هناك وجهة نظر منطقية جداً بأن ما حدث في السابع من أكتوبر كان فخاً استُدرجت له حماس بعلم ودراية الإدارة الأمريكية تغاضت فيه عن مؤشرات عديدة تدلّ على أن حماس مُقدِمة على عمل كبير، والغرض هو التخلّص من جناحين متطرفين «فلسطيني وإسرائيلي» بتوافق المجتمع الدولي الذي سيُحمّل الاثنين اللوم على ما حدث، كي تتمكّن إدارة بايدن من الوصول إلى حلّ الدولتين بصعود طرفين معتدلين يقبلان الحلول البديلة المطروحة.
عموماً لسنا وحدنا من يشكّك برواية الأمريكيين حول «تفاجئهم» بما حدث في السابع من أكتوبر في إسرائيل، أو على صعيد آخر لسنا وحدنا من يشكّك بتصريحات مسؤوليهم أنه لا علاقة «لإيران» أو علم، بما قامت به حماس كما صرّح وزير الخارجية أنتوني بلينكن: «لم نرَ بعد دليلاً على أن إيران وجهت هذا الهجوم بالتحديد أو كانت وراءه». فهذه الشكوك يتداولها حتى الإسرائيليون أنفسهم.
«لي سميث» وهو صحفي أمريكي وعضو في معهد هدسون في مجلة «تابلت» وهي مجلة تُعنى بأخبار اليهود وثقافتهم، ذكر أن العديد من الإسرائيليين يشكّكون في الرواية الأمريكية، وأورد «لي» عدة أسباب لذلك الشكّ، وقبل أن يُشير للأدلة المتعلّقة بالحدث الأخير يقوم بتذكير القارئ بالعلاقة الوثيقة بين الإدارة الأمريكية الحالية وإدارة أوباما السابقة بإيران وبحماس «فإن المبعوث السابق لإدارة بايدن لإيران، روبرت مالي، دعم وسهّل شبكة تجسّس إيرانية، وجلب أحد أصول النظام الديني، أريان طباطبائي، إلى الحكومة. وهي لاتزال في البنتاغون، حيث تحصل بصفتها رئيسة أركان مساعد مدير الدفاع للعمليات الخاصة، كريستوفر ماير، على تصاريح سرية للغاية».
كما «خصصت إدارة بايدن 72 مليون دولار لدفع رواتب كلٍّ من القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي في البلاد. وإحدى المهام الكبرى لقوى الأمن الداخلي هي استهداف شبكات التجسس الإسرائيلية داخل لبنان. وفي عام 2022، قامت قوى الأمن الداخلي بتفكيك ما لا يقل عن 17 شبكة إسرائيلية متمركزة في لبنان!!». «انتهى».
فلمن يقدّم هذا الدعم الأمريكي لإسرائيل أم إيران وحماس؟
ثم تساءل الكاتب كيف للولايات المتحدة أن تتجاهل خطر إيران وخطر حماس على إسرائيل، فحين سأل الدبلوماسي السابق دينيس روس بعد السابع من أكتوبر ألم تكن الاستخبارات الأمريكية تتابع حماس؟ فأجاب «ليس هناك سبب محدّد يدفع الولايات المتحدة إلى تدريب أصول استخباراتية هائلة على حماس، التي لم تشكّل تهديداً لنا على الإطلاق». «من الصعب جداً أن نقول إن هذا كان فشلاً من جانبنا. لكنني أعتقد أنه من الواضح أنه فشل استخباراتي إسرائيلي». «انتهى».
لا بأس.. هذا عن عناصر استخباراتية تطلب جهداً لزرعها في حماس، إنما ماذا عن قادة حماس في قطر؟ «فبالرغم من أن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط موجودة في قطر في قاعدة العديد الجوية، وهي أيضاً المقرّ الأمامي للقيادة المركزية الأمريكية. وتستضيف الإمارة الخليجية زعيم حماس إسماعيل هنية، والزعيم السابق خالد مشعل. ويعتقد مسؤولو الاستخبارات الأمريكية أنه من الأسهل مراقبة هنية في قطر حيث يكون لديهم قدر كبير من الرؤية لما يفعله. ومع ذلك، وفقاً للمسؤولين الأمريكيين، لم يتعقبوا حماس!».
ودعك من هذا كله، ألم تجتمع حماس وحزب الله؟ في أبريل الماضي كما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن «إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، وحدة الإرهاب الأجنبية التابعة للحرس الثوري الإسلامي، كان يجتمع في بيروت مع هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. ثم أطلق حزب الله دفعة من الصواريخ من الشمال، وأطلقت حماس النار من الجنوب، وأبحر وابل آخر عبر الحدود السورية. وكان من الممكن أن يرسل الإيرانيون ساعياً ليطلبوا من حلفائهم إطلاق بضعة صواريخ على الإسرائيليين. ولكن مع اجتماع قائد فيلق القدس على الأرض مع قادة حماس وحزب الله، كان هناك شيء أكبر يجري الإعداد له».
ثم أضاف «ووفقاً لمقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 13 أكتوبر، فإن مقاتلي حماس الذين طاروا بالطائرات الشراعية إلى إسرائيل، تلقوا تدريباتهم في لبنان. يبدو من غير المرجح أن تكون الولايات المتحدة، من خلال عمليات استخباراتية مكثفة هناك، قد فاتتها بطريقة أو بأخرى جحافل المظليين الذين يتدفقون بشكل عشوائي للقيام بالتدريب في لبنان في نفس الوقت - لأسباب ليس أقلها أن سفيرة الولايات المتحدة في لبنان، دوروثي شيا، متحمسة للطيران المظلّي ونشرت مقاطع فيديو لمغامراتها الجوية في منتصف أغسطس».
لذلك كان استنتاج لي سميث «يبدو إذن أن الولايات المتحدة كان لديها تيار منفصل من التقارير لم تنقله إلى الإسرائيليين». «انتهى».
والسؤال الآن هل فعلاً سعت الإدارة الأمريكية إلى استدراج حماس واستدراج الليكود معاً للخلاص من متطرفي الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني؟