سكاي نيوز عربية
مع تواصل أزمة العشوائيات في أطراف المدن العراقية، وما تنطوي عليه من تحديات إنسانية واجتماعية وأمنية وصحية كبرى، أطلقت وزارة التخطيط، نتائج تحديث مسح تثبيت مواقع تجمعات السكن العشوائي في البلاد.
أبرز النتائج:
محافظة بغداد الأعلى من ناحية التجمعات العشوائية بأكثر من 1000 تجمع سكاني، والتي تشكل نسبة 23% من مجموعها في العراق والبالغة 4679 تجمعا.
تليها محافظة البصرة بواقع 715 تجمعا، ومحافظة النجف والبالغة عددها فيها 89 تجمعا عشوائيا، ثم محافظة المثنى.
عدد سكان هذه التجمعات العشوائية في العراق يقارب 3 ملايين و725 ألف نسمة، وتقع النسبة الأكبر منهم في محافظة بغداد بواقع 846 ألف نسمة.
وقال وكيل وزارة التخطيط للشؤون الفنية ماهر جوهان، في كلمة له خلال حفل الإطلاق إن "ظاهرة السكن العشوائي من الظواهر التي انتشرت بشكل واسع في العراق بعد عام 2003، تنذر بمخاطر كبيرة على المستوى المعاشي والصحي، وتشكل بؤرة للفقر وانتشار الأمراض".
مؤكدا أن "الحكومة سعت لإيجاد الحلول التي تضمن السكن اللائق لقاطني هذه العشوائيات مع ضمان عدم المساس بالمخططات العمرانية والتصاميم الأساسية للمدن".
ومضيفا أن "هذا المسح ومخرجاته والنتائج المترتبة عليه من معالجات، تعد جزءا من التزامات الحكومة في توفير السكن اللائق لجميع المواطنين وتوفير الخدمات لهم".
أرقام صادمة
ويحذر مراقبون من أن هذه الأرقام المفزعة حول عدد مناطق السكن العشوائية البالغ نحو 5 آلاف تجمع، يسكنه قرابة 4 ملايين نسمة، تشكل ناقوس خطر يستدعي إقرار معالجات جذرية وعاجلة لهذا الملف النازف.
عوامل التشكل وسبل الحل
يقول الكاتب والباحث العراقي علي البيدر، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية:
أبرز عوامل نشوء هذا الكم الكبير من العشوائيات هو ضعف الدولة عقب 2003، وتفشي الفقر والبطالة والفساد والهجرات من الريف للمدينة، علاوة على غياب التخطيط من قبل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
ومع الأسف هي تمثل عامة مسرحا للجريمة وغياب القانون وتجارة المخدرات والممنوعات، حيث لا يمكن السيطرة عليها دون معالجات شاملة.
ولهذا يمكن للعراق الاستفادة من التجارب الدولية في معالجة ملف العشوائيات، كما الحال مثلا في البرازيل وذلك عبر تشييد مدن عصرية جديدة ومتكاملة لاستيعاب سكان العشوائيات.
المهم الآن هو وقف توسع العشوائيات أكثر والذهاب حتى لسن قوانين لمعالجة هذا الملف، وتوزيع قطع أراضي وسلف بناء لسكانها، لتعويضهم ومساعدتهم على شق طريقهم.
من جهته، يقول مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية:
واحدة من أخطر نتائج سوء التخطيط والفساد والفوضى في تلبية متطلبات واستحقاقات النمو السكاني هي انتشار المدن العشوائية في العراق، في ظل غياب الرقابة حول معايير السكن اللائق، ما شجع الناس وخاصة من الوافدين للمدن من الأرياف على الإقبال على السكن العشوائي، والذي يضم أكثر من 10 بالمئة من سكان العراق بواقع نحو 4 ملايين نسمة، موزعين في بغداد وكركوك والبصرة والنجف وغيرها.
هذه العشوائيات لا تليق بالسكن وهي لا توفر الخدمات والشروط الصحية والأمنية والإنسانية الواجبة لعيش الإنسان، وبالتالي تتفشى فيها ظواهر الفقر والبؤس والبطالة والجريمة، وهو ما يشكل تهديدا لأمن وسلامة كبريات المدن العراقية واستقرارها الاجتماعي.
مع الأسف فالحكومات المتعاقبة لم تعالج هذه الأزمة المزمنة الآخذة في الاستفحال، رغم وجود بعض المشاريع هنا وهناك لبناء مدن تستوعب سكان العشوائيات، لكنها بسبب الفساد والروتين والإهمال علقت أو ألغيت.
المفارقة أن يعيش ملايين في عشوائيات ومدن صفيح في بلد ثري يمتلك ثروات طبيعية طائلة تتجاوز قيمتها 20 تريليون دولار، ودخله السنوي من النفط فقط يربو على 100 مليار دولار، حيث لو توفر التخطيط العلمي والجدي لأمكن إخراج هؤلاء الناس من بؤر التخلف والظلم والفاقة هذه.