RT
تواجه أوروبا موجة حر قاتلة يطلق عليها اسم سيربيروس، حيث سجل العديد من المدن حرارة قياسية تتجاوز 40 درجة مئوية.
وأصدر العديد من المدن في جميع أنحاء أوروبا تحذيرات حمراء بسبب درجات الحرارة "التي لا تطاق" والتي من المقرر أن تزداد حدتها.
ومن المتوقع أن تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية في أجزاء من إسبانيا وفرنسا واليونان وكرواتيا وتركيا، في حين قد تشهد إيطاليا درجات حرارة تصل إلى 48.8 درجة مئوية.
ولكن ما الذي يسبب هذه الموجة الحارة عبر القارة؟
وفقا لتقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أوضح الخبراء أن درجات الحرارة الحارقة مدفوعة بثلاثة عوامل رئيسية: النينو (El Niño)، ونظام الضغط العالي الثابت الذي يُعرف أيضا باسم الإعصار العكسي، وتغير المناخ.
وقالت الدكتورة ميليسا لازنبي، المحاضرة في تغير المناخ في جامعة ساسكس: "أوروبا لا تتأثر بشكل خاص بأحداث النينيو بشكل مباشر، لذلك من المحتمل أن يكون نظام الضغط العالي وتغير المناخ هما المساهمين الرئيسيين في حدث الموجة الحارة هذا".
وتجتاح موجة الحر حاليا أجزاء من جنوب أوروبا وشمال غرب إفريقيا.
وتشهد أثينا ومدريد من بين العديد من المدن الآخرى درجات حرارة أعلى من 30 درجة مئوية، بلغت ذروتها عند 37 درجة مئوية في العاصمة اليونانية و35 درجة مئوية في المدينة الإسبانية.
وأصدر مسؤولو الصحة أيضا تنبيهات لعشر مدن رئيسية في إيطاليا، بما في ذلك فلورنسا وروما.
وتتوقع الأرصاد الجوية أن ترتفع درجات الحرارة في هذه المناطق إلى أكثر من 40 درجة مئوية يوم الثلاثاء المقبل. لكن جزر سردينيا وصقلية الإيطالية ستتحمل العبء الأكبر من هذه الحرارة، حيث تدعي شبكة "بي بي سي" أن درجات الحرارة ستصل إلى 48.8 درجة مئوية.
وتشير تحذيرات إيطاليا إلى أن درجة الحرارة شديدة لدرجة أن مدنا بأكملها يجب أن تتوخى الحذر وليس فقط الفئات الضعيفة.
وأطلق اسم سيربيروس على موجة الحر هذه نسبة إلى اسم الوحش ذي الرؤوس الثلاثة في الأساطير اليونانية والرومانية، والذي يحرس "باب العالم السفلي"، أو مثوى الأموات، ويتألف شعر عنقه أو ذيله من الأفاعي.
وأوضحت الدكتورة لازنبي أنه يتم دفع هذا الحدث إلى حد كبير بواسطة نظام الضغط العالي المعروف باسم الإعصار العكسي، مضيفة: "ليس من الممكن تحديد جميع الدوافع ومساهماتها الدقيقة في موجة الحر الحالية في أوروبا، فقط دراسة الإسناد الكاملة بعد الحدث ستوضح الدوافع الدقيقة ونسبة تأثيرها على الحدث".
ويشير الخبراء إلى أن تغير المناخ هو بلا شك "محرك حاسم" وراء الموجة الحارة في أوروبا.
وتقول الدكتورة ليزلي مابون، المحاضرة في النظم البيئية في الجامعة المفتوحة: "لا يساورنا أدنى شك على الإطلاق في أن الدافع الأساسي وراء هذا الاتجاه الاحتراري هو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من حرق الوقود الأحفوري. إلى أن نخفض الانبعاثات من الوقود الأحفوري بسرعة، فإن الظواهر المتطرفة مثل موجة الحر التي نشهدها في أوروبا في الوقت الحالي ستزداد احتمالية".
كما أشارت خدمة مراقبة المناخ في أوروبا (Copernicus)، إلى أن سحابة غبار صحراوية كبيرة تتجه نحو جنوب أوروبا.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يساهم هذا في موجة الحر، وفقا للدكتورة كلوي بريميكومب، عالمة المناخ وباحثة الحرارة الشديدة في جامعة غراتس، والتي تقول إن "الغبار الصحراوي يمثل تحديا صحيا محتملا لجنوب أوروبا - زيادة محتوى الغبار والتلوث".
وفي حين أن معظم أنحاء القارة شديدة الحرارة، فإن المملكة المتحدة لا تعاني من نفس درجات الحرارة المرتفعة.
وأوضحت الدكتورة لازنبي أن "هذا يرجع أساسا إلى وضع نظام الضغط العالي الحالي والذي لا يغطي المملكة المتحدة ويقع في أقصى الجنوب، ما يوفر ظروفا جوية مستقرة لزيادة الاحترار وموجات الحرارة الناتجة".
وبينما من المتوقع أن تستمر موجة سيربيروس لمدة أسبوعين تقريبا، إلا أن هذا قد لا يعني نهاية مشكلات الطقس في أوروبا.
وتحذر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن هناك احتمال أن تستمر ظاهرة النينيو حتى نهاية العام بنسبة 90%.
وقد يشير هذا إلى أن درجات الحرارة الأكثر دفئا ستستمر مرة أخرى لفترة أطول، مع اعتبار ظاهرة النينيو عاملا دافعا وراء سيربيروس.