العين الإخبارية

تعكف سلطنة عمان على تطوير وتنفيذ خطة طموحة لتحول الطاقة وإزالة الكربون تزيد حجم استثماراتها على 190 مليار دولار بحلول عام 2050.

ترتكز الخطة على تنفيذ مشاريع كبيرة في مجال الهيدروجين بطموحات إنتاج تربو على مليون طن بحلول عام 2030 ، ومن المؤمّل أن تصل إلى أكثر من 8 ملايين طن من الهيدروجين بحلول عام 2050.

كما تشمل هذه الخطة إنتاج ما يربو على 16 غيغا وات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 ومن المؤمّل أن تصل إلى أكثر من 180 غيغا وات بحلول عام 2050.

علاوةً على ذلك، تشمل خطة التحول وإزالة الكربون التي كشفت عنها السلطنة العام الماضي في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (كوب 27) بمدينة شرم الشيخ المصرية تنفيذ مشاريع احتجاز ونقل واستخدام أو تخزين الكربون، إضافة إلى تعزيز كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات.

الحياد الصفري للانبعاثات

تبلغ نسبة الانبعاثات الكربونية في سلطنة عُمان حاليًّا، حسب الأرقام الرسمية، 90 مليون طن مُكافئ ثاني أكسيد الكربون، وفي هذا الجانب تعمل السلطنة على خطة الانتقال المنظم للوصول إلى مرحلة الحياد الصفري الكربوني بحلول العام 2050.

وأعلنت في شهر أكتوبر الماضي تحديد عام 2050 هدفًا لتحقيق الحياد الصفري لانبعاثات الغازات الدفيئة في مجمل القطاعات التنموية.

وباشرت السلطنة الخطة بالبدء في سلسلة من ورش العمل التفصيلية واللقاءات بين أصحاب المصلحة على المستوى الوطني سعياً لإعداد خارطة طريق تتضمن مشاريع محددة لخفض الانبعاثات على مستوى كل القطاعات.

وتوشك عمان على الانتهاء من إعداد سياسة وطنية لتحول الطاقة تركز على وضع الاطار العام والسياسات والضوابط المتعلقة لتيسير وتسريع التحول في قطاعات الهيدروجين والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة واحتجاز ونقل واستخدام او تخزين الكربون .

استثمارات تتجاوز 20 مليار دولار في الهيدروجين الأخضر

ولا تزال السلطنة تقود خططا طموحة ومرنة غبر التعاون والشراكات الإقليمية والدولية لتعزيز جوانب تحول الطاقة وتوفير الطاقة النظيفة والمنتجات منخفضة الكربون الى جانب التعاون في مجالات شهادات الكربون والحلول الطبيعية لامتصاص الكربون وتطوير أنظمة الرصد والإنذار المبكر من المخاطر الطبيعية.

ويؤكد الدكتور عبد الله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة على أنّ فرص الطاقة المتجدّدة في سلطنة عُمان عالية وواعدة جدًّا، خاصةً مع توافر الطاقة الخضراء النظيفة التي تعدُّ محركًا ضخمًا للكثير من القطاعات.

وقال العمري خلال استضافته في برنامج "مع الشباب" بتلفزيون سلطنة عُمان إنّ البيئة أصبحت جزءًا من المستهدفات لمختلف القطاعات مثل الإعلام والتعليم والثقافة والصناعة والتجارة.

وأشار إلى أنّ محور البيئة المستدامة من محاور رؤية عُمان 2040 الرئيسة، وهناك أولوية البيئة والموارد الطبيعية التي تتضمن سبعة أهداف تُغطي جوانب القطاعات البيئية.

تعزيز الاستجابة لتغير المناخ

كغيرها من دول العالم شرقا وغربا خاصة منطقة الشرق الأوسط وما تتعرض له من تداعيات التغير المناخي في صورة عواصف ترابية وجفاف وتصحر وقلة هطول الأمطار تولي سلطنة عمان جوانب التكيف مع آثار التغيرات المناخية أهميةً كبيرة.

وتواجه السلطنة خاصة الأعوام الأخيرة ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة خلال أشهر الصيف وزيادة حِدّة الأعاصير والحالات الجوية التي سببت الكثير من الخسائر والأضرار المادية والبشرية والتي تربو على مليارات الدولارات كل عام.

وللحد من الأضرار الفادحة التي لحقت بالبِنى الأساسية بسبب هذه التغيرات ، بادرت سلطنة عمان بضخ مليارات الدولارات لإنشاء نظم حديثة للإنذار المبكر وبناء منظومة متكاملة من سدود التخزين والحماية وتحسين التخطيط العمراني ومرافق التصريف وتعزيز البنية التحتية كالشوارع وتمديدات المياه والكهرباء والاتصالات بهدف تعزيز الاستجابة لمخاطر الأنواء المناخية والحد من الأضرار المترتبة عليها .

جهود لحماية البيئة البحرية في سلطنة عمان

وإيماناً بالدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الحلول المعتمدة على الطبيعة في خفض الانبعاثات وتحسين جهود التكيف ، بادرت سلطنة عمان في تطوير منظومة المحميات الطبيعية البريةِ والرطبةِ والبحريةِ منها، لتصل إلى حوالي 25 محمية، تنتشر فيها مختلف أنواع الحياة الفطرية إلى جانب إنشاء العديد من مراكز الإكثار لمفردات الحياة الفطرية المهددة بالانقراض.

وفي السياق ذاته، تم إطلاق الحملة الوطنية لاستزراع ملايين الأشجار البرية وأشجار المانجروف والشعاب المرجانية في مختلف أرجاء البلد إلى جانب تشجيع مختلف فئات المجتمع في زراعة الأشجار في مختلف البيئات والتجمعات الحضرية.

وتسعى السلطنة إلى دعم الجهود الإقليمية انطلاقًا من أهمية التعاون والشراكة الإقليمية والدولية للمساهمة في معالجة مجمل قضايا تغير المناخ.

وقام جهاز الاستثمار العماني مؤخرا بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة "أكوا باور" السعودية لبحث فرص الاستثمار المشترك في مشروع طاقة الرياح المتجددة بسعة (1.1Gw) في مصر .

وعقدت السلطنة في ينايرالماضي "مؤتمر عُمان للاستدامة البيئية 2023" - آثار الأتربة والغبار في دول المنطقة وتأثيرها على جودة الهواء وإمكانية وضع الحلول المناسبة للحد من تأثيرها على مؤشر الأداء البيئي لسلطنة عُمان.

وخلال المؤتمر أكد المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا سامي ديماسي أهمية الشراكة بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة وهيئة البيئة في سلطنة عُمان في إعداد الاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية، مشيرًا إلى أن السلطنة حققت خلال الفترة الماضية أرقامًا إيجابية في مستوى مؤشر الأداء البيئي.

وقال الدكتور عبد الله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة في سلطنة عمان إن بلاده من الدول الأوائل في المنطقة التي أنشأت مرادم هندسية متقدمة، وتعمل الهيئة حاليًّا على السياسة الوطنية لإدارة النفايات عبر تحويل بعض التحديات في هذا القطاع إلى فرص.

وأوضح أن الهيئة تعمل مع العديد من الجهات والمؤسسات على عدد من المبادرات والمشروعات في المجال البيئي تستهدف رفع الوعي والتثقيف بهدف ضمان وجود سلوك إيجابي مُستدام.

أبرز مشاريع الطاقة الخضراء

ترتكز أهداف السلطنة المناخية في مجملها على جوانب مهمة منها نُظم بيئية متزنة ومرنة، وبيئات ذات جودة عالية وخالية من التلوث، وأمن غذائي ومائي مستدام يستفيد من التقنيات الحديثة، والاقتصاد الأخضر والدائري.

ويعد اعتماد عام 2050 للوصول للحياد الصفري الكربوني خطوة رائدة تضع السلطنة في مرحلة متقدمة في التصنيف البيئي العالمي.

وتؤكد التصريحات الرسمية الصادرة عن المسؤولين في مجال الطاقة في عمان وجود المقومات الطبيعية التي تمثّل فرصًا استثمارية واقتصادية كثيرة وواعدة خاصة في مجال الطاقة النظيفة.

وفي يونيو الماضي وباستثمارات تتجاوز 20 مليار دولار، تم التوقيع في سلطنة عمان على 3 اتفاقيات لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر.

ووقّعت شركة هيدروجين عُمان "هايدروم” -إحدى الشركات التابعة لشركة تنمية طاقة عُمان- بمسقط على 3 اتفاقيات لتطوير مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في محافظة الوسطى، مع كلٍ من تحالفي "آمنة” و”عُمان للطاقة الخضراء” وشركة بي بي عُمان، بحجم استثمارات يبلغ أكثر من 20 مليار دولار أمريكي.

ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الإنتاج لهذه المشروعات الثلاثة نحو نصف مليون طن متري من الهيدروجين الأخضر بما يكافئ 12 غيغاواط من سعة الطاقة المتجدّدة على مساحات إجمالية تصل إلى 320 كيلومترًا مربعًا لكل مشروع.

وتســعى ســلطنة عُمــان إلــى أن نكــون مركــزا عالميــا لإنتــاج الهيدروجيــن الأخضــر، اعتمــادا علــى وجــود المقومــات الرئيســية لإنتاجه والمتمثلــة فــي الطاقــة الشمســية وطاقة الريــاح والأراضي الممتــدة والكــوادر البشــرية.

ويقول المهندس سالم العوفي وزير الطاقة والمعادن إن خبــرة ســلطنة عُمــان فــي إنتــاج الطاقــة وتصديرهــا وموقعهــا فــي الســواق وطــرق التجــارة العالميــة يســاهم بــأن تكــون رائــدة فــي إنتــاج الهيدروجيــن الأخضــر.