أسعار المعدن الأصفر تراجعت لفترة محدودة لم تستمر سوى بضعة أيام وعاودت صعودها هذا الأسبوع مع احتمال رفع الفيدرالي الأمريكي نسبة الفائدة مجدداً بعد أن تبين أن عدم انخفاض التضخم في الولايات المتحدة في شهر سبتمبر الفائت. ودفعني فضولي خلال الانخفاض المؤقت لزيارة محلات بيع سبائك الذهب في سوق المنامة للاطلاع على أحوال حركة شراء الذهب.
وخلال الجولة والتي شملت عدة محلات وجدت اكتظاظاً غير مسبوق للاستثمار في سبائك الذهب بأغلب أحجامها والإقبال الأكبر كان على السبائك ذات الوزن الثقيل نسبياً مثل ١٠٠ جرام و ١٠ تولات حتى إنها أصبحت شحيحة في السوق. والمفاجئ أن شباباً بحرينيين في عمر العشرين والثلاثين كانوا هم الأكثرية في هذه المحلات يسألون عن السعر ويتفاوضون من أجل الحصول على تخفيض. طبعاً، أبناء القارة الهندية كانوا متواجدين بكثرة أيضاً، فالاستثمار في الذهب أمر متوارث بينهم ويعتبر بالنسبة لهم من أساسيات حفظ وتضخيم الثروة.
وأرجح أن رغبة الشباب في خوض مغامرة الاستثمار في الذهب يعود لانتشار حسابات على الإعلام الجديد يظهر فيها شباب أيضاً من الذين درسوا الاستثمار يقدمون نصائح استثمارية ويشجعون المتابع على خوض تجارب في الاستثمار من أجل تحسين الوضع المالي للفرد. ويضاف إلى ذلك رغبة عند الشاب -الجاد المهتم بمستقبله المالي - على الإقبال على المخاطرة وكسر حواجز التردد من أجل التطور المالي. فالشاب بإمكانه امتصاص الخسائر وتعويضها أكثر من الذين هم أكبر منه عمراً.
لكن وبغض النظر عن ما يقدمه الإعلام الجديد من نصائح استثمارية، فالمخضرم والمستثمر الناجح العجوز «وارين بافيت» لا يفضل الاستثمار في الذهب إطلاقاً لأن الذهب لا يعطي مدخولاً ولا يوزع أرباحاً مثل ما تفعل الأسهم وخاصة أسهم الشركات الأمريكية. وهو يرى أن تكلفة الفرصة Opportunity Cost في حال الاستثمار في الذهب عالية مقارنة بالأسهم. ولعله محق في ذلك حيث يتفوق مؤشر «ستاندرد اند بور 500 - 500 S&P»، الشهير وبجدارة على ارتفاع سعر الذهب في أغلب السنوات الخمسين الماضية!