي فإن الفرد قد يتلكأ للتوجه نحو تلقي الخدمة التشخيصية والعلاجية ومن ثم الدخول في نفق تراكمات آثار المرض وما قد يترتب عليه من حاجة لرعاية صحية ذات حجم أكبر وبالتالي يليه كلفة باهظة مقارنة مع السيناريو الأول، بل إن الوضع قد يتثاقل على عاتقه تكاليف اجتماعية ووظيفية منها العزلة الاجتماعية وتدني الاستجابة للمسؤوليات الاجتماعية أو التغيب عن العمل ومن ثم تقلص الإنتاجية. لا يقتصر مفهوم التنوير الصحي فقط على إدراك ماهية الاستجابة عند حصول أعراض مرض ما، بل إن هذا المفهوم متعدد الأوجه فهو يشمل أيضاً مهارات التواصل مع المختصين الصحيين وطريقة طرح الأسئلة والاستفسارات والتفاعل مع النصائح والإرشادات المعطاة، لذا يمثل التنور الصحي عاملاً أساسياً لنجاح العلاج وتقليل احتمالية مخاطر حدوث الأخطاء أو المضاعفات الصحية. ولا يقتصر أيضاً مفهوم التنور الصحي على إمكانات الفرد للتعامل مع المرض بل إنه يشمل المعرفة والإلمام الجيد نحو طرق تبني أسلوب الحياة الصحي وتجنب العادات الضارة بالصحة بمختلف أنواعها، وهو ما يتطلب تنويراً صحياً يعزز من ثقة الفرد على المحافظة من مستويات مرتفعة من العافية الجسمانية والنفسية. مع التأكيد أن الفكرة الأساسية لا تتقيد فقط بالقدرة على البقاء أصحاء بل كذلك على نوعية التعايش والتأقلم مع تحديات الأمراض المزمنة أو الإعاقة، على سبيل المثال، المصابون بمرض السكر هم بحاجة بالتمتع على قدر عالٍ من الكفاءة في كيفية إدارة مرض السكري والتحكم في السكر ومراقبته واتباع أنظمة غذائية ورياضية متناسبة مع احتياجاتهم الصحية.
لذا كيف يمكن لأفراد المجتمع تنمية الثقافة الصحية لديهم؟ توجد العديد من الاستراتيجيات التي يمكن انتهاجها للارتقاء بنوعية التنوير الصحي، من ذلك الحرص على قراءة محتوى مجلات أو نشرات التثقيف الطبي، ومشاهدة البرامج الصحية التلفزيونية أو الإذاعية التي يتضمن بعضها حوارات مباشرة مع الاستشاريين والمختصين بالمجالات الطبية، كما من المهم متابعة مواقع التواصل الاجتماعي للجهات الصحية الرسمية الموثوقة منها الخاصة بالمؤسسات الصحية الوطنية وكذلك للمنظمات الأهلية المتخصصة في مجالات الصحة والتوعية الصحية، منها التي توجهت لتبني طرق مبتكرة لعرض المعلومات الصحية خصوصاً من خلال البث المباشر أو عروض الإنفوجرافيك، وإطلاق الأوسمة "لنشر الوعي الصحي" أو مجابهة المغالطات والإشاعات المؤثرة سلباً على سلوكيات الأفراد الصحية. ومن جانب آخر، فإنه بالإمكان الاستفادة من برامج التنوير الصحي التي تقدمها المؤسسة الصحية وخصوصاً أن بعض الجهات الصحية المواكبة للتطور شكلت فريقاً خاصاً، بتدريب احترافي، للتواصل مع المرضى يمتاز بالقدرة على التعامل والاستجابة لاحتياجات الرعاية للأفراد. كما من المهم الرجوع لذوي الاختصاص عند الحاجة للاستشارة أو التوضيحات بما يتعلق بالعلاج أو تطور الحالة المرضية، إضافة للاطلاع على مواد ومطويات التثقيف التي تقدمها المؤسسة الصحية. وختاماً نستخلص بأن التنوير الصحي هو مزيج من المعرفة والمهارة والثقة ينبغي الحرص على تعزيزها من أجل صحة أفضل للجميع.
* الأمين المالي - جمعية أصدقاء الصحة
في ظل الحاجة الماسة لدى الأفراد لاتخاذ قرارات صحية سليمة ومتوائمة مع احتياجاتهم سواء في حال الوقاية من المرض أو عند تلقي العلاج، نجد أهمية تسليط الضوء نحو مفهوم التنوير الصحي والذي هو بمثابة أحد أهم الأركان في النظام الصحي للمؤسسات المقدمة للرعاية الصحية وكذلك في النظام الثقافي لدى الأفراد بشكل عام. التنوير الصحي يرتكز على مقدرة الفرد على قراءة وإدراك والتفاعل مع المعلومات المتعلقة بالجوانب الصحية بتعدد أوجهها من وقائية، علاجية، تشخيصية أو تأهيلية وما لذلك من أثر مباشر في عملية اتخاذ القرارات أو انتهاج سلوكيات معينة. عندما تكون مستويات التنور الصحي عالية فإن المردود المتوقع هو التعامل بعقلانية مع المواقف التي تتطلب انتباهاً ووعياً جيداً من قبل الفرد المعني بصحته. على سبيل المثال، عند إصابة الفرد بأعراض لاضطرابات نفسية واستشعار أهمية مراجعة ذوي الاختصاص وذلك نابع من وعي وإدراك داخلي ومن ثم التوجه نحو تلقي التشخيص والعلاج بشكل مبكر، فإن المردود الإيجابي هو تفادي الدخول في مراحل حرجة من المرض والسيطرة بشكل أيسر على الاضطراب إضافة إلى الحد من تكاليف العلاج التي تتضاعف مع مضاعفات المرض عند التأخر. والعكس تماماً عند تدني مستوى التنور الصحي فإن الفرد قد يتلكأ للتوجه نحو تلقي الخدمة التشخيصية والعلاجية ومن ثم الدخول في نفق تراكمات آثار المرض وما قد يترتب عليه من حاجة لرعاية صحية ذات حجم أكبر وبالتالي يليه كلفة باهظة مقارنة مع السيناريو الأول، بل إن الوضع قد يتثاقل على عاتقه تكاليف اجتماعية ووظيفية منها العزلة الاجتماعية وتدني الاستجابة للمسؤوليات الاجتماعية أو التغيب عن العمل ومن ثم تقلص الإنتاجية. لا يقتصر مفهوم التنوير الصحي فقط على إدراك ماهية الاستجابة عند حصول أعراض مرض ما، بل إن هذا المفهوم متعدد الأوجه فهو يشمل أيضاً مهارات التواصل مع المختصين الصحيين وطريقة طرح الأسئلة والاستفسارات والتفاعل مع النصائح والإرشادات المعطاة، لذا يمثل التنور الصحي عاملاً أساسياً لنجاح العلاج وتقليل احتمالية مخاطر حدوث الأخطاء أو المضاعفات الصحية. ولا يقتصر أيضاً مفهوم التنور الصحي على إمكانات الفرد للتعامل مع المرض بل إنه يشمل المعرفة والإلمام الجيد نحو طرق تبني أسلوب الحياة الصحي وتجنب العادات الضارة بالصحة بمختلف أنواعها، وهو ما يتطلب تنويراً صحياً يعزز من ثقة الفرد على المحافظة من مستويات مرتفعة من العافية الجسمانية والنفسية. مع التأكيد أن الفكرة الأساسية لا تتقيد فقط بالقدرة على البقاء أصحاء بل كذلك على نوعية التعايش والتأقلم مع تحديات الأمراض المزمنة أو الإعاقة، على سبيل المثال، المصابون بمرض السكر هم بحاجة بالتمتع على قدر عالٍ من الكفاءة في كيفية إدارة مرض السكري والتحكم في السكر ومراقبته واتباع أنظمة غذائية ورياضية متناسبة مع احتياجاتهم الصحية.
لذا كيف يمكن لأفراد المجتمع تنمية الثقافة الصحية لديهم؟ توجد العديد من الاستراتيجيات التي يمكن انتهاجها للارتقاء بنوعية التنوير الصحي، من ذلك الحرص على قراءة محتوى مجلات أو نشرات التثقيف الطبي، ومشاهدة البرامج الصحية التلفزيونية أو الإذاعية التي يتضمن بعضها حوارات مباشرة مع الاستشاريين والمختصين بالمجالات الطبية، كما من المهم متابعة مواقع التواصل الاجتماعي للجهات الصحية الرسمية الموثوقة منها الخاصة بالمؤسسات الصحية الوطنية وكذلك للمنظمات الأهلية المتخصصة في مجالات الصحة والتوعية الصحية، منها التي توجهت لتبني طرق مبتكرة لعرض المعلومات الصحية خصوصاً من خلال البث المباشر أو عروض الإنفوجرافيك، وإطلاق الأوسمة "لنشر الوعي الصحي" أو مجابهة المغالطات والإشاعات المؤثرة سلباً على سلوكيات الأفراد الصحية. ومن جانب آخر، فإنه بالإمكان الاستفادة من برامج التنوير الصحي التي تقدمها المؤسسة الصحية وخصوصاً أن بعض الجهات الصحية المواكبة للتطور شكلت فريقاً خاصاً، بتدريب احترافي، للتواصل مع المرضى يمتاز بالقدرة على التعامل والاستجابة لاحتياجات الرعاية للأفراد. كما من المهم الرجوع لذوي الاختصاص عند الحاجة للاستشارة أو التوضيحات بما يتعلق بالعلاج أو تطور الحالة المرضية، إضافة للاطلاع على مواد ومطويات التثقيف التي تقدمها المؤسسة الصحية. وختاماً نستخلص بأن التنوير الصحي هو مزيج من المعرفة والمهارة والثقة ينبغي الحرص على تعزيزها من أجل صحة أفضل للجميع.
* الأمين المالي - جمعية أصدقاء الصحة