إرم نيوز
تمكن باحثون من رسم "خريطة شاملة للدماغ البشري" في خطوة مبتكرة ورائدة، قد تقود لاكتشاف كميات هائلة من المعلومات، مما يبشر بثورة في فهم كيفية عمل الدماغ.
ووفق موقع "ساينس نيوز" يمثل هذا الجهد البحثي الهائل بداية استكشاف أعمق لعالم الدماغ الغامض، حيث يقدم رؤى غير مسبوقة حول الخلايا التي يتشكل منها هذا العضو الغامض ويسلط الضوء على كيفية توليد الدماغ للأفكار والأفعال والذكريات.
علاوة على ذلك، يمكن لهذه النتائج أن تكون بمثابة بوصلة ترشد العلماء نحو سعيهم للكشف عن أصول الاضطرابات العصبية مثل الفصام، ومرض الزهايمر، والاكتئاب.
تقنية جينوميا الخلية الفردية
وهذه الخريطة الشاملة للدماغ البشري هي نتيجة لمبادرة بحثية دولية تُعرف باسم شبكة تعداد خلايا مبادرة الدماغ التابعة للمعاهد الوطنية الصحية (BICCN)، والتي تم إطلاقها في عام 2017.
وتعتمد العديد من الدراسات في هذه المبادرة على تقنية جينوميا الخلية الفردية، وهي التي تكشف عن الجينات النشطة داخل الخلية الواحدة، مما يقدم دلائل حول دورها وهويتها.
وضمن إطار هذه المبادرة، بدأ الباحثون بفحص مجموعة متنوعة من الأدمغة، حيث تناول أحد المشاريع أنسجة دماغية حية صغيرة من 75 شخصًا خضعوا لاستئصال الأورام أو علاج الصرع، فيما نظرت إحدى الدراسات في عينات من دماغ 17 طفل متوفين، في حين قارنت دراسة ثالثة بين أنسجة المخ عند البشر، والشمبانزي، والغوريلا، والقردة.
ووسط هذا التعقيد، ظهرت بالفعل تلميحات حول كيفية تطور الأدمغة البشرية، والتباين بين الأفراد، وكيف تختلف أدمغة البشر عن أدمغة القردة، فيما كشفت الدراسات التي ركزت على أدمغة الشباب عن تفاصيل حول الخلايا العصبية، وهجرتها من مناطق من الدماغ النامي.
وأكدت نتائج أخرى على الأهمية الحاسمة للسنوات الأولى في نمو الدماغ، مشيرة إلى أن الالتهاب أثناء مرحلة الطفولة قد يغير نمو الخلايا العصبية في مناطق معينة.
التباين في مناطق الدماغ
بالإضافة إلى ذلك، استكشف جانب آخر من البحث التباين في مناطق الدماغ بين الأفراد، حيث لاحظ هذا النهج أن الخلايا النجمية في الدماغ تستخدم جيناتها بشكل مختلف اعتمادًا على موقعها، وهذا الاكتشاف يشير إلى أن هذه الخلايا، المعروفة بدورها في مساعدة الخلايا العصبية على تكوين اتصالات والمحافظة على صحة نسيج الدماغ، قد تكون متخصصة لمناطق معينة.
كما استعرضت الدراسة ثماني مناطق من القشرة الدماغية، وهي المسؤولة عن التفكير على مستوى عال، حيث اكتشف الباحثون أن الخلايا في تلك المناطق موحدة إلى حد ما، وتنقسم بانتظام إلى 24 فئة، ولكن هناك اختلافا في نسب هذه الخلايا بين المناطق، إلا أن معنى ذلك بالنسبة لكيفية عمل هذه المناطق يظل مجهولاً.
خلايا الدماغ البشرية
وبمقارنة أدمغة الإنسان مع أدمغة الشمبانزي والغوريلا والقردة، سعى البحث إلى كشف ما يتميز به البشر، ففي حين كانت هناك درجة مدهشة من التشابه الخلوي، أظهرت خلايا الدماغ البشرية استخدامًا تفاضليًا للجينات، خاصة في الجينات المرتبطة بالاتصال الخلوي وتكوين الاتصال.
وأكد الموقع أن هذه النتائج تمثل قفزة غير عادية إلى الأمام في فهمنا للدماغ البشري، كما أنها بمثابة شهادة على التقدم والإمكانات اللامحدودة للاكتشافات المستقبلية في مجال علم الأعصاب. ومع ذلك، فهي مجرد بداية لرحلة طويلة من الأبحاث.