منذ أن بدأت الأحداث في قطاع غزة بتاريخ 7 أكتوبر وإلى يومنا هذا، فإن الأوضاع السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط خرجت عن سيطرة اللاعبين بالمنطقة بل حتى اللاعبين الدوليين.
فكل يوم نشهد خسارة أرواح بشرية وسيلاً من الدماء الذي لا يقف، ووسط انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني من قبل إسرائيل، وقد أشارت الدول الخليجية والعربية في اجتماعاتها الإقليمية أو في المؤسسات الدولية ذلك، فغزة أصبحت للأسف الشديد يكسوها الدمار من كل جانب.
إلى أن وصلنا لمرحلة أن الهدف الإسرائيلي من هذا الهجوم هو استهداف حماس وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، بالمقابل تتحرك حماس بالدفاع عن غزة كعقيدة هجومية تتمثل في الهجوم خير من الدفاع، إلى أن قررت تل أبيب أن تخوض حرباً برية وهذا سيكلفها كثيراً.
الموضوع لا يقف عند هذا الحد، فإيران تستمر في تهديد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتمثل في أن التدخل البري يستدعي على المحور الآخر وهو حزب الله اللبناني والأذرع في سوريا والعراق واليمن بأن يتدخل في مرحلة ما، وقد سبق وقاموا بهجمات على قواعد أمريكية من جانب، ومن جانب آخر تم استهداف قطع بحرية أمريكية على البحر الأحمر، أضف إلى الصواريخ الذي يطلقها ميليشيا الحوثي الإرهابية وبالنهاية فهي لا تكمل طريقها وتسقط في سيناء.
في ظل هذه الظروف، نستنتج حسب نظرية الواقعية السياسية أن الأوضاع قد خرجت عن السيطرة بما معناه أن إسرائيل لم تقف عند أهدافها في ظل الدعم الأمريكي، وغزة ستظل صامدة لأنها ليس لديها شيء لتخسره، بل على العكس فهي تحارب إسرائيل في ميدانها وهذا يعطيها أسبقية في تحقيق خسائر لإسرائيل، بالمقابل فإن الضحية الأكبر هم المدنيون.
أما على صعيد اللاعبين بالمنطقة، فهم لا يملكون أدوات الضغط على القرار الإسرائيلي، بمعنى أن من يحارب الآن هي واشنطن وليس تل أبيب، وهذا يعني أن أدوات الضغط يجب أن تتناسب مع دولة كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية، فنقطة الضغط الوحيدة والسحرية التي لا يمكن للبيت الأبيض أن يقاومها هو تحريك الرأي العام الأمريكي الداخلي وجعلها ورقة يمكن بها تغيير الدعم لإسرائيل من عسكري إلى إيجاد مخرج أو تسوية دبلوماسية تتحاشى التصعيد والتوسع في مناطق الاشتباك، فتفعيل شبكات العلاقات مع الدول العربية والخليجية مع أعضاء الكونجرس والشركات المالية الضخمة والمنظمات غير الحكومية الأمريكية هي الحل الأمثل للتأثير على القرار في وقف الحرب.
خلاصة الموضوع، أن أمريكا وإسرائيل باختصار لا تنظر لا للقيم الغربية ولا للقانون الدولي الإنساني وهذا ليس سوى حبر على ورق ولن تعترف بأي قرارات صادرة من المؤسسات الدولية، بمعنى تحريك الرأي العام في الجانبين في تل أبيب وواشنطن هو أفضل حل أما غير ذلك فلن يكون له قيمة، وعليه بوجهة نظري، فالأحداث في فيتنام وأفغانستان والعراق كانت مثالاً واضحاً حول تأثير الرأي العام المحلي على القرار السياسي الخارجي لواشنطن.