عواصم - (الجزيرة نت): تدفع فرنسا - إلى جانب تركيا وأطراف دولية أخرى - في اتجاه إقامة منطقة آمنة شمال سوريا كخطوة قد تساهم في تضييق الخناق على تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، لكن ذلك التوجه لا يبدو في المتناول بعد أن باتت أجواء سوريا شبه محظورة على تركيا.وبعد الهجمات التي هزت العاصمة باريس يوم 13 نوفمبر الماضي وراح ضحيتها 130 قتيلاً ومئات الجرحى، بدا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أثناء أول ظهور إعلامي في موقف أعاد إلى الأذهان حالة الرئيس الأمريكي جورج بوش في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة. وفي خضم حالة الاستنفار والهلع وتواصل تعداد القتلى والجرحى، أعلن الرئيس هولاند حالة الطوارئ في البلاد وإغلاق حدودها البرية وسط تعاطف دولي غير مسبوق، قبل أن يبدأ في الأيام التالية جولة واسعة قادته إلى كبرى العواصم الغربية «واشنطن، برلين، لندن، روما»، والتحليق لاحقاً إلى روسيا وتركيا، سعياً لنفير دولي ضد «داعش» الذي تبنى هجمات باريس.كان المسعى الفرنسي يتمثل في تشكيل تحالف دولي يضمن أكبر عدد ممكن من القوى الدولية لخوض حرب حقيقية على تنظيم الدولة، وتحديداً في المناطق الخاضعة لنفوذه بشمال سوريا بالرقة وإدلب، وذلك في ظل محدودية نتائج الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة منذ عام وظلت مكتفية بغارات جوية لم تحل دون تمدد التنظيم في سوريا وبلاد الرافدين.لكن أحلام فرنسا في توحيد الصف الدولي ضد تنظيم الدولة اصطدمت بتضارب حسابات الأطراف الدولية في الساحتين العراقية والسورية، وهي حسابات ورهانات ازدادت تعقيداً بتفاقم التوتر بين موسكو وأنقرة على خلفية إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية على الحدود مع سوريا.وقبل السعي لتشكيل تحالف دولي، لم تجد فرنسا بُداً من حشد قواتها الذاتية والبدء في شن ضربات جوية على مواقع تنظيم الدولة في الأراضي السورية، بعدما اقتصر دورها ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن على المشاركة في ضربات جوية على التنظيم في العراق فقط. ومضت باريس في ضراوة حملتها على تنظيم الدولة بالدفع بحاملة الطائرات الشهيرة «شارل ديغول» إلى محيط الأزمة لشن مزيد من الضربات الجوية على معاقل التنظيم المتطرف في محافظة الرقة. وبدل ذلك التحالف الدولي الطموح، حصلت فرنسا على دخول أطراف دولية قوية بارزة في الحرب على «داعش»، على رأسها بريطانيا وألمانيا، بعدما أعطى برلمانا البلدين الضوء الأخضر لحكومتي أنغيلا ميركل وديفيد كاميرون لشن غارات جوية على تنظيم أبو بكر البغدادي في سوريا.كما ضمنت فرنسا في أعقاب لقاء الرئيس هولاند بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، مزيداً من التنسيق في السماء السورية مع سلاح الجو الروسي الذي دخل سوريا منذ نهاية سبتمبر الماضي تحت مظلة محاربة ما يسمى الإرهاب، بينما يقول كثيرون إن هدفه هناك هو دعم نظام الرئيس بشار الأسد.وتلقت فرنسا تعهدات دعم وتنسيق من تركيا التي تعد طرفاً مهماً في الأزمة السورية بحكم الجوار، ولأنها تستضيف على أراضيها نحو مليوني لاجئ سوري، ولكونها اكتوت أيضاً بنيران «داعش» الذي ضرب بقوة وأكثر من مرة في الأراضي التركية.وتدفع فرنسا - إلى جانب تركيا وأطراف دولية أخرى - بقوة في اتجاه إقامة منطقة آمنة شمال سوريا كخطوة قد تساهم في تضييق الخناق على «داعش»، لكن ذلك التوجه لا يبدو في المتناول بعد أن باتت أجواء سوريا شبه محظورة على تركيا في ظل غضب روسيا التي نشرت منظمة صاروخية متطورة، وما فتئت تردد أنها لن تنسى إسقاط الأتراك لطائرتها «السوخوي 24» قرب الحدود السورية الشهر الماضي.