الحرة

أثارت حملة تبرعات لدعم الشرطي الذي أطلق النار على الشاب نائل جدلا واسعا بالأوساط الفرنسية، بعد أن استطاع مطلقوها جمع أكثر من 1.5 مليون دولار، من أكثر من 44 ألف متبرع.

وبعد مقتل المراهق ذي الأصول الجزائرية، أطلق السياسي اليميني ذي الأصول المصرية، جون مسيحة، المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين، حملة على منصة "Gofundme"، قال إنها تهدف إلى دعم عائلة الشرطي الذي "يدفع الثمن باهظا اليوم، بعد أن قام بعمله".

واستطاعت حملة دعم عائلة الشرطي، بعد أيام قليلة على إطلاقها حصد أكثر من 1.4 مليون يورو، مستفيدة من دعم عدد من رموز اليمين المتطرف بفرنسا، متجاوزة ما جمعته حملة موازية لعائلة الطفل الراحل (حوالي 300 ألف يورو).

وواجهت الحملة موجة إدانات واسعة من طرف العديد من السياسيين الفرنسيين الذين وصفها بـ"الاستفزاز الفاضح، وغير المقبول"، مطالبين السلطات بحجبها.



لقطة شاشة من صفحة جمع التبرعات لعائلة الشرطي الفرنسي



"حملة العار"

في هذا الجانب، شدد البرلماني الفرنسي، مانويل بومبار، على ضرورة إنهاء هذه الحملة، مشيرا في حديثه على تلفزيون "فرانس تي في"، إلى أنها تحمل "إشارات ورموز ورسائل غير مقبولة تماما".

وانتقد القيادي بحزب "فرنسا غير الخاضعة"، مواقف المسؤولين الحكوميين الفرنسيين من الحملة، كاشفا أنه "مصدوم، من أن الحكومة لا تنظر إلى الموضوع وتستهين به"، ولفت إلى تصريحات للوزير أولفييه كلاين، الذي قال إن "موضوع الحملة ليس من صلاحية الحكومة".

وقالت رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، مساء الاثنين، إن "حقيقة أن شخصا قريبا من اليمين المتطرف هو الذي أطلق هذه الحملة، لا يسهم بلا شك في تحقيق التهدئة"، مضيفة أن الأمر متروك للمحاكم لتقرر مدى قانونيتها من غيره.

وبدوره، قال وزير العدل، إيريك دوبون موريتي، لـ"راديو فرانس"، الثلاثاء، إن الحملة التبرعات "لا تسهم في تعزيز التهدئة"، محذرا من استغلالها من طرف تيارات اليمين المتطرف.

ويصف بومبار مواقف السياسيين الفرنسيين بـ"الخجولة للغاية"، مذكرا بحملة سابقة لدعم الملاكم السابق كريستوف ديتينجر، الذي تم تصويره وهو يعتدي على رجلي أمن عام 2019، وتدخل الحكومة حينها لإيقاف الحملة، معتبرة الأمر "تواطؤ في العنف".

من جهته، يقول النائب عن الحزب الاشتراكي، أوليفيي فور، في تغريدة موجهة للمشرفين على منصة "Gofundme"، أنتم تحتضون "حملة العار"، من خلال المشاركة في دعم ضابط شرطة متهم بالقتل العمد.. أغلقوا (الحملة)".

وعبرت جدة المراهق المقتول، عن "صدمتها" من حجم التبرعات التي جمعتها حملة دعم رجل الأمن، غير أنها قالت إنها "تؤمن بالعدالة وبأن الشرطي سيعاقب مثل أي شخص آخر"، حسبما نقله "بي إف إم تي في".

ويظهر على منصة "Gofundme" أن حملة جمع التبرعات، كانت تهدف في البداية إلى جمع 50 ألف يورو فقط، إلا أنها تجاوزت المبلغ بأضعاف، في فترة زمنية قياسية.

وفي مواجهة الانتقادات الواسعة، كشف المتحدث باسم المنصة أن الحملة تتوافق مع شروط الاستخدام التي تضعها، مشيرا في تصريحات لصحيفة "لوفيغارو"، أن الأموال ستدفع للأسرة، وليس للشرطي الذي وجهت له تهم "القتل العمد".

اجتماع بعد أعمال الشغب

وأعقب مقتل الفتى نائل البالغ من العمر 17 عاما، برصاص شرطي أثناء تدقيق مروري، في نانتير ضواحي باريس، الثلاثاء الماضي، احتجاجات وأعمال شغب واسعة بعدد من المدن الفرنسية.

ويرتقب أن يستقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، رؤساء بلديات حوالى 220 مدينة تعرضت لأضرار جسيمة بعد أعمال الشغب، التي يبدو أن حدتها بدأت تتراجع.

وشهدت الليلة الماضية عددا محدودا من التوقيفات بلغ 72 بينهم 24 في باريس وضاحيتها القريبة، في مقابل مئات الاشخاص في أوج أعمال العنف، وفقا لفرانس برس.

وحصلت عمليات تخريب جديدة مع إحراق 24 مبنى أو تخريبها في كل أنحاء فرنسا، بحسب السلطات التي أحصت أيضا إضرام النار في 159 آلية الى جانب إشعال عشرات سلال القمامة.

من جانب آخر، سجلت أربع هجمات على مقرات للشرطة الوطنية والدرك والشرطة البلدية، بحسب وزارة الداخلية، لكن لم يصب أي من أفراد الشرطة بجروح.

واقترح ماكرون فكرة فرض غرامات مالية على أهالي الأولاد الذين يضبطون وهم يقومون بأعمال تخريب أو سرقة كجزء من رد الحكومة على أعمال الشغب.

وقال بحسب تعليقات أوردتها صحيفة "لوباريزيان"، "يجب أن نجد وسيلة لمعاقبة العائلات ماليا، وبشكل سهل".

وحُشد حوالى 45 ألف من عناصر الشرطة والدرك مساء الاثنين، للليلة الثالثة على التوالي، في محاولة لوقف العنف الذي بلغ ذروته الأحد مع هجوم بسيارة على منزل رئيس بلدية لاي-لي-روز فنسان جانبران في ضاحية باريس الجنوبية حيث اضطرت عائلته إلى الفرار.

ومن خلال التشاور مع المسؤولين البلديين المنتخبين، يريد الرئيس ماكرون "بدء عمل دقيق وطويل الأمد لفهم الأسباب التي أدت إلى هذه الأحداث بعمق" بحسب ما أعلن مكتبه.