12.8 تريليون دولار قيمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية
قال نائب رئيس عمليات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في فيديكس إكسبريس طارق هنيدي إن نجاح وتنامي التحول الرقمي في جميع دول مجلس التعاون الخليجي أدى إلى حدوث تطور مستمر في جميع القطاعات وفي جميع مناحي الحياة سواء كان هذا التطور في احتياجات المستهلكين أو في التقدم التكنولوجي أو في تبدّل المشهد التنافسي. وقد أظهر «مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي 2022» الأداء المميز لجميع دول مجلس التعاون الخليجي في خمسة مؤشرات عالمية رئيسية وهي: التكنولوجيا والرعاية الصحية والخدمات الغذائية والطيران والتعليم، وكل ذلك نتيجة للتقدم الكبير في مبادرات التحول الرقمي.
وأضاف: «يجب أن يحافظ قطاع الخدمات اللوجستية في الخليج العربي على مكانته في طليعة الابتكار الرقمي والاتجاهات الحديثة في خضم هذه التغيرات السريعة التي أحدثها التقدم التكنولوجي، وذلك من أجل مساعدة الشركات على التكيف مع المتطلبات المتغيرة للقطاعات التي تبنت التحول الرقمي.
وفي هذا السياق، نقدم لكم بعضاً من أهم هذه الاتجاهات التي تشكل مستقبل قطاع الخدمات اللوجستية والتي تمكّن الشركات من المحافظة على مرونتها وقدرتها على الاستمرار».
التحول الرقمي المستمر
من المتوقع أن تصبح الخدمات اللوجستية المتصلة معياراً رئيسياً لهذا القطاع لأنها تمكّن من إدارة الشحنات في الوقت المناسب وبتكلفة اقتصادية فعالة. على سبيل المثال، تمتلك الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي خططاً طموحة لتحويل الأسس التي بنت عليها اقتصادياتها ولتعزيز الاستدامة والاستفادة من موقعها الاستراتيجي باعتبارها تمثل مركزاً تجارياً مهماً، ومن أجل تنفيذ تلك الخطط، لا بد أن يخضع قطاع الخدمات اللوجستية في المنطقة للتحديث والتحول الرقمي من خلال تضافر جميع جهود دول مجلس التعاون الخليجي. ولذلك فإن دول مجلس التعاون الخليجي لديها فرصة، من خلال تبني تقنيات متطورة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وبلوك تشين في العمليات المتعلقة بالخدمات اللوجستية، للاستحواذ على جزء كبير من السوق العالمي لقطاع النقل والخدمات اللوجستية والذي من المتوقع أن تبلغ قيمته حوالي 12.8 تريليون دولار بحلول عام 2025.
لقد أصبح استخدام البيانات يلعب دوراً مهماً في تلبية توقعات العملاء والقدرة على اتخاذ قرارات أفضل. بإمكان مزودي الخدمات اللوجستية اليوم الوصول إلى رؤية أفضل فيما يتعلق بسلاسل التوريد، وذلك من خلال الاستفادة من المعلومات التي يتم إنشاؤها بواسطة الملايين من نقاط البيانات عبر نقاط اتصال مختلفة بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتحليلات السحابة. على سبيل المثال، عندما يتم إدراج مستشعرات قوية لإنترنت الأشياء ضمن هذا المزيج، فمن الممكن أن تصل رؤية وسلامة الشحنات القيّمة والحساسة إلى مستويات جديدة كُليّاً. كما يمكن مشاركة البيانات الصادرة عن المستشعر، مثل درجة الحرارة والرطوبة والضغط والصدمات والتعرض للضوء والموقع الحالي، بشكل فوري تقريباً، مما يضمن قدراً أكبر من راحة البال، وهذا يوضح القوة التحويلية لهذه التقنيات في تشكيل ملامح مستقبل هذه القطاعات وتسهيل نجاح الأعمال.
تحول سلوك المستهلك
من المتوقع أن يحافظ المسار التصاعدي لقطاع التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي على زخمه ليبلغ 50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025. إن نمو التجارة الإلكترونية، في الواقع، ليس بالشيء الجديد، ومع ذلك، تظهر أنماط جديدة لطلبات المستهلكين، إذ يسعى المستهلكون اليوم للميل نحو ما يوفر تسهيلات وراحة أكبر. وقد أظهر استطلاع لآراء المستهلكين أجرته شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» (PWC) أن التسليم السريع والموثوق يأتي في المرتبة الثانية باعتباره أهم عامل لاتخاذ قرار بالشراء بعد السعر. لذلك يجب على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتجار البيع بالتجزئة عبر الإنترنت تحسين قدرتهم التنافسية باستمرار، وتلبية التوقعات المتغيرة للمستهلكين، والتركيز على تلبية الطلب المتزايد على تجارب التسليم عالية الجودة لتحقيق النجاح.
يمكن تبسيط عمليات التوصيل والتوزيع باستخدام أدوات رقمية، مما يؤدي إلى تحسين رضا العملاء. لقد شهدنا بالفعل كيف تتيح الحلول الرقمية إمكانية تخصيص خدمات تسليم الميل الأخير للتأقلم مع أنماط حياة المستهلكين المزدحمة، مما يمكنهم من اختيار وقت الاستلام والموقع المرغوب فيه، بالإضافة إلى الحصول على تأكيد مرئي للطرود التي تم تسليمها.
نهج الاستدامة
أصبحت سلاسل التوريد المستدامة والعمليات المسؤولة غاية في الأهمية لأن معالجة تحديات تغير المناخ أمر ملح بشكل متزايد. ولذلك فقد أصبحت الشركات من جميع الأحجام في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تركز حالياً، وبدعم من المبادرات الوطنية الطموحة، على تحويل عملياتها إلى عمليات تساهم في حماية البيئة، وأصبح المستهلكون في الواقع يشجعون هذا الاتجاه. ووفقاً لاستطلاع أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) لعام 2022 فإن 82٪ من عملاء الشحن على استعداد لدفع مبلغ إضافي مقابل طريقة تسليم خالية من انبعاث الكربون. ويمكن للعملاء باستخدام الحلول الرقمية لزيادة الكفاءة وتقليل استهلاك الورق، إلى جانب أنها تضيف مزايا جديدة تمنح العملاء مزيداً من التحكم في طرودهم من خلال تقديم إشعارات وخيارات في الوقت المناسب لإعادة جدولة أو إعادة توجيه الطرود مع تغير الجداول الزمنية الشخصية، مما قد يقلل من الانبعاثات والازدحام المروري بسبب الرحلات الضائعة عندما لا يكون المستلمون متواجدين في منازلهم.
لذلك، فإن مزودي الخدمات اللوجستية الذين يطبقون استراتيجية الحياد الكربوني في عملياتهم سيكون لديهم ميزة تنافسية وستكون الأولوية. لا شك أن كهربة المركبات وتحديث الأسطول إلى نماذج أكثر كفاءة سيكونان أولوية.
ومع ذلك، يجب على مزودي الخدمات اللوجستية أيضاً الاستثمار في أنواع الوقود البديلة لتقليل انبعاثات الطائرات والمركبات، ودعم تطوير استراتيجيات عزل الكربون الطبيعي لمعالجة الانبعاثات التي لا يمكن تقليلها من خلال التقنيات الحالية أو المستقبلية.
قواعد النجاح
تعدُّ الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وبلوك تشين عاملاً أساسياً للنجاح وذلك لتبسيط العمليات وتحسين رؤية سلسلة التوريد وضمان إدارة الشحنات بكفاءة وأمان. ومع توسع قطاع التجارة الإلكترونية وسعي المستهلكين للحصول على تجارب توصيل مخصصة، يجب على مزودي الخدمات اللوجستية التكيف مع العصر الرقمي لتلبية الطلبات المتغيرة.
كما أن التركيز المتزايد على الاستدامة وعلى العمليات المسؤولة سيؤدي إلى تمييز ومعرفة مزودي الخدمات اللوجستية الذين يتبنون استراتيجيات الحياد الكربوني ويستثمرون في الحلول الأكثر حماية للبيئة. ولذلك يجب على مزودي الخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الاستمرار في الابتكار والتكيّف ودمج التقنيات المتطورة وممارسات الاستدامة لضمان استمرار نجاحهم والحفاظ على قدرتهم التنافسية في السوق العالمية حتى يتمكنوا من تحقيق الازدهار في هذه البيئة دائمة التغيّر.