في ظل التحولات العالمية، سواءً في مجالات الطاقة أو الصناعة والتعليم، لم تكن الحاجة للابتكار في يوم ما أهم منها في الوقت الراهن. وإذا كان يُنظر للابتكار على أنه حاجة كمالية للمجتمعات في حقبة ما، فإنه -أي الابتكار- أساس للتطور والازدهار في الوقت الحالي، ومن خلاله يتم قياس مدى تطور المجتمعات في كافة مجالات الحياة، وتكفي الإشارة إلى مؤشر الابتكار العالمي والذي يصدر بشكل سنوي لقياس الابتكار لدى الدول في أهم مجالات الحياة كالمناخ السياسي والتعليم والبحوث، والتطوير، والبنية التحتية، والتكنولوجيا. يستعرض هذا المقال المختصر نماذج من بعض الدول التي وضعت سياسات واستراتيجيات خاصة تستهدف الابتكار الحكومي، كما يُسلط هذا المقال الضوء على أهمية صياغة استراتيجية خاصة بالابتكار الحكومي في مملكتنا الحبيبة، خاصة في ظل توفر الأرضية الخصبة للإبداع والابتكار من خلال المبادرات الاستثنائية التي تطرحها الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
إن أحد الأمثلة المتميزة للابتكار الحكومي دولياً هي تجربة المملكة المتحدة والتي يوضحها تقرير «استراتيجية المملكة المتحدة للابتكار: قيادة المستقبل من خلال ابتكاره» والذي يشير صراحةً أن الهدف النهائي هي أن تكون المملكة المتحدة مركزاً للابتكار العالمي بحلول العام 2035. قد لا يسع المجال لذكر التفصيل المذهل لهذه الاستراتيجية، فهي تبدأ من التنظير والتأصيل الصحيح لمفهوم الابتكار مروراً بقائمة الإجراءات العملية التي تضمن تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية، والشركاء الاستراتيجيين والذين يُطلق عليهم بمؤسسات الابتكار. المثال الآخر هي دولة كندا والتي يوجد بها وزير للابتكار والعلوم والصناعة، وهو المسؤول عن الخطة الوطنية للابتكار والتي تم إطلاقها في العام 2017 بهدف جعل كندا مركزاً عالمياً رائداً في الابتكار، وترسيخ مكانة كندا كأحد أكثر الدول في العالم في مجال تعزيز ثقافة الابتكار. وقد يجد القارئ بعض التفاصيل المثيرة للاهتمام في تقرير «بناء شعب مبتكر» والمكون من 90 صفحة. ختاماً، ومروراً بالشرق، فتبدو التجربة السنغافورية من التجارب المتميزة في مجال الابتكار الحكومي وذلك من خلال «الخطة الوطنية للابتكار والبحوث والمشاريع» والتي خُصصت لها ميزانية مقدراها 19 مليار دولار للأعوام من 2016 وحتى 2020، ولعل أكثر ما يثير الاهتمام في هذه الخطة هو تخصيص أكثر من ملياري دولار لتطوير المواهب السنغافورية. بالطبع، هنالك تجارب أخرى رائدة في مجال الابتكار الحكومي، لكن لعل هذا القدر يكفي لإيصال فكرة أن الابتكار يحتاج لعمل منظم ومنهجي.
عودةً إلى مملكتنا الحبيبة، فيمكن القول بدرجة عالية من المصداقية أنه لا ينقصنا شيء لنكون مثالاً عالمياً للابتكار في مجال العمل الحكومي، فهنالك العديد من المقومات والمبادرات الرائدة والاستثنائية التي تقوم بها الحكومة الموقرة برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء كبرنامج رئيس مجلس الوزراء لتنمية الكوادر الحكومية، والذي يسعى إلى رفع مستوى الكوادر الوطنية الشابة من خلال برامج نوعية في البحث والتحليل والقيادة إضافة إلى غيرها من المهارات. كما لا يمكن إغفال الدور المتميز لرعاية المواهب من خلال برنامج سمو ولي العهد للمنح الدراسية العالمية والذي خرَّج مجموعة من الطاقات الشابة الواعدة والذين يتقلدون مناصب مهمة في العمل الحكومي. ومن التجارب المتميزة والرائدة في المجال التعليمي وجود استراتيجية واضحة لدى وزارة التربية والتعليم لرعاية الطلبة الموهوبين في المدارس الحكومية. وفي المجال الرياضي تبرز الخطة الاستراتيجية لتمكين الشباب كأحد المبادرات الرائدة والتي أطلقها المجلس الأعلى للشباب والرياضة برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة. خلاصة القول إن لدينا كافة المقومات والبيئة الخصبة للابتكار، وقد يكمن المجهود الأبرز في جمع كافة هذه الجهود في سياسة وطنية واحدة تضمن الشمولية والتكامل وقياس مؤشرات الأداء بشكل علمي وممنهج.
د. أحمد العباسي
* جامعة الخليج العربي
إن أحد الأمثلة المتميزة للابتكار الحكومي دولياً هي تجربة المملكة المتحدة والتي يوضحها تقرير «استراتيجية المملكة المتحدة للابتكار: قيادة المستقبل من خلال ابتكاره» والذي يشير صراحةً أن الهدف النهائي هي أن تكون المملكة المتحدة مركزاً للابتكار العالمي بحلول العام 2035. قد لا يسع المجال لذكر التفصيل المذهل لهذه الاستراتيجية، فهي تبدأ من التنظير والتأصيل الصحيح لمفهوم الابتكار مروراً بقائمة الإجراءات العملية التي تضمن تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية، والشركاء الاستراتيجيين والذين يُطلق عليهم بمؤسسات الابتكار. المثال الآخر هي دولة كندا والتي يوجد بها وزير للابتكار والعلوم والصناعة، وهو المسؤول عن الخطة الوطنية للابتكار والتي تم إطلاقها في العام 2017 بهدف جعل كندا مركزاً عالمياً رائداً في الابتكار، وترسيخ مكانة كندا كأحد أكثر الدول في العالم في مجال تعزيز ثقافة الابتكار. وقد يجد القارئ بعض التفاصيل المثيرة للاهتمام في تقرير «بناء شعب مبتكر» والمكون من 90 صفحة. ختاماً، ومروراً بالشرق، فتبدو التجربة السنغافورية من التجارب المتميزة في مجال الابتكار الحكومي وذلك من خلال «الخطة الوطنية للابتكار والبحوث والمشاريع» والتي خُصصت لها ميزانية مقدراها 19 مليار دولار للأعوام من 2016 وحتى 2020، ولعل أكثر ما يثير الاهتمام في هذه الخطة هو تخصيص أكثر من ملياري دولار لتطوير المواهب السنغافورية. بالطبع، هنالك تجارب أخرى رائدة في مجال الابتكار الحكومي، لكن لعل هذا القدر يكفي لإيصال فكرة أن الابتكار يحتاج لعمل منظم ومنهجي.
عودةً إلى مملكتنا الحبيبة، فيمكن القول بدرجة عالية من المصداقية أنه لا ينقصنا شيء لنكون مثالاً عالمياً للابتكار في مجال العمل الحكومي، فهنالك العديد من المقومات والمبادرات الرائدة والاستثنائية التي تقوم بها الحكومة الموقرة برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء كبرنامج رئيس مجلس الوزراء لتنمية الكوادر الحكومية، والذي يسعى إلى رفع مستوى الكوادر الوطنية الشابة من خلال برامج نوعية في البحث والتحليل والقيادة إضافة إلى غيرها من المهارات. كما لا يمكن إغفال الدور المتميز لرعاية المواهب من خلال برنامج سمو ولي العهد للمنح الدراسية العالمية والذي خرَّج مجموعة من الطاقات الشابة الواعدة والذين يتقلدون مناصب مهمة في العمل الحكومي. ومن التجارب المتميزة والرائدة في المجال التعليمي وجود استراتيجية واضحة لدى وزارة التربية والتعليم لرعاية الطلبة الموهوبين في المدارس الحكومية. وفي المجال الرياضي تبرز الخطة الاستراتيجية لتمكين الشباب كأحد المبادرات الرائدة والتي أطلقها المجلس الأعلى للشباب والرياضة برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة. خلاصة القول إن لدينا كافة المقومات والبيئة الخصبة للابتكار، وقد يكمن المجهود الأبرز في جمع كافة هذه الجهود في سياسة وطنية واحدة تضمن الشمولية والتكامل وقياس مؤشرات الأداء بشكل علمي وممنهج.
د. أحمد العباسي
* جامعة الخليج العربي