أيمن شكل
أكد رجال دين أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم تمثل أعلى درجات العبودية لله تعالى لأنها تعني الالتزام بأوامر الله تعالى وتجنب نواهيه، داعين المسلمين إلى الالتزام بمنهج الرسول للنجاة في الدنيا والآخرة. وقالوا إن «ثواب طاعته صلى الله عليه وسلم الجنة مع الصديقين والشهداء».

وأكد الشيخ يوسف الريس، أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة وهي أمر مستقر عند المسلمين كافة، منوهاً بقوله تعالى في الآية 64 من سورة النساء، «وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله»، وكذلك العديد من الآيات في الذكر الحكيم التي تتطرق لهذه المسألة بوجوب طاعة الرسول والتي اقترنت بطاعة الله سبحانه وتعالى. ومن هذه الآيات قوله تعالى: «وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون»، «آل عمران: 132»، وقوله تعالى: «من يطع الرسول فقد أطاع الله»، «النساء: 80»، وقال تعالى: «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا»، «الحشر: 7».

ولفت الريس إلى واقعة حدثت في أثناء حجة الوداع حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ممن ليس معهم هدي أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة.. فتلكأ بعضهم وقالت عائشة: فدخل عليَّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله، أدخله الله النار. قال «أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون»، أخرجه مسلم، مؤكداً أن غضبه صلى الله عليه وسلم لمجرد ترددهم، كان سببه الخوف عليهم من غضب الله عليهم لمعصيتهم رسوله.

وأضاف الريس قائلاً: «إن درس غزوة أحد لا ينسى، في وجوب طاعة رسول الله حين خالف الرماة أوامر النبي عليه السلام بأن يبقوا صامدين فوق الجبل وشدد عليهم بالبقاء في أماكنهم سواء شاهدوا النصر أو الهزيمة للمسلمين، ولكن في أثناء القتال وكان النصر والفوز من نصيب المسلمين وبدأ الكفار بالتراجع، شاهد الرماة جموع المقاتلين المسلمين يجمعون الغنائم فغلبهم حب الدنيا ونزل معظمهم ليجمعوا معهم الغنائم، رغم تذكير عبد الله بن الجبير قائدهم بأوامر الرسول إلا أنهم خالفوا الأوامر ونزلوا فتحول النصر لهزيمة».

وأشار إلى الثواب العظيم الذي رتب سبحانه وتعالى لمن أطاع الله ورسوله حين قال تعالى في سورة النساء، «69»، «ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً»، وقال: جعلنا الله ممن أطاعه وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم.

وشدد الشيخ عبدالله المناعي على أن طاعة الرسول واتباع سنته ومنهجه تفتح للمسلم أبواب الخير الكثير في الدنيا والآخرة، مشيراً إلى قوله تعالى: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً» «النساء: 65». وكذلك ارتباط طاعة الرسول بالهداية للمسلم في قوله تعالى: «وإن تطيعوه تهتدوا» «النور: 54».

وأوضح أن سبب تراجع الأمة اليوم يعود إلى ابتعاد المسلمين عن السير على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وهذا المنهج فيه العقيدة والدين والحياة والفوز بالجنة والنجاة من النار، لقوله تعالى «ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم» «النساء: 13»، وما جاء في محكم التنزيل: «فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون» «الأعراف: 158».

كما نوه المناعي إلى الحديث الشريف عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى»، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال «من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى»، رواه البخاري، وقال: «على الأمة أن تجدد إيمانها بإطاعة الرسول».

من جانب آخر أشار د. عبدالستار الهيتي إلى قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً»، وكذلك قوله تعالى: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم»، وقال إن الله تعالى قد بين في هذه الآيات أن المسلم لا يبلغ درجة الإيمان الحقيقي حتى يحكم الله ورسوله في جميع أموره وحتى ينتفي الحرج والضيق في هذه الطاعة؛ بمعنى أن تكون الطاعة بقناعة تامة ورضا كامل، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلم لحكمه تسليماً بانشراح صدر وطمأنينة نفس وانقياد بالظاهر والباطن.

وأكد د. الهيتي أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم تمثل أعلى درجات العبودية لله تعالى، لأن تلك الطاعة تعني الالتزام بأوامر الله تعالى وتجنب نواهيه، ولا تقتصر طاعة النبي على ناحية من نواحي الحياة وإنما تشمل أن يكون الإنسان محمدياً في جميع مظاهر الحياة وجوانبها العامة.

وأوضح أن الطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم، تتضمن كل أشكال السلوك الإنساني الإيجابي في الدنيا، وتشمل جميع الأنشطة البناءة المفيدة المختلفة والمتعددة للفرد والمجتمع على حد سواء، وتمثل أعلى درجات الرقي الأخلاقي لقوله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وقال إن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم بشارة لجميع المسلمين في ضمان شفاعته يوم القيامة لجميع من آمن بالله لا يشرك به شيئا فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة من مات منهم، لا يشرك بالله شيئا».

واختتم بالقول: لذلك يحق للأمة أن تحتفل برسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الالتزام بسنته وتطبيق شرعه وكثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لمضاعفة الأجر والثواب «من صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ما من أحد يُسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ رُوحي حتى أردّ عليه السلام»، «البخيل مَن ذُكِرْتُ عنده ولم يُصَلِّ عليَّ». اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.