كتبت - سلسبيل وليد:افتتحت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة أمس المؤتمر الدولي بعنوان «المرأة في الحياة العامة.. من وضع السياسات إلى صناعة الأثر»، والذي ينظمه المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فيما أكدت الأمين العام للمجلس هالة الأنصاري جهود البحرين الساعية نحو المستقبل بتبني منهجية صناعة الأثر في استراتيجيتها الوطنية لنهوض المرأة البحرينية التي تسعى لتحقيقها من خلال خطط مقاسة، وفي إطار من التوأمة، والشراكة، والتكامل مع القطاعين الحكومي والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني والدولي.وأكد المتحدث الرئيس خلال المؤتمر، وزير شؤون مجلس الوزراء محمد المطوع، أن الحكومة البحرينية تتبنى سياسات داعمة لتعزيز حضور المرأة في مختلف القطاعات، وبما يدعم تكافؤ الفرص وإدماج احتياجات المرأة في التنمية.وقال «تم إدماج الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية في برنامج عمل الحكومة في الأعوام 2015 وحتى 2018، تفعيلاً للنموذج الوطني في إدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية».وأشار إلى التنسيق الفاعل مع المجلس الأعلى للمرأة في كل ما يتعلق بقضايا المرأة ومنوهاً بجائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لتمكين المرأة البحرينية التي ساهمت بشكل فاعل في ترسيخ مفهوم تمكين المرأة في المؤسسات الرسمية والخاصة.وقال إن حكومة البحرين «تولي مبادرة الحوكمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اهتماماً خاصاً، وهي تعمل على إجراء مراجعات مستمرة للهياكل التنظيمية في الإدارات الحكومية، والتوجه نحو الحكومة الإلكترونية، كما تحرص الحكومة على مراجعة مستمرة للقوانين والتشريعات وتطويرها، وزرع مبادئ الحوكمة في المؤسسات العامة، ورصد وتقييم وتطوير أداء المؤسسات الحكومية بالتعاون مع الشركاء الأساسيين لكسب رضا المتعاملين من الرجال والنساء، وقد قطعت المملكة شوطاً كبيراً في هذا المجال من خلال مشاركة متميزة كانت محل إشادة من المنظمات الدولية.وأضاف «نتطلع إلى مخرجات هذا المؤتمر للاستفادة منه في رفع الإنتاجية وتطوير الكفاءات بما يعزز تنافسية القطاع العام ومواكبة متطلبات التنمية المستدامة، والاستفادة من أفضل الممارسات الدولية وإشراك كل الفئات في دفع عجلة التنمية».واستعرض المطوع عدداً من الأرقام والمؤشرات الدالة على تطور حضور المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البحرين، مؤكداً أن هذا التطور يعكس نجاح سياسة المجلس الأعلى للمرأة في تمكين المرأة البحرينية.وأوضحت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري، في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر، أن المجلس الأعلى للمرأة تبنى منهجية المتابعة والتقييم المستمر لما يطرأ على المجتمع من تطور في الوعي، مع رصد انعكاسات ذلك الوعي كأثر قابل للقياس في الممارسات المجتمعية، وفي ارتفاع نسبة حضور المرأة ومشاركتها.وأكدت حرص المجلس الأعلى للمرأة على مشاركة حضور مؤتمر «المرأة في الحياة العامة.. من وضع السياسات إلى صناعة الأثر» تجربة البحرين في مجال إدماج احتياجات المرأة في مسار التنمية في إطار تكافؤ الفرص كتجربة ذات طابع وطني تأخذ في الاعتبار منظومة القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية. وأشادت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة بمدى الاهتمام الذي تقدمه منظمة OECD لمساندة ومتابعة حجم التقدم الذي تحققه المرأة في منطقتنا العربية، وأعربت عن تقدير المجلس اختيار مملكة البحرين لإقامة وتنظيم هذا المؤتمر الهام الذي نتطلع إلى مخرجاته وتوصياته، كإضافة علمية ومعرفية في رحلة التطوير والتجديد لكل ما من شأنه أن يمكن المرأة في كل أنحاء العالم من التمتع بكامل حقوقها الإنسانية، ولتترك أثراً إيجابياً أينما وجدت. من جانبها، قالت نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ماري كيفينيمي، في كلمة لها خلال المؤتمر «أتينا إلى هنا حتى نتعرف عن كثب على التقدم الحاصل في تصميم سياسات المساواة بين الرجل والمرأة وتطبيقها والتقدم الحاصل في هذا المجال في البحرين وكذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».وأكدت كيفينيمي ضرورة تسريع الانتقال من وضع السياسات إلى تطبيق ودراسة الأثر، وأضافت أن المؤتمر سيشهد حوارات موسعة حول إدماج احتياجات المرأة في السياسات العامة. وأشارت إلى أن «المساواة بين الجنسين مهمة جداً من أجل حشد الطاقات البشرية للرجال والنساء على السواء من أجل تحقيق نمو اقتصادي متكامل ومستدام».وأضافت أن توقعات OECD تؤكد أن النمو الاقتصادي سيرتفع 12 بالمائة خلال العشرين عاماً المقبلة في حال تمكنا من دمج المرأة في الحياة العامة والعمل بشكل كامل».وأشادت بمشاركة المجلس الأعلى للمرأة الفاعلة والدائمة في كل الندوات وورش العمل التي عقدتها منظمة OECD خلال السنوات الماضية، منوهة بدستور البحرين عام 2002 الذي منح المرأة البحرينية حقوقها السياسية وحق التصويت ونفاذاً أكبر للموارد المتاحة».وتطرقت إلى التقدم الحاصل أيضاً في دول أخرى مثل مصر التي حققت النساء فيها 15% في البرلمان، وفي الأردن هناك 18 مقعداً للنساء في البرلمان، وتونس التي سنت دستوراً جديداً يكرس مساواة المرأة، وغيرها.قالت وكيل الأمين العام، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الأسكوا»، ريما خلف، إن مؤتمر «المرأة في الحياة العامة.. من وضع السياسات إلى صناعة الأثر» ينظر في حال المرأة العربية، وتدارس السبل الكفيلة برفع مساهمتها في الحياة العامة، موضحة أن الدول العربية بذلت جهوداً مكثفة لتعليم الفتيات وتمكينهن، وتعزيز مساهماتهن في السياسة والاقتصاد.وقالت «ظهرت تشريعات كرست مساواة المرأة مع الرجل، كما جرى إدخال تعديلات على قانون العمل لتحقيق مساواة بين المرأة والرجل، وسن قوانين جديدة لمكافحة العنف ضد المرأة، ويعود جزء من الفضل في تحقيق هذه الإنجازات للحركات النسائية التي ناضلت لفرض مبدأ المساواة في الدساتير.وتطرقت خلف إلى الإنجازات التي حققتها المرأة بجهدها الذاتي، ودخولها تخصصات علمية مختلفة، ومسميات وظيفية في مختلف ميادين العمل، مؤكدة أن المرأة العربية باتت تشارك بقوة في مؤسسات المجتمع المدني، لكنها أوضحت في الوقت ذاته أن الطريق مازال طويلاً أمام المرأة العربية لتقف على قدم المساواة مع نظيراتها في الدول المتقدمة.بدوره، أشار المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية محمد الناصري إلى تصاعد التحديات أمام المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع تصاعد وتيرة النزاعات المسلحة والتطرف، مقابل وجود فرصة حقيقية للبناء على ما تم تحقيقه لاستكمال مسيرة المرأة باتجاه مساواة ذات معنى.وقال إن الأمم المتحدة تدرك أن الاستثمار بمستقبل الفتيات والنساء ليس خياراً وإنما ضرورة كاملة، لذلك بادرت إلى تضمين تمكين المرأة في الأهداف الإنمائية الجديدة، مع التركيز على القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة، وضمان مبادرة جميع الدول إلى وضع سياسات توفر فرصاً عادلة أمام جميع أفراد المجتمع.عقب ذلك عقد مؤتمر «المرأة في الحياة العامة.. من وضع السياسات إلى صناعة الأثر» أولى جلساته تحت عنوان «تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة للسياسات الاقتصادية الشاملة» أدارها محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، وتحدث فيها كل من منسقة خطة الأمم المتحدة لتحقيق المساواة وتمكين المرأة في الأسكوا د.مهرناز العوضي، ووزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة في المغرب محمد مبديع، ووزيرة شؤون المرأة في دولة فلسطين هيفاء الآغا، ووزيرة التعليم والعلوم السابق في إيرلندا ماري هانافين، والمنسق العام لمكتب التعاون الفني بمصر في الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي آنا ماريا سالازارا دي لا غورا.وجرى خلال الجلسة التركيز على ممارسات الدول والتقدم المحرز في سد الفجوة بين الجنسين في الحياة العامة وتعزيز مشاركة المرأة على وجه الخصوص من خلال وصول المرأة إلى المناصب القيادية العامة، وإدماج احتياجات المرأة في الموازنات والسياسات والبرامج، وأثر مشاركة المرأة في الحياة العامة على النمو الشامل والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.قالت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية هيفاء الآغا إن المرأة الفلسطينية مناضلة فهي الأم التي تربي والتي تلد والتي تدافع عن أرضها ودينها، ففي حرب فلسطين الأخيرة ترملت 790 امرأة، وتيتم 1800 طفل، إضافة إلى 10 نساء شهيدات و30 طفلاً وأكثر من 10 آلاف جريح كلها أضيفت للأعداد السابقة منذ بداية الاحتلال الفلسطيني. وأضافت أن المرأة هي نموذج يحتذى به خصوصاً برعايتها للأسر وقدرتها على تحمل المسؤولية واندماجها بتنمية المجتمع فهي تشكل 49.4% من تعداد السكان وتعتبر المجتمع وإذا صلحت صلح المجتمع. وأوضحت أن نسبة النساء العاملات يشكلن 41% في المجالات المتوسطة والمتدنية بالقطاعين، و20% في القطاع الحكومي فقط، على الرغم أن نسبة الإناث في الجامعات كل 145 طالبة تخرج 100 طالبة، في حين أن المراتب القيادية التي تحتلها النساء لا تتجاوز 10.5%.وأشارت إلى أن نسبة الأمية بين النساء تبلغ 7.1% وتعتبر متدنية، وفي المدارس من أولى ابتدائي إلى الثانوي كل 125 فتاة يقابلها 100 ذكر، ولكن في التوظيف نرى العكس أن الرجال أكثر من النساء بالرغم من كفاءتهن، فالبطالة بين النساء تصل إلى 38.4% مقابل 23.9% للرجال.وتابعت أن نسبة النساء اللاتي يعلن أسرهن ارتفعت مؤخراً من 6% إلى 10%، فيما تشكل نسبتهن في القضاء 15.6% والذكور 84.4%، في حين أن نسبتهن في الصحافة 20%، وبمجالس الطلبة 26.8% نساء.ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على جهود الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجالات مشاركة المرأة في الحياة العامة، واستعراض التقدم المحرز في تطبيق توصيات تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث «المرأة في الحياة العامة: النوع الاجتماعي والقوانين والسياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، حيث يبرز هذا التقرير الاتجاهات الرئيسة لسياسات إدماج احتياجات المرأة والإصلاحات القانونية عبر المنطقة. كما يقدم توصيات تتعلق بالسياسات القائمة على المعايير الدولية والممارسات الجيدة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.ويناقش المؤتمر في الجلسة الثانية لليوم الثاني موضوع «تعزيز الوصول إلى تكافؤ الفرص في القطاع الخاص حيث سيتم تسليط الضوء على نهج الدول والتقدم المحرز والحواجز المتبقية لإدماج احتياجات المرأة في القطاع الخاص، بما في ذلك تعزيز الوصول إلى تكافؤ الفرص وإدماج احتياجات المرأة في ممارسات القطاع الخاص والشركات، والتحديات والعوائق المؤسسية المتبقية لإغلاق الفجوة بين الجنسين في القطاع الخاص ومجالس إدارات الشركات، وأثر الحصول على تكافؤ الفرص في الأداء التنظيمي في القطاع الخاص والاقتصاد الأوسع نطاقاً، إلى جانب التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الوصول إلى تكافؤ الفرص. أما الجلسة الثالثة في اليوم الثاني، فتناقش موضوع «دور المجتمع المدني في تعزيز إدماج احتياجات المرأة» حيث سيتم استعراض ممارسات الدول فيما يتعلق بدور المجتمع المدني في تعزيز إدماج احتياجات المرأة. على وجه الخصوص من خلال دور وإنجازات المجتمع المدني في تعزيز السياسات والقوانين المتعلقة بإدماج احتياجات المرأة، والقدرات والأدوات المتاحة أمام منظمات المجتمع المدني لتعزيز الممارسات المتعلقة بإدماج احتياجات المرأة.