الحرة

جريمة جديدة بحق النساء في لبنان، هذه المرة جاء الدور على الشابة، ماريا حتّي، التي سقطت بطلقة نارية، الجمعة، على يد، شبل أبو نجم، قبل أن يقدم على الانتحار.

"في موقف سيارات لأحد المطاعم في منطقة زحلة في البقاع، كان مسرح الجريمة، حيث انتظر شبل خروج من أحبها ورفضت الارتباط به، لكونه متزوج ووالد لطفلة"، بحسب ما تقوله زميلتها في التعليم في ثانوية زحلة الرسمية، منى، مضيفة في حديث لموقع "الحرة"، "لم يتقبّل قرارها، تربّص بها أمام المطعم، وعند خروجها وصعودها سيارتها اقترب منها في مركبته قبل أن يترجل ويوجه مسدسه على رأسها منهياً حياتها بطلقة نارية، ليطلق بعدها النار على نفسه، إلا أنه لم يمت على الفور، بل على سرير المستشفى التي نقل إليها".

"انتهت حياة الشابة بقرار من شخص كان يدّعي حبه لها، وبعدما رفضت هذا الحب حوّله إلى حقد قاتل، لم يبال بسرقة عمرها وضحكتها وطموحها ومستقبلها، فقد كانت شخصاً مفعماً بالنشاط والحيوية، أينما تحلّ تنشر الإيجابية وحين تغادر تترك أطيب أثر"، تقول منى قبل أن تضيف "خسرنا شابة ناجحة بكل ما للكلمة من معنى، فإضافة إلى خوضها غمار تعليم اللغة الإنكليزية، نجحت قبل عامين في افتتاح مشروعها الخاص وهو وكالة لتنظيم حفلات الأعراس".

عرف عن ابنة تعلبايا كذلك إيمانها وحبها للكنسية، فهي كما يقول زميلها في شبيبة مار الياس – تعلبايا، إيلي، ابنة الكنسية التي زرعت المحبة والفرح في قلوب الجميع، ويضيف في حديث لموقع "الحرة" "كانت إنسانة اجتماعية، تشارك في كل النشاطات التي تنظمها الشبيبة".

مهّد شبل لجريمته بحسب إيلي "فقد سبق أن هددها بالقتل، ليبدأ قبل عشرة أيام بملاحقتها، واليوم نفّذ وعيده وأنهى حياتها"، كل ذلك لأنها رفضت كما تقول منى أن "تكرر فشل تجربة زواج سابقة، إذ قبل عشر سنوات ارتبطت برجل لمدة أيام، وبعد أن نصب عليها انفصل عنها بحجة اضطراره للهرب خارج البلاد بسبب الدين المترتب عليه، لتغرق هي بالديون وتبدأ العمل من أجل سدادها".

مع ماريا وصل عدد النساء اللواتي قتلن لغاية تاريخه من العام 2023 إلى 12 ضحية، إضافة إلى "6 محاولات قتل و7 حالات انتحار" بحسب ما ذكرت منظمة كفى في صفحتها عبر "فايسبوك" وسبق أن رصدت حوالي 18 جريمة قتل نتيجة عنف الأزواج، العام الماضي.





الجاني سبق أن هدد الضحية بالقتل



جريمة ثلاثية

ثلاث ضحايا سقطن بطلقة شبل النارية، الأولى كما تقول مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية، لانا قصقص، "هي ماريا التي ادعى حبها، أما الثانية والثالثة فزوجته وطفلته" وتشرح في حديث لموقع "الحرة" أنه "يقف خلف جرائم قتل النساء في لبنان منظومة فكرية ومجتمعية تستبيح السيطرة عليهن وتعنيفهن وقتلهن معتبرة إياهن كائناً أضعف من الرجل، وضمن هذا الإطار تقع عبارة (ومن الحب ما قتل) التي أوجدها المجتمع لتبرير مثل هذه الجرائم وإن كانت حقيقتها وخلفيتها عدم تقبّل المجرم رفض ضحيته الخضوع لسيطرته وحكمه".

كما تشدد قصقص على أن "العنف ثقافة عامة يبرمج عليها الذكور منذ الصغر، وتمنحهم حق استباحة الطرف الآخر، ما يجعل النساء يعشن في مجتمع أشبه بقنبلة موقوتة قد تسقط ضحيتها في أي لحظة امرأة جديدة أياً تكن قدراتها الفكرية ومستواها الاجتماعي والاقتصادي".

لا يمكن وضع حد للخطر الداهم الذي يهدد حياة نساء لبنان إلا كما تقول قصقص "من خلال عدم تسامح المجتمع مع المجرم وتقديم الأعذار والتبريرات والحجج الواهية، وإنزال أشد العقوبات القانونية بحقه بعيداً عن التدخلات السياسية والاجتماعية والدينية".

"تتساقط النساء والفتيات واحدة تلو الأخرى"، بحسب ما ذكرته منظمة "كفى" في منشور شارحة "تارة عبر إطلاق النار عليهن وهن نائمات على فراشهن وتارة عبر سقوطهن من على الشرفات أو أسطح البيوت وطوراً عبر قتلهن في الشوارع. تتعدد الأشكال والقتل واحد والقاتل هو الذكوري المتسلط الذي يسمح لنفسه التحكّم بحيوات النساء وفق التقاليد البالية والحقوق الممنوحة له في قوانين الأحوال الشخصية".

وتساءلت "كفى" "ألم يحن الوقت بعد لوعي حول خطورة ما يحصل من قبل الأجهزة والسلطات المختصة؟ ألم يحن الوقت لتسريع محاكمة القتلة وإنزال العقوبات القاسية في محاولة لوقف مسلسل القتل هذا؟ ألم يحن الوقت لوقف التبريرات الذكورية لجرائم قتل النساء؟ ألم يحن الوقت لكف سلطة الرجال المطلقة على النساء داخل الأسرة المكرسة بالأحوال الشخصية الطائفية الذكورية؟